قال النسائي في سننه 401 – أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا معاذ بن هشام قال حدثني أبي عن عطاء عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر.
هذا حديث قوي وله شواهد وقد خرجه النسائي في سننه التي لا يخرج فيها المنكر حتى سماها الدارقطني صحيح النسائي والحديث صححه أيضاً ابن خزيمة
وله شاهد من آثار عديدة عن الصحابة والتابعين
قال ابن أبي شيبة في المصنف 1180- حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْيدِ اللهِ ، قَالَ ، مَرَرْتُ إلَى الْحَمَّامِ فَرَآنِي أَبُو صَادِقٍ ، فَقَالَ : مَعَك إزَارٌ فَإِنَّ عَلِيًّا كَانَ يَقُولُ ، مَنْ كَشَفَ عَوْرَتَهُ أَعْرَضَ عَنْهُ الْمَلَكُ.(الحمام يقصد به مكان الاستحمام العمومي )
وهذا أثر قوي عن علي بن أبي طالب
وهذا الحديث مع هذا الأثر وما عضدهما في الباب من أقوى حجج الجمهور _ المذاهب الفقهية الأربعة المشهورة _ القائلة بأن عورة الرجل ما بين السرة إلى الركبة لأن هذه هي المنطقة التي يغطيها الإزار آنذاك في أقل أحواله والذي يغطي السوأتان فقط لا يسمى إزاراً وإنما يسمى تباناً
إذا أضفت إلى هذا حديث جرهد بأن الفخذ عورة والذي روي معناه عن عمر بن الخطاب وصح عن مجاهد وإبراهيم النخعي الإفتاء به واحتج به أحمد في مسائل ابنه عبد الله وهو إمام الصنعة فإن ضعفه مضعف يبقى احتجاج أحمد ماثلاً بقوة وذكر ابن المنذر في الأوسط أن عامة أصحابه يقولون بالحديث ولا يسلمون القول باضطرابه
إذا فهمت هذا علمت قوة حجة الجمهور في هذه المسألة وقد وجهوا الروايات الدالة على جواز الكشف بعدة توجيهات من أحسنها
قول النفراوي: والحاصل أن الفخذ عورة مخففة يجوز كشفه مع الخواص، ولا يجوز مع غيرهم، فقد كشف النبي صلى الله عليه وسلم فخذه مع أبي بكر وعمر، وستره حين أقبل عثمان، ثم ذكر الحديث المتقدم إلى آخره.
ولهذا عبر النبي صلى الله عليه وسلم عن تغطية فخذه بالحياء وأما كشفه في الشوارع والمحافل فما كان من عادة الناس
وأود تنبيه طلبة العلم على أنهم لا ينبغي أن يبحثوا المسائل بطريقة سطحية تذهب إلى أصرح الأدلة التي يستوي في فهمها العامي والفقيه ثم ينظر في أسانيدها بطريقة متعنتة دون النظر إلى الآثار العاضدة في الباب والأدلة التي يستفاد منها الحكم بالاستنباط ثم يتجرأ المرء فيهم على مخالفة الجمهور بيسر وسهولة وببحث لا يأخذ أياماً قليلة وما أتي الظاهرية وذهب حتى بهاء الحق الذي معهم إلا من هذه المسالك