عمل المرأة المعاصر هل هو تحرر أم رق!

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

عمل المرأة المعاصر هل هو (تحرر) أم (رق)!

مبحث الفقهاء القديم في عورة الأمة مبني على أن الأمة (الجارية) تعمل وتنتقل وتكون مشغولة عن الزينة فخُفِّف عنها في اللباس فعوملت كالقواعد من النساء اللواتي ذُكِرن في الآية {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم}.

والأمة إن كانت جميلة فإنها تلتزم بحجاب الحرائر، وإن تزينت لزمها الاستتار. وما يُشاع في مواقع الملاحدة والمنصرين من أن الأمة كانت تخرج مغطية ما بين السرة والركبة فقط هذا كذب وتهويل وإنما كان الكلام عن عورتها في الصلاة.

قال الشافعي في الأم: والجواري إذا كانت لهن فراهة وجمال فالمعروف أنهن يُكسَينَ أحسنَ من كسوة اللاتي دونهن.

أقول: وهذا يوافق معنى نص أحمد في أن الجارية الجميلة تنتقب.

ويتأكد في الحرائر الشابات زيادة التستُّر عن الكبيرات خصوصًا في أزمنة الفتن.

وليس هذا محل بسط مسألة عورة الأمة، ولكن أريد ربط هذا الأمر بدعوة بعض من كتب في قضايا المرأة، حيث دعوا إلى التخفيف من شروط الحجاب من أجل المرأة العاملة المعاصرة!

ولولا قناعتهم أن المرأة العاملة المعاصرة أشبه بالأمة قديمًا ما دعوا إلى تخفيف الحجاب لجعل المرأة المعاصرة المتحررة أقرب ما تكون إلى الأمة قديمًا، بل يريدون في حقها تخفيفًا ما قيل في الإماء قديمًا، فيريدون إخراج ساقيها وشعرها وأن تلبس ضيقًا.

وقديمًا كانت معاملات الناس على ثلاثة أنحاء:

أولًا: الإجارة: حيث يستأجر المرء إنسانًا ليعمل له عملًا معينًا بأجرة، وميزة هذا العقد للأجير أنه لا يقف عند مستأجر واحد، فيؤاجر نفسه عند هذا وعند هذا وبمجرد ما ينتهي من عمله يكون حر نفسه.

الثاني: المضاربة: وهو أن يشترك رجلان أحدهما برأس المال والآخر بعمله والربح بينهما، وهذا العقد يختلف عن الإجارة بأن المرء يلتزم مع شخص واحد ويبقى وقته معه، ولكن الغنم في أنك كلما زاد الربح زاد نصيبك بخلاف الإجارة الذي حددت أجرتك فيها مبدأيًّا، ويمكنك نقض عقد المضاربة.

الثالث: الرق: والرقيق ليس حر نفسه كالأجير، ولا له نسبة مفروضة من الربح كالمضارب، ولكن سكنه وطعامه وشرابه ولباسه وعلاجه وزواجه على سيده، فهذا هو غنم الغرم الذي عليه.

وأما منظومة الوظيفة الموجودة في الرأسمالية فلك أجرة كالأجير ولكنك لست حر نفسك مثله ولا لك نسبة كالمضارب ولا الراتب يكفي لسكن وزواج إلا بقرض ربوي.

فمنظومة الوظيفة في السياق الرأسمالي أسوأ من بعض الوجوه من الرق، لهذا قياسها على الرق من طرف خفي في كتابات التجديديين أمر على القياس، ولكن النكتة أن تسمى هذا تحريرًا وتحررًا!

وبعض الناس يقول لا يوجد بديل عن هذا!

فيقال: هذا الموجود الآن جاء على أنقاض نظام آخر، فلا بد من نقده للتجديد الحقيقي بدلًا من الاستسلام وتطويع الدين له وتسمية ذلك تجديدًا.