أبحث هذه الأيام في علاج القولون العصبي، ما الذي يأكله وما الذي لا يأكله، هذا هو باب التغذية العلاجية التي درستها قديماً.
وهناك ما يوصي به الأطباء من الناحية النفسية وهو البعد عن مسببات التوتر والقلق. ودائماً ما يرد السؤال: أنا أصلاً أعيش في قلق أو أنا عصبي المزاج فماذا أفعل؟
فهنا ينصح الأطباء بصنع بعض الأمور التي تساعد الجسم على افراز الهرمونات التي تخفف القلق، وتساعد على التفكير الإيجابي، وعادة ما ينصحون بالرياضة.
لما قرأت هذا وسمعته من عدد من المختصين تذكرت أمر القراءة، وأنني قرأت قديماً في فائدة القراءة في تحسين المزاج، فقررت البحث حتى أجد رابطاً بين أمر القراءة وتحسين المزاج اللازم لمريض القولون، فوجدت مقالاً في مجلة byrdie البريطانية للمحررة في تلك المجلة AMY LAWRENSON بتاريخ 20 سبتمبر 2020 بعنوان: “كيف تؤثر القراءة بشكل إيجابي على دماغك ومزاجك وعلاقاتك”
أجرت لقاءات مع عدد من المختصين تسألهم عن هذا الأمر.
مما جاء في المقال قول: يقول الدكتور إيمير ماك سويني، استشاري الأشعة العصبية في Re: Cognition Health: “القراءة هي نشاط يمكن أن يبقي الدماغ شابًا -فمع كل صفحة أو فصل يلتهمها، يعمل الدماغ على فك تشفير المزيد من المعلومات وتخزينها والاحتفاظ بها”. “توفر القراءة تمرينًا عقليًا، وهو أمر مهم جدًا للمساعدة في حماية الدماغ من التدهور المعرفي في أمراض مثل مرض الزهايمر. إنه يرفع وظائف المخ ويمكن أن يساعد أجزاء من الدماغ على الاتصال. عقلك هو آلة تعليمية ويحتاج إلى استمر في التعلم لتحسين الأداء وتحسين الذاكرة والقدرة على التفكير“.
وتقول ناتاليا رامسدن، مؤسسة عيادة تحسين الدماغ SOFOS Associates في لندن: “بصفتي قارئًا نهمًا، فأنا بالتأكيد متحيز عندما أقول أنه لا يوجد شيء أكثر متعة، أو تساهلًا، أو مرضيًا أكثر من الضياع في كتاب جيد”.. “صفحة تلو الأخرى، الانغماس في الكتابة الرائعة يجلب الحياة إلى عوالم مجهولة وشخصيات يساء فهمها … يحدث لنا أكثر بكثير من مجرد الترفيه.“
تشرح أن الضياع في كتاب جيد يوفر نوعًا من الهروب من الواقع للكثيرين، وفي القيام بذلك، فإن فعل فقدان نفسك في كتاب يمكن أن يساعد في خفض مستويات الكورتيزول -هرمون التوتر الأساسي الذي يمكن أن يعيث فسادًا في أجسادنا عند ارتفاعه”.
وحين قرأت كلمتها عن خفض هرمون التوتر قلت: قد وجدت ضالتي.
ثم ذهبت إلى مقال آخر يتحدث دراسة أجراها باحثو جامعة ساسكس عام 2009 أن القراءة لمدة ست دقائق قللت من التوتر بنسبة تصل إلى 68 بالمائة.
وجد الباحثون أيضًا أن القراءة تقلل التوتر بشكل أفضل وبسرعة أكبر من الطرق الأخرى مثل الاستماع إلى الموسيقى (انخفاض بنسبة 61٪)، وشرب الشاي أو القهوة (انخفاض بنسبة 54٪)، أو المشي (انخفاض بنسبة 42٪).
وذكروا في الدراسة أن النتائج لا تأتي في البدايات دائماً كما ينبغي، وأن الكتاب كلما كان أكثر أهمية كلما كانت النتائج أفضل.
لست من رواد الترويج للأمور الشرعية بذكر فوائدها الطبية، فلا شك أن كتب الشريعة داخلة في هذا، بل فيها منفعة المرء في أمر دينه أصالة وإن لم يكن لذلك أي منافع على بدنه.
غير أنك إذا استشعرت أنك تقرأ لله عز وجل وليس الأمر (مجرد شغف)، وأن الأمر يقربك من النعيم المقيم فأحسب أن ذلك له نفع عظيم وهكذا تكون النية لله، والالتفات للفائدة الصحية ليس كبيراً، غير أن من يتهكم بالكتب الصفراء حتى على أصوله هذه الكتب عظيمة النفع جداً، وهنا أتذكر القصة المشهورة عن ابن تيمية:
قال ابن القيم في روضة المحبِّين: “وحدَّثني شيخنا -يعني ابنَ تيمية- قال: ابتدأني مرضٌ، فقال لي الطبيب: إن مُطالعتك وكلامك في العلم يزيد المرض، فقلت له: لا أصبر على ذلك، وأنا أحاكمك إلى علمك، أليست النفس إذا فرحت وسُرَّت وقَوِيت الطبيعةُ فدفعت المرضَ؟ فقال: بلى، فقلت له: فإن نفسي تُسرُّ بالعلم فتقوى به الطبيعةُ فأجدُ راحةً، فقال: هذا خارجٌ عن علاجنا… اهـ”.
يبدو أن الشيخ أصيب بالقولون العصبي أو ما يشابهه، فرأى الطبيب أن نظر الشيخ في العلم هو الذي يسبب له التوتر بسبب الجدل مع المخالفين، والتعرض للشبهات، وإعمال الذهن بشدة في دقائق العلم، فعكس الشيخ عليه القضية، وقال أن النظر في العلم هو الذي يريحني.