لا أدري عن دقة التصريح، ولكن شيخ الأزهر له سوابق، وأكَّد ذلك إخوة سمعوا كلمته كاملة.
حين أراد خالد القسري أن يُبيِّن للناس قبح مقالة الجعد بن درهم حدَّثهم عن إنكاره لخاصية إبراهيم وفضيلته أن الله اتَّخذه خليلاً وإنكاره لفضيلة موسى وأن الله جعله كليماً.
وهذان النبيَّان أكثر الأنبياء ذِكراً في القرآن، ورأى النبي ﷺ أحدهما في السماء السادسة والآخر في السابعة، بياناً لعظيم الفضيلة.
فيأتي شيخ الأزهر في المحل الذي يُفترض أن يُعظِّم به النبي ﷺ (عند من يجيز بدعة المولد) ويُظهِر خصائصه التي صُنِّفت فيها المصنفات، فيُنكر فضيلته على بقية الرسل في موضوع فضله (الرسالة).
وهذا نظير ما وقع من الجعد من ناحية.
قال تعالى: {تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض ۘ منهم من كلم الله ۖ ورفع بعضهم درجات ۚ وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس} [البقرة].
وأما قوله تعالى: {لا نفرق بين أحد من رسله} يعني لا نكفر بأحد ونؤمن بالآخر.
وعادة القوم إظهار تعظيم النبي ﷺ ولو على حساب الإزراء على القرآن، كما قال البوصيري:
لو ناسبت قدره آياته عِظما* أحيى اسمُه حين يُدعى دارس الرمم
فجعل آيات النبي ﷺ بما فيها القرآن (كلام الله) ليس مناسباً لقدره.
وعادتهم إظهار تعظيمه ولو بالإزراء على بقية الرسل، كما قال البوصيري:
وقدمتك جميع الأنبياء بها* والرسل تقديم مخدوم على خدم
فوصَف أنبياء الله عز وجل بـ(الخدم) متجاوزاً حدود الأدب معهم.
ومن عادتهم إظهار التعظيم ولو على حساب تصديق أخباره، حتى كذَّب جمع غفير منهم أحاديثه في أبويه وأنهما في النار، بل ووصلوا إلى تكفير من يؤمن بها أو تبديعه.
وأما شيخ الأزهر فعكس، وما اتهمه المتعصبون بانتقاص النبي ﷺ.
ولعل نفيه للصفات قاده إلى ذلك، فمِن قول المعطلة أن كلام الله لا يتفاضل، بل هو شيء واحد (هروباً من القول بالفعل الاختياري) فربما بنى عليها أن الرسالات لا تتفاضل، والقرآن يكذبه:
قال تعالى: {وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه} [المائدة].