كان من عادات القرشيين أنه اذا حصلت خصومة سياسية بينهم وبين أبناء عمومتهم وحصل فيها دماء وقتال
ثم زالت هذه الخصومة باستقرار الأمر في يد أحد الطرفين أو ظهر غلط أحد الطرفين وعادوا إلى حميتهم القديمة أعادوا الرحم فيما بينهم بعقد أنكحة بين الأطراف المتنازعة تذهب الأضغان
من أوائل ذلك زواج فاطمة بنت عتبة أخت هند بنت عتبة من عقيل بن أبي طالب ومعلوم من وقع من حمزة وعلي – أخو عقيل وعمه – في حق عتبة بن ربيعة وأخيه شيبة يوم بدر – والد فاطمة وعمها – ومع ذلك تزوجا ولما حصلت خصومة بينهما أرسل عثمان معاوية حكما من أهلها وابن عباس حكما من أهله وكان ابن عباس يرى الفرقة ومعاوية يأبى أن تطلق خالته مع أنها كانت ثرية وتنفق على عقيل وهما يتخاصمان وجداهما تصالحا وما عاد للحكمين حاجة
ومن أوائل ما عاد من الرحم بين الأمويين والهاشميين زواج سكينة بنت الحسين من أحد أحفاد عثمان وقد أنجبت له أولادا منهم ابنة صارت زوجة هشام بن عبد الملك
وكذلك أختها الناسكة فاطمة بنت الحسين تزوجت عبد الله الأكبر بن عمرو بن عثمان وهكذا كما تزوج عثمان اثنتين من بنات النبي صلى الله عليه وسلم تزوج أحفاده اثنتين من حفيدات النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الطبقة
وتزوج عبد الملك بن مروان واحدة من حفيدات الحسن وكان أراد الزواج من رملة بنت الزبير ولكن عروة نهاه وذلك أنه كان صديقا لمصعب بن الزبير وجيش عبد الملك هو من قتل مصعبا وعبد الملك كاره وعرض على مصعب الاستسلام وأن يجعله أميرا عنده ولكن مصعبا رأى رأى في ذلك خيانة لأخيه عبد الله فأراد عبد الملك أن يعيد علاقته مع آل الزبير خصوصا أخوة مصعب القريبين فخطب رملة ولكنها أبت وتزوجت ابن عمه خالد بن يزيد بن معاوية وكان خالد يقول لعبد الملك : لقد ذهب ما في صدري على الزبيريين منذ تزوجت رملة . وهذا يؤكد ما نذكره هنا
ورملة التي تنافس عليها عبد الملك وخالد ما كانت صغيرة بل أرملة وولدها هو حفيد عثمان الذي تزوج سكينة.
ومصعب بن الزبير نفسه تزوج سكينة بنت الحسين ومعلوم ما كان يوم الجمل على أن أمر الزبيريين والعلويين صلح من قبلها وصداقة الحسين مع ابن الزبير معلومة
ولما حصل بين هارون الرشيد وموسى الكاظم من الخصومة ما هو معروف وسجن هارون الكاظم ظلما فصار الأمر من بعد هارون للمأمون ابن الرشيد فزوج المأمون ابنته لحفيد الكاظم وابن الرضا ليعيد ما بينهم من الرحم
وهذا الأشعث بن قيس لما جيء به ذليلا لأبي بكر بعد ردته وتاب على يد الصديق خطب أخت الصديق في نفس مجلس الاستتابة كنوع من اعادة الاعتبار لأنه سيد قومه فزوجه الصديق
ومن أعجب ما يذكر في هذا السياق الأمير أبو الحسن ، علي بن عبد الله بن خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ، القرشي الأموي الدمشقي ، ويعرف بأبي العميطر .
أمه من نسل علي بن أبي طالب حفيدة العباس الذي يحلف به الروافض اليوم ووالده كما ترى من عقب معاوية ومن يزيد أيضا وكان يفخر ويقول أنا ابن شيخي صفين
ولاحظ أن والده سماه ( عليا ) تأكيدا على تجاوز الخلاف التاريخي وأن القوم أكرموه فزوجوه ابنتهم وهو لها كفؤ فبنو أمية وبنو هاشم يلتقون في جد قريب فقدرهم وسمى ولده باسم جدهم وتكنى الولد بكنية علي أيضا من فرط الافتخار بجده القرم
وكان علي يسأل عن مروان بن الحكم بعد الجمل فلما سألوه عن السبب وهو في جيش الخصم قال : تعطفني عليه رحم ماسة .
وهذا بعض معنى القول المروي عن معاوية في البنات : يقربن البعداء .
ولما رأى الروافض القدامى كثرة الأنساب بين الأمويين والهاشميين مراعاة لقرب النسب وازالة للأضغان التي أوجدتها النزاعات السياسية وضعوا رواية على لسان بعض المعصومين : أكفاؤنا أعداؤنا . وكأنه يقول إنما نزوجهم لأنهم أقرب الناس نسبا لنا وفِي هذا تزكية لنسب الأمويين والذي يطعن فيه سقط الروافض اليوم ومن يقلدهم وهذا طعن في النسب الهاشمي الشريف لو عقلوا
هذا جانب مغيب من التاريخ ومعظم من يقرأ اليوم يقرؤه والتلويث الرافضي والاستشراقي وأثر الروايات البوليسية كلها خاضت في عقله فتجده يتكلم بخطل من القول وينسى أنه يتكلم عن عرب فضلا عن مسلمين