قال ابن حجر في فتح الباري (21/69) :
” قَالَ اِبْن بَطَّال : الْمُرَاد بِالْإِنْزَالِ إِفْهَام الْعِبَاد
مَعَانِي الْفُرُوض الَّتِي فِي الْقُرْآن وَلَيْسَ إِنْزَاله لَهُ كَإِنْزَالِ الْأَجْسَام
الْمَخْلُوقَة ؛ لِأَنَّ الْقُرْآن لَيْسَ بِجِسْمٍ وَلَا مَخْلُوق اِنْتَهَى ، وَالْكَلَام
الثَّانِي مُتَّفَق عَلَيْهِ بَيْن أَهْل السُّنَّة سَلَفًا وَخَلَفًا .
وَأَمَّا الْأَوَّل فَهُوَ عَلَى
طَرِيقَة أَهْل التَّأْوِيل .
وَالْمَنْقُول عَنْ السَّلَف
اِتِّفَاقهمْ عَلَى أَنَّ الْقُرْآن كَلَام اللَّه غَيْر مَخْلُوق ، تَلَقَّاهُ جِبْرِيل
عَنْ اللَّه وَبَلَّغَهُ جِبْرِيل إِلَى مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَبَلَّغَهُ
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُمَّتِهِ “
فهذا شهادة أن القول بأن القرآن حكاية عن كلام الله أو عبارة ليس قولاً
للسلف وهو يعني بأهل التأويل الأشاعرة
وقولهم أن القرآن الذي بين أيدينا مخلوق أيضاً بدعة وضلالة بل تجهم صريح
ويؤخذ على ابن حجر عده أهل التأويل من أهل السنة وليسوا كذلك بل هم أهل
تحريف جهمية ، ولكنه لما كان على طريقتهم في عامة كلامه في الصفات والقدر والإيمان والنبوات عظمهم هذا التعظيم والله المستعان
وقال في الفتح (21/63) :” وَقَالَتْ الْأَشَاعِرَة كَلَام اللَّه
لَيْسَ بِحَرْفٍ وَلَا صَوْت وَأَثْبَتَتْ الْكَلَام النَّفْسِيّ ، وَحَقِيقَته مَعْنًى
قَائِم بِالنَّفْسِ وَإِنْ اِخْتَلَفَتْ عَنْهُ الْعِبَارَة كَالْعَرَبِيَّةِ وَالْعَجَمِيَّة
، وَاخْتِلَافهَا لَا يَدُلّ عَلَى اِخْتِلَاف الْمُعَبَّر عَنْهُ ، وَالْكَلَام النَّفْسِيّ
هُوَ ذَلِكَ الْمُعَبَّر عَنْهُ .
وَأَثْبَتَتْ الْحَنَابِلَة
أَنَّ اللَّه مُتَكَلِّم بِحَرْفٍ وَصَوْت ، أَمَّا الْحُرُوف فَلِلتَّصْرِيحِ بِهَا
فِي ظَاهِر الْقُرْآن .
وَأَمَّا الصَّوْت فَمَنْ مَنَعَ
قَالَ : إِنَّ الصَّوْت هُوَ الْهَوَاء الْمُنْقَطِع الْمَسْمُوع مِنْ الْحَنْجَرَة
، وَأَجَابَ مَنْ أَثْبَتَهُ بِأَنَّ الصَّوْت الْمَوْصُوف بِذَلِكَ هُوَ الْمَعْهُود
مِنْ الْآدَمِيِّينَ كَالسَّمْعِ وَالْبَصَر ، وَصِفَات الرَّبّ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَلَا
يَلْزَم الْمَحْذُور الْمَذْكُور مَعَ اِعْتِقَاد التَّنْزِيه وَعَدَم التَّشْبِيه
، وَأَنَّهُ يَجُوز أَنْ يَكُون مِنْ غَيْر الْحَنْجَرَة فَلَا يَلْزَم التَّشْبِيه
، وَقَدْ قَالَ عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد
بْن حَنْبَل فِي كِتَاب السُّنَّة : سَأَلْت أَبِي عَنْ قَوْم يَقُولُونَ لَمَّا كَلَّمَ
اللَّه مُوسَى لَمْ يَتَكَلَّم بِصَوْتٍ ، فَقَالَ لِي أَبِي : بَلْ تَكَلَّمَ بِصَوْتٍ
، هَذِهِ الْأَحَادِيث تُرْوَى كَمَا جَاءَتْ وَذَكَرَ حَدِيث اِبْن مَسْعُود وَغَيْره “
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم