شهادات على زيغ الأشاعرة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:


قال ابن حزم الظاهري في كتابه الفصل في الملل والنحل :” وَقَالَت أَيْضا هَذِه الطَّائِفَة المنتمية إِلَى الأشعرية أَن كَلَام الله تَعَالَى عز وَجل لم ينزل بِهِ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام على قلب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِنَّمَا نزل عَلَيْهِ بِشَيْء آخر هُوَ عبارَة عَن كَلَام الله تَعَالَى وَأَن الَّذِي نَقْرَأ فِي الْمَصَاحِف وَيكْتب فِيهَا لَيْسَ شَيْء مِنْهَا كَلَام الله وَأَن كَلَام الله تَعَالَى الَّذِي لم يكن ثمَّ كَانَ وَلَا يحل لأحد أَن يَقُول إِنَّمَا قُلْنَا إِن الله تَعَالَى لَا يزايل الْبَارِي وَلَا يقوم بِغَيْرِهِ وَلَا يحل فِي الْأَمَاكِن وَلَا ينْتَقل وَلَا هُوَ حُرُوف موصلة وَلَا بعضه خير من بعض وَلَا أفضل وَلَا أعظم من بعض وَقَالُوا لم يزل الله تَعَالَى قَائِلا لِجَهَنَّم {هَل امْتَلَأت} وقائلاً للْكفَّار {اخسؤوا فِيهَا وَلَا تكَلمُون} وَلم يزل تَعَالَى قَائِلا لكل مَا أَرَادَ تكوينه كن
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَهَذَا كفر مُجَرّد بِلَا تَأْوِيل” ونقل الاتفاق على اعتبار قولهم في الإيمان مكفراً

وقال أحمد الغماري الصوفي الشاذلي المغربي في كتابه الإقليد :” والآية صريحة في أن الأشعرية مبتدعة ، زائغون ومن زعم أنهم من أهل السنة والجماعة فهو كافر مكذب بخبر الله تعالى “

قال ابن تيمية في الاستقامة :” وَالْمَقْصُود هُنَا أَن الْمَشَايِخ المعروفين الَّذين جمع الشَّيْخ أَبُو عبد الرَّحْمَن أَسْمَاءَهُم فِي كتاب طَبَقَات الصُّوفِيَّة وَجمع أخبارهم وأقوالهم دع من قبلهم من أَئِمَّة الزهاد من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ الَّذين جمع ابو عبد الرَّحْمَن وَغَيره كَلَامهم فِي كتب مَعْرُوفَة وهم الَّذين يتَضَمَّن أخبارهم كتاب الزّهْد للْإِمَام أَحْمد وَغَيره لم يَكُونُوا مَذْهَب الْكلابِيَّة الأشعرية إِذْ لَو كَانَت كَذَلِك لما كَانَ أَبُو عبد الرَّحْمَن يلعن الْكلابِيَّة
وَقَالَ شيخ الْإِسْلَام الْأنْصَارِيّ سَمِعت أَحْمد بن حَمْزَة وَأَبا عَليّ الْحداد يَقُولَانِ وجدنَا أَبَا الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد النهاوندي على الانكار على أهل الْكَلَام وتكفير الاشعرية وذكرا عظم شَأْنه فِي الْإِنْكَار على ابي الفوارس القرمسيني وهجر ابْنه إِيَّاه لحرف وَاحِد قَالَ شيخ الْإِسْلَام سَمِعت أَحْمد بن حَمْزَة يَقُول لما اشْتَدَّ الهجران بَين النهاوندي وَأبي الفوارس سَأَلُوا ابا عبد الله الدينَوَرِي فَقَالَ لقِيت ألف شيخ على مَا عَلَيْهِ النهاوندي”

وقال ابن رشد الفيلسوف في فصل المقال :” بل كثير من الأصول التي بنت عليها الأشعرية معارفها هي سوفسطائية، فانها تجحد كثيراً من الضروريات، مثل ثبوت الأعراض وتأثير الأشياء بعضها في بعض، ووجود الأسباب الضرورية للمسببات والصور الجوهرية والوسائط.
ولقد بلغ تعدي نظارهم في هذا المعنى على المسلمين أن فرقة من الأشعرية كفرت من ليس يعرف وجود البارىء سبحانه بالطرق التي وضعوها لمعرفته في كتبهم، وهم الكافرون والضالون بالحقيقة”

قال ابن العطار الشافعي في كتابه الاعتقاد الخالص من الشك والانتقاد ص52 بعد أن تكلم على تكفير القائلين بخلق القرآن وذكر قول الأشعرية ص 49 :” ويبنغي استنقاص المحرفين من العلماء ، والمغيرين العلم والمذلين له البائعين له بثمن بخس من عرض الدنيا وشهواتها ومقتضى الكتاب العزيز والسنة النبوية تكفيرهم سواءً كانوا متعمدين أو متأولين ولا يكفر منتقصهم ولا يفسق بل هو مثاب عليه خصوصاً إذا قصد التنفير عما هم عليه وإظهار الدين والقيام به”

وقال ابن أبي العز الحنفي في شرح الطحاوية وهو ينقد قول الأشاعرة في القرآن :” فَإِنْ قَالُوا: إِنَّمَا أَشَارَ إِلَى حِكَايَةِ مَا فِي نَفْسِهِ وَعِبَارَتِهِ وَهُوَ الْمَتْلُوُّ الْمَكْتُوبُ الْمَسْمُوعُ، فَأَمَّا أَنْ يُشِيرَ إِلَى ذَاتِهِ فَلَا, فَهَذَا صَرِيحُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ، بَلْ هُمْ فِي ذَلِكَ أَكْفَرُ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ”

وجاء في سيرة ابن تيمية لخادمه الغياني :” وحلَّفونا أنه ما يطَّلِع عليه غيرنا: أن تنزِلَ لهم عن مسألة العرش ومسألة القرآن، ونأخذ خطك بذلك، نوقف عليه السلطان ونقول له: هذا الذي حَبَسْنا ابن تيمية عليه، قد رجع عنه، ونَقْطع نحن الورقة
فقال لهم الشيخ _ يعني ابن تيمية _: تدعونني أن أكتب بخطي أنه ليس فوق العرش إله يُعبد، ولا في المصاحف قرآن، ولا لله في الأرض كلام؟! ودقَّ بعمامته الأرضَ، وقام واقفًا ورفع برأسه إلى السماء، وقال: اللهم إني أشهدك على أنهم يدعونني أن أكفر بك وبكتبك ورسلك، وأن هذا شيءٌ ما أعمله … ” ثم دعا عليهم”


وجاء في ذيل طبقات الحنابلة على لسان الشريف أبي جعفر من كبار فقهاء الحنابلة :” ثم قام ابن القشيري – وكان أقلَّهُم احتراما للشريف – فقال الشريف: من هذا. فقيل: أَبُو نصر بن القشيري، فقال لو جاز: أن يشكر أحد على بدعته لكان هِذا الشاب لأنه باد هنا بما في نفسه، ولم ينافقنا كما فعل هذان. ثم التفت إلى الوزير فقال: أي صلح يكون بيننا. إنما يكون الصلح بين مختصمين على ولاية، أو دنيا، أو تنازع في ملك. فأما هؤلاء القوم: فإنهم يزعمون أنَّا كفار، نحن نزعم أن من لا يعتقد ما نعتقده كان كافرا، فأيُّ صلح بيننا. وهذا الإمام يصدع المسلمين، وقد كان جدَاه – القائم والقادر – أَخرجا اعتقادهما للناس، وقرىء عليهم في دواوينهم، وحمله عنهم الخراسانيون والحجيج إلى أطراف الأرض، ونحن على اعتقادهما”

وجاء في سير أعلام النبلاء :” وَقَرَأْت بِخَطِّ الشَّيْخ المُوَفَّق، قَالَ: سَمِعْنَا درْسَه مَعَ أَخِي أَبِي عُمَرَ وَانقطعنَا، فَسَمِعْتُ أَخِي يَقُوْلُ: دَخَلت عَلَيْهِ بَعْد، فَقَالَ: لِمَ انْقَطَعتم عَنِّي? قُلْتُ: إِنَّ نَاساً يَقُوْلُوْنَ: إِنَّك أَشعرِيّ، فَقَالَ: وَاللهِ مَا أَنَا أَشعرِيّ. هَذَا مَعْنَى الحِكَايَة”

وقال ابن تيمية في الاستقامة :” وَكَذَلِكَ حَدثنِي الشَّيْخ أَبُو الْحسن بن غَانِم أَنه سمع خَاله الشَّيْخ إِبْرَاهِيم بن عبد الله الأرومي أَنه كَانَ لَهُ معلم يقرئه وَأَنه أقرأه اعْتِقَاد الأشعرية الْمُتَأَخِّرين قَالَ فَكنت أكرر عَلَيْهِ فَسمع وَالَّذِي وَالشَّيْخ عبد الله الارميني قَالَ فَقَالَ مَا هَذَا يَا إِبْرَاهِيم فَقلت هَذَا علمنيه الْأُسْتَاذ فَقَالَ يَا إِبْرَاهِيم اترك هَذَا فقد طفت الأَرْض وَاجْتمعت بِكَذَا وَكَذَا ولى لله فَلم أجد أحدا مِنْهُم على هَذَا الِاعْتِقَاد وَإِنَّمَا وجدته على اعْتِقَاد هَؤُلَاءِ وَأَشَارَ إِلَى جِيرَانه أهل الحَدِيث وَالسّنة من المقادسة الصَّالِحين إِذْ ذَاك”

قال قوام السنة الأصبهاني الشافعي في كتابه الحجة في بيان المحجة قَالَ: وَحَدَّثَنَا وَالِدي، أَنا أَحْمَد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، نَا أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ قَالَ: من كَلَام جهم بن صَفْوَان، وحسين الْكَرَابِيسِي، وَدَاوُد ابْن عَليّ أَن لَفظهمْ الْقُرْآن مَخْلُوق، وَأَن الْقُرْآن الْمنزل على نَبينَا – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ – مِمَّا جَاءَ بِهِ جِبْرِيل الْأمين حِكَايَة الْقُرْآن فجهمهم أَبُو عبد الله أَحْمَد بن مُحَمَّد ابْن حَنْبَل، وَتَابعه عَلَى تجهيمهم عُلَمَاء الْأَمْصَار طرا أَجْمَعُونَ، لَا خلاف بَين أهل الْأَثر فِي ذَلِكَ.

وهذا قول الأشعرية اليوم يصرحون أن ما بين أيدينا مخلوق وأن كلام الله لا يجوز فيه التقديم ولا التأخير والكلام النفسي في الحقيقة هو العلم فانتهوا إلى تعطيل صفة الكلام

وقال ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية :” إذا عرف ذلك فالجهمية اظهروا مسألة القرآن وأنه مخلوق واظهروا أن الله لا يرى في الآخرة ولم يكونوا يظهرون لعامة المؤمنين وعلمائهم إنكار أن الله فوق العرش وأنه لا داخل العالم ولا خارجه وإنما كان العلماء يعلمون هذا منهم بالاستدلال والتوسم كما يعلم المنافقون في لحن القول قال تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ}”

ثم نبه أن الأشاعرة المتأخرين جهروا بما استحيا الجهمية الأوائل أن يجهروا به أمام العوام لمنافرته للفطرة فقال :” ومثل هذا كثير في كلام السلف والأئمة كانوا يردون ما أظهرته الجهمية من نفي الرؤية وخلق القرآن ويذكرون ما تبطنه الجهمية مما هو أعظم من ذلك أن الله ليس على العرش ويجعلون هذا منتهى قولهم وأن ذلك تعطيل للصانع وجحود للخالق إذ كانوا لا يتظاهرون بذلك بين المؤمنين كما كانوا يظهرون مسألة الكلام والرؤية لأنه قد استقر في قلوب المؤمنين بالفطرة الضرورية التي خلقوا عليها وبما جاءتهم به الرسل من البينات والهدى وبما اتفق عليه أهل الإيمان من ذلك ما لم يمكن الجهمية إظهار خلافه: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً}.
فهذا يبين أن الاعتراف بان الله فوق العالم في العقل والدين أعظم بكثير من الاعتراف بان الله يرى وأن القرآن غير مخلوق.
فإذا كان هؤلاء الشرذمة الذين فيهم من التجهم ما فيهم مثل الرازي وامثاله يقرون بأن الله يرى كان إقرارهم بان الله فوق العالم أولى وأحرى فإنه لا يرد على مسألة العلو سؤال إلا ويرد على مسألة الرؤية ما هو أعظم منه”


وحقا هم شرذمة سوء ويتكثرون ويدعون زوراً أنهم أكثر الأمة وعلماؤهم معترفون أن عقائدهم عسيرة ولا يعرفها عوام الناس وصرح ابن تيمية في التسعينية أن المعتزلة أحسن منهم اعتقاداً في مسألتي الإيمان والقدر فيظهر أن وصفهم بأنهم أقرب طوائف الجهمية للسنة كان باعتبار إثباتهم لبعض الصفات التي ينكرها الجهمية الأوائل غير أن متأخريهم اقتربوا جداً من الاعتزال حتى قال في ابن تيمية في شرح الأصفهانية :” ثم هذا الاعتقاد المشروح _ وهو اعتقاد أشعري متأخر _مع أنه ليس فيه زيادة على اعتقاد المعتزلة البصريين فاعتقاد المعتزلة البصريين خير منه”

وفي رد المحتار لابن عابدين الحنفي النقشبندي :” وَأَصْلُ التَّرْكِيبِ: وَمَنْ قَالَ طَيُّ مَسَافَةٍ يَجُوزُ لِوَلِيٍّ جَهُولٍ، وَهَذَا قَوْلُ الزَّعْفَرَانِيِّ، وَالْقَائِلُ بِكُفْرِهِ هُوَ ابْنُ مُقَاتِلٍ وَمُحَمَّدُ بْنِ يُوسُفَ” هنا ينقل عن بعض كبار الحنفية تكفير من جوز أن تكون معجزات الأنبياء كرامات للأولياء إلا القرآن وهذا قول مشهور عند الأشاعرة والوئام المفتعل بين الأشاعرة والماتردية من الكذبات السخيفة يعلمه من ينظر في مذاهبهم في التحسين والتقبيح وتباينها إلى حد التضاد