فيذكر عدد من الفقهاء أن من طاف طواف الوداع يسن له التزام ما بين الركن
( الذي فيه الحجر الأسود ) والباب والدعاء على هذه الحال ، والالتزام بمعنى إلصاق الكفين
والساعدين والصدر بالملتزم
وهذا الفعل قد يخفى على كثيرين لعدم ورود حديث ثابت في المسألة ، ولعل
بعضنا إذا رأى من يفعل هذا أنكر عليه
والواقع أن الأمر فيه عدة آثار عن الصحابة
قال ابن أبي شيبة في المصنف [ 13963]:
حدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ
، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَالَ : كَانُوا يَلْتَزِمُونَ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ
وَالْبَابِ ، وَيَدْعُونَ.
وهذا إسناد صحيح وقوله ( كانوا ) يعني به الصحابة والله أعلم
وقال ابن أبي شيبة في المصنف [ 13961]:
حدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ مُغِيرَةَ
بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : الْمُلْتَزَمُ مَا بَيْنَ
الرُّكْنِ وَالْبَابِ.
وهذا إسناد قوي
وقال عبد الرزاق في المصنف [ 9047 ]:
عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ
عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذَا الْمُلْتَزَمُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ.
وقال الفاكهي في أخبار مكة [ 230 ]:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
عَلِيٍّ قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي،
عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا
قَالَ:
إِنَّ مَا بَيْنَ الْحَجَرِ
وَالْبَابِ لَا يَقُومُ فِيهِ إِنْسَانٌ فَيَدْعُو اللهَ تَعَالَى بِشَيْءٍ إِلَّا
رَأَى فِي حَاجَتِهِ بَعْضَ الَّذِي يُحِبُّ .
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ
اللهُ عَنْهُمَا: يُسَمَّى الْمُلْتَزَمَ .
علي بن الحسين صدوق يهم وذكر الاستحباب انفرد به من دون رواية من هو
أوثق منه
وقال ابن شيبة في المصنف [ 15971]:
حَدَّثَنَا عَفَّانَ ، قَالَ
: حدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ ، قَالَ : حدَّثَنَا حُمَيْدٌ الأَعْرَجُ , عَنْ مُجَاهِدٍ
، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ ، وَعَبْدَ اللهِ
بْنَ عُمَرَ كَانُوا إذَا قَضَوْا طَوَافَهُمْ فَأَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا اسْتَعَادُوا
بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ ، أَوْ بَيْنَ الْحَجَرِ وَالْبَابِ.
وهذا إسناد حسن حميد بن قيس الأعرج صدوق
وقد عمل بهذا العمل عدد من التابعين ولم أقف على من أنكر ذلك
قال ابن أبي شيبة في المصنف [ 13962]:
حدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ
، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ ، قَالَ :
رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ
وَهُوَ مُلْتَزِمٌ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ.
وقال ابن أبي شيبة في المصنف [ 13965]:
حدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الرَّازِيّ
إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ حَنْظَلَةَ ، قَالَ :
رَأَيْتُ سَالِمًا ، وَعَطَاءً
، وَطَاوُسًا يَلْتَزِمُونَ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ.
وهذه أسانيد قوية
وقال عبد الرزاق في المصنف [ 9048 ]:
عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هِشَامِ
بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ:
أَنَّهُ كَانَ يُلْصِقُ بِالْبَيْتِ صَدْرَهُ وَيَدَهُ وَبَطْنَهُ.
وقال عبد الرزاق في المصنف [ 9046 ]:
عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ،
عَنْ مَكْحُولٍ قُلْتُ: إِذَا طُفْتَ بَيْنَ السَّادِسِ وَالسَّابِعِ؟
قُلْتُ: فَأَلْتَزَمَ بِالْبَيْتِ
مَا بَيْنَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ وَالرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ، ثُمَّ أَعُوذُ بِاللَّهِ
“
وظاهر آثار الصحابة وفتيا مكحول أن المرء يستعيذ فقط ، وأما بقية الدعاء
فلا – إلا ما ورد في أثر مجاهد – ، ولعلهم قالوا إذا جازت الاستعاذة جاز غيره ، وهذا
فيه بعد إذ كيف يتفق هؤلاء الصحابة على الاستعاذة دون تواطؤ ومكحول يفتي بالاسعاذة
فقط والله أعلم
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم