فقد انتشر مقطع لسليمان العلوان يقول فيه ( الجامية جهمية في مسائل الإيمان
) ثم يذكر أن السلف حذروا من الجهمية أشد التحذير
وهذا ظلم وإجحاف فالذين يسميهم الجامية يقولون الإيمان قول وعمل واعتقاد
يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ويرون الكفر واقع بالقول والعمل والاعتقاد أيضاً ، وأن
الكفر الأكبر أقسام جحود واستكبار واستحلال ونفاق وإعراض
بل كثير منهم يكفر تارك الصلاة
فإن قيل : لعل العلوان يقصد مسألة العذر بالجهل وتكفير الساب
فيقال : ليس هذا محل بسط مسألة العذر بالجهل فقد وقع الكلام فيها مراراً
وتقدم بيان مذهب أهل السنة وإبطال مذهب من يدعي إعذار المشركين مطلقاً ولكن العلوان نفسه يعذر بالجهل !
قال سليمان العلوان في شرح تجريد التوحيد :” . أن السجود للأصنام
كفر أكبر سواء اعتقد أن الأصنام تنفع أو لم يعتقد، وأن الطواف حول القبور على وجه التعبد
شرك أكبر ، وأن سب الله وسب رسول الله سباً
صريحاً كفر أكبر دون ربط ذلك بالتكذيب أو الاستخفاف أو الاعتقاد ، فمجرد هذا القول
كفر أكبر
ما لم يكن جاهلاً أو مكرهاً .
أهل الأرجاء ينكرون وجود شيء اسمه كفر الأفعال ، فلا يكفر بالفعل عند المرجئة
سواء سجد للصنم أو طاف حول القبر حتى يعتقد وهذا باطل باتفاق أهل السنة والجماعة
“
فتأمل قوله ( ما لم جاهلاً أو مكرهاً ) وطرده ذلك حتى في ساب الله عز وجل
وساب الرسول ( وإن كان له كلام آخر يكفر فيه الساب مطلقاً )
فإن قيل : لعله يعني مسألة الحكم بغير ما أنزل الله
فيقال : فهذا برهان غلوه ولو فرضنا أن القول الصواب هو تكفير
الحاكم بغير ما أنزل الله مطلقاً كما يذهب هو إليه في بعض تقريراته ، لكان القول بعدم
التكفير هو قول جميع المرجئة الذين يخرجون العمل من مسمى الإيمان لا خصوصية لمرجئة
الجهمية بذلك !
ومع هذا الغلو العظيم والظلم لمخالفيه تراه يعتذر لسيد قطب الذي وافق
الجهمية أيضاً في مسائل كبار
قال سليمان العلوان في شرح الواسطية :”
وبنفس الأمر كما تفضلت عن صاحب الظلال أنه ذكر العلو ووافق الأشاعرة في
هذا الباب
لكن يختلف الأمر بين عالم أو طالب
علم أو مفكر يوافق الأشاعرة في مسألة ويتبنى هذه القضية، وبين آخر يوافقهم كنوع نقل
فبعض الناس قد يذكر قول الأشاعرة
ويتبناه؛ هؤلاء لا يتبنون قول الأشاعرة، يذكرانه على أنه شيء نشآ عليه؛ وهذا غلط بلا
شك؛ لكن يختلف أمره عن آخر يتبنى نصرة مذهب الأشاعرة.
عمومًا هذا القول غلط، يجب توضيحه
وبيانه؛ سواء صدر من عالم من كبار أهل السنة أو من مفكر أو من أديب أو من غير ذلك؛
ولكن إذا صدر من شخص له قدم صدق في الإسلام نحاول أن نعتذر عنه، ونلتمس له العذر، ونبين
الغلط؛ لأننا لا نقبل الغلط من أحد أيا كان “
ما كلفك الله بالتماس العذر لمن وقع في الضلالات الكبرى ، وما كان هذا
منهج السلف ، وهلا التمست العذر لمن تسميهم بالجامية كما التمسته لسيد قطب
قال سيد قطب في الظلال :” “وكما أن الروح من الأسرار التي اختص
الله بها؛ فالقرآن من صنع الله الذي لا يملك الخلق محاكاته، ولا يملك الجن والإنس
– وهما يمثلان الخلق الظاهر والخفي – أن يأتوا بمثله، ولو تظاهروا وتعاونوا في هذه
المحاولة، { قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ
هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا
} فهذا القرآن ليس ألفاظاً وعبارات يحاول الإنس
والجن أن يحاكوها
إنما هو كسائر مايبدعه الله يعجز
المخلوقون أن يصفوه، فهو كالروح من أمر الله، لا يدرك الخلق سره الشامل الكامل، وإن
أدركوا بعض أوصافه وخصائصه وآثاره”
وله نصوص أخرى في أن القرآن ( مصنوع ) ، وهذه العبارة صريحة في خلق القرآن
ومع ذلك يتأولها كثير من المعظمين لهذا الرجل
والسؤال هنا : أيهما أقرب إلى القول بخلق القرآن قولهم ( لفظي بالقرآن
مخلوق ) أم قول سيد ( القرآن مصنوع )
لا شك قول سيد أصرح فما قال الأئمة في اللفظية ؟!
قال الخلال في السنة 2100- وأخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : قلت لأبي عبد
الله إني قلت لأبي ثور سألته عن اللفظ ؟ فقال : هذه بدعة ، فغضب غضباً شديداً وقال
: هكذا أراد أن يقول بدعة ، هذا كلام جهم بعينه
فالإمام أحمد يغضب على من يبدع اللفظية فقط ! بل لا يقنع حتى يقال جهمية
وقد صح عنه أن اللفظية كفار ، وقال في نعيم بن حماد ( لا رحمه الله إن
كان قالها ) ، وتكلم بكلام شديد في هشام بن عمار لما قال ( لفظ جبريل بالقرآن مخلوق
)
فأين التماس العذر وأين الفروق المحدثة بين الأديب وغير الأديب والمتبني
المدافع وغير ذلك ؟
فلو كان الكلام في الجامية حمية على العقيدة لظهرت تلك الحمية مع سيد قطب
أيضاً
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم