حيلة الشيطان العظمى لقطع رأس الدين بسيف الدين…

في

,

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

هذا سؤال يوجِّهه شخص -ويبدو أنه ملحد- لماسوني: “لماذا لا يقبل الماسون البناءون الأحرار عضوية الملاحدة في الماسونية؟”.

فيأتيه الجواب بما معناه أنه لا يمكنهم الوثوق بإنسان لا يظن أنه محاسب أمام قوة عظمى، وأن الملحد أقصى ما عنده الالتزام بالقانون أمام الدولة، والدولة لا تعرف ما يدور في خلدك وما يكون خلف الأبواب المغلقة.

قد يبدو هذا الجدل صادماً لكثير من الناس (كيف الماسونيون لا يقبلون الملاحدة؟).

في الواقع هذا حالهم تاريخياً، ففي «قصة الحضارة» يقول وول ديورانت [42/456]: “وكان الماسون من الناحية النظرية يستبعدون من عضويتهم كل “فاسق كافر” وكل “ملحد غبي”  وكان على كل عضو أن يعلن إيمانه بـ “مهندس الكون الأعظم” ولم تشترط في العضو عقيدة دينية غير هذه، وبذلك قصر الماسون بوجه عام لاهوتهم على الربوبية. ويبدو أنهم كانوا أصحاب نفوذ في الحركة التي قامت لطرد اليسوعيين من فرنسا”.

وفي الكتاب أيضاً في [42/118]: “فانضم كثيرون من الطبقة الأرستقراطية لمحفل أو آخر من محافل الماسون الأحرار. وقد أدانت هذه المحافل الإلحاد لسخفه، واشترطت في أعضائها إيماناً بالله، ولكنها غرست فيهم التسامح في الخلافات القائمة على غير ذلك من عقائد الدين”.

فهل هذا يجعل الماسونيين أقل خطورة من الملاحدة؟

في الواقع هم أخطر بكثير، ففكرة (التسامح الديني) بمعنى أنه لا يوجد ولاء وبراء ولا دين صحيح وإنما نستفيد من الدين بقدر ما يجعل المرء أخلاقياً هي الإلحاد الناعم بعينه.

وكثير من الناس يهجون الإلحاد ويهجون الماسونية، ولكنهم يزرعون بذور (تكافؤ الأدلة) وأن رب العالمين ما بيَّن الدين الحق لعباده، والناس في ذلك مراتب ما بين مستقل ومستكثر بحسب العاطفة والهوى.

ونفع الأخلاق الدينية دنيوياً ليس هو السبب الأعظم في التزامها، بل السبب الأعظم أن الآخرة حقيقة وأن رب العالمين يثيب ويعاقب، فلو تصدَّق إنسان مرائياً ما ينفعه ذلك، لأنه فرَّط بحق الله ولو نفع البشر.

هذه الفكرة التي يطرحونها من مشاهدة الدين من خلال منافعه الدنيوية وهجاء الإلحاد بسبب عدميته فحسب ثم ترك الولاء والبراء الديني لضرره = فكرة منتشرة جداً بين كثير من رؤوس الدين والدنيا في زماننا، وهي حيلة الشيطان العظمى لقطع رأس الدين بسيف الدين.