دع عنك ابن تيمية واجتهد في ستر عورة أوليائك المزعومين

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

يحدثك بحرقة عما يسميه تجسيم ابن تيمية أو الوهابية وما نقم عليهم سوى إثبات ظواهر مع تنزيه الله عن مماثلة المخلوقين

ولكن دعك من هذا وانظر إلى القوم الموغلين بالتنزيه كيف هو حال بعض أوليائهم عند بعض معظميهم ؟

جاء في مغني المحتاج للشربيني :” فَفِي أَمَالِي الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ الْوَلِيَّ إذَا قَالَ: أَنَا اللَّهُ عُزِّرَ التَّعْزِيرَ الشَّرْعِيَّ، وَلَا يُنَافِي الْوِلَايَةَ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مَعْصُومِينَ”

تأمل الولي يقول : أنا الله ! فيعزر فقط ولا يحكم بردته بل لا ينافي ذلك ولايته لأنه غير معصوم ويا ليت شعري نحن نتحدث عن كفر لا عن صغائر حتى يقال ليس معصوماً

وقد تعقب الشربيني هذا الخطل وأما ابن حجر الهيتمي _ ومعلوم تحامله على ابن تيمية _ فقال في تحفة المحتاج :”وفيه نظر لِأَنَّهُ إنْ كَانَ غَائِبًا فَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ لَا يُعَزَّرُ كَمَا لَوْ أُوِّلَ بِمَقْبُولٍ وَإِلَّا فَهُوَ كَافِرٌ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا شَكَكْنَا فِي حَالِهِ فَيُعَزَّرُ فَطْمًا لَهُ وَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْكُفْرِ لِاحْتِمَالِ عُذْرِهِ وَلَا بِعَدَمِ الْوِلَايَةِ”

ومعنى كلام الهيتمي أن الولي إما أن يقول هذه الكلمة وهو غائب العقل فلا يعزر وإلا هو كافر ولا عصمة من الردة لأفراد الناس وقد يقال أنه يعزر سداً للذريعة وهذا في نظري سخيف لأنه سد الذريعة وحماية الشريعة يقضي بالحكم بردة هذا الإنسان

وقال ابن حجر الهيتمي :” قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِ مَشَايِخِنَا مِمَّنْ جَمَعَ بَيْنَ التَّصَوُّفِ وَالْعُلُومِ النَّقْلِيَّةِ وَالْعَقْلِيَّةِ لَوْ أَدْرَكْتُ أَرْبَابَ تِلْكَ الْكَلِمَاتِ لَلُمْتُهُمْ عَلَى تَدْوِينِهَا مَعَ اعْتِقَادِي لِحَكَّتيِهَا؛ لِأَنَّهَا مَزِلَّةٌ لِلْعَوَامِّ وَالْأَغْبِيَاءِ الْمُدَّعِينَ لِلتَّصَوُّفِ انْتَهَى وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ غَرَضٌ صَحِيحٌ فِي تَدْوِينِهَا كَخَشْيَةِ انْدِرَاسِ اصْطِلَاحِهِمْ وَتِلْكَ الْمَفَاسِدُ يَدْرَؤُهَا أَئِمَّةُ الشَّرْعِ فَلَا نَظَرَ إلَيْهَا”

هنا يعترف الهيتمي أن كبار علمائهم وقع في كتبهم شيء من هذه الكفريات المستحقة للحك

وعلق الشرواني في حاشيته على تحفة الهيتمي مقراً لهذا التحرز من ذلك الشيخ وراداً على كلام الهيتمي :” أَقُولُ الْقَلْبُ إلَى مَا قَالَهُ ذَلِكَ الشَّيْخُ أَمْيَلُ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ الْعِلْمِ يُتَصَوَّرُ بِالْإِلْقَاءِ إلَى الْمُتَأَهِّلِ لَهُ وَالتَّدْوِينِ، وَإِنْ كَانَ أَبْلَغَ فِي حِفْظِ الْعِلْمِ وَبَقَائِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ لَكِنَّ هَذِهِ الْأَوْلَوِيَّةَ لَا تُقَاوِمُ الْمَفَاسِدَ الْمُتَرَتِّبَةَ عَلَيْهِ مَعَ مَا هُوَ مُقَرَّرٌ مِنْ أَنَّ دَرْءَ الْمَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَصَالِحِ وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ وَتِلْكَ إلَخْ فَمَحَلُّ تَأَمُّلٍ؛ لِأَنَّ قُصَارَى مَا يَتَأَتَّى مِنْ أَئِمَّةِ الشَّرْعِ إظْهَارُ فَسَادِهَا لَا دَرْؤُهَا وَإِزَالَتُهَا سِيَّمَا فِي زَمَانِنَا الَّذِي عُرِفَ فِيهِ الْمُنْكَرُ وَأُنْكِرَ الْمَعْرُوفُ وَاعْتَقَدَتْ الْعَامَّةُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْفَسَقَةِ أَنَّهُ بِالْوِلَايَةِ مَوْصُوفٌ نَسْأَلُ اللَّهَ الْهِدَايَةَ وَالتَّوْفِيقَ، وَأَنْ يَمْنَحَنَا سُلُوكَ أَقْوَمِ طَرِيقٍ”

فبالله يا أخ جهم دع عنك ابن تيمية واجتهد في ستر عورة أوليائك المزعومين وعلى ذكر الأولياء

قال علي ملا قاري وهو ماتردي حنفي في مرقاة المفاتيح :” صَانَهُمَا اللَّهُ عَنْ هَذِهِ السِّمَةِ الشَّنِيعَةِ وَالنِّسْبَةِ الْفَظِيعَةِ_ يعني ابن تيمية وابن القيم _، وَمَنْ طَالَعَ شَرْحَ مَنَازِلِ السَّائِرِينَ لِنَدِيمٍ الْبَارِيِّ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ الْحَنْبَلِيُّ – قَدَّسَ اللَّهُ تَعَالَى سِرَّهُ الْجَلِيَّ – وَهُوَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عِنْدَ الصُّوفِيَّةِ حَالَ الْإِطْلَاقِ بِالِاتِّفَاقِ، تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُمَا كَانَا مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، بَلْ وَمِنْ أَوْلِيَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ”

وقال الفيرزآبادي في كتابه تحفة الأبيه لمن نسب إلى غير أبيه _ وهو أشعري من معظمي ابن عربي _ :” أحمد بن تيمية، هي أم أحد أجداده الأبعدين، وهو أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن أبي القاسم بن محمد بن تيمية الحرانيّ، الحافظ المشهور، الذي لم يلحقه في الحفظ أحدٌ من المتأخرين”