هنا أحمد دعدوش يزعم أن الإمام أحمد ضخَّم مسألة القول بخلق القرآن.
وُلد الإمام أحمد عام 164، وهذا الإمام سفيان الثوري المتوفى عام 161 -يعني قبل ولادة أحمد- في الاعتقاد الذي رواه عنه اللالكائي بإسناد قوي يقول: “بسم الله الرحمن الرحيم القرآن كلام الله غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، من قال غير هذا فهو كافر”.
وهذا المعنى مروي عن مالك وابن عيينة وحماد بن زيد وابن المبارك ومن لا يحصيه إلا الله من الأئمة من طبقة شيوخ أحمد وشيوخ شيوخه، كما نقل الرازيان والبخاري إجماع شيوخهم على هذا المعنى (يعني أحمد وأقرانه)، وعددهم يفوق الألف محدِّثاً وفقيهاً، وكلامهم عن استتابة إمام أهل الرأي من الكفر معروف.
وقد كفَّر الإمام الشافعي حفصاً الفرد لقوله بخلق القرآن.
وأنا أقدِّر ذعر أحمد دعدوش من هذه المسألة، فقد ذكر حسن العطار الشافعي في «حاشيته على شرح المحلي على جمع الجوامع» أن هذا التكفير يتناول الأشاعرة في ظاهره، لأنهم يقولون بخلق القرآن الذي بين أيدينا ثم حاول التملص من ذلك، ودعدوش يثرِّب على أحمد ولا يثرِّب على المعتزلة الذين عدُّوا تعطيلهم توحيداً وكفَّروا الناس أو بدعوهم، وتبعهم على جزء من ذلك الأشاعرة.
وهل ترى أن كل هؤلاء الأئمة يطلقون التكفير في مسألة لا دليل عليها ولا بيِّنة؟
هذه المسألة هي إثبات صفة الكلام لله عز وجل، بل وإثبات الأفعال الاختيارية كلها له سبحانه، وهي تدخل في باب الرد على الملاحدة والفلاسفة، وهي من أعظم أبواب التوحيد، فإنه لا يثبت حدوث العالم دون اعتراضات قوية إلا بإثبات أفعال اختيارية لله وأنه يفعل ما يشاء متى يشاء (خلافاً لدعوى دعدوش أنه لا يحتاج لكتب العقيدة في الرد على الملاحدة).
قال عبد الله بن إدريس الأودي (من شيوخ أحمد) : “ليس هؤلاء من أهل التوحيد، هؤلاء الزنادقة من زعم أن القرآن مخلوق فقد زعم أن الله مخلوق”.
والتشكيك في كتاب «السنة» لعبد الله لن يغني عنك شيئاً، فما في كتاب «السنة» مما لا يعجبك يوجد في عشرات الكتب، بما فيها الكتب الستة، فترى البخاري في «كتاب التوحيد» من صحيحه يعرض لهذه المسائل وابن ماجه في مقدمة سننه.
وشرف العلم من شرف المعلوم، فلا أدري ما داعي الاستهانة بأبحاث الصفات.
وهناك من لكثرة ردهم على من يسمونهم غلاة لم يعد عندهم ما يقولونه في الرد على دعدوش وأضرابه إلا أن يتناقضوا.