قال أحمد في مسنده 3891 : حَدَّثَنَا عَفَّانُ،
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ، عَنْ
أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ:
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ، فَلَمَّا نَزَلَتْ: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ
وَالْفَتْحُ، قَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ
وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ.
وقال ابن سعد في الطبقات 1987: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ ، عَنْ
شُعْبَةَ (ح) وَأَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ ، عَنْ إِسْرَائِيلَ
بْنِ يُونُسَ ، جَمِيعًا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ
بْنَ عَبْدِ اللهِ ، يُخْبِرُ عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى الله
عَلَيه وسَلَّم يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ : سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، اللَّهُمَّ
اغْفِرْ لِي فَلَمَّا نَزَلَتْ : {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} قَالَ : سُبْحَانَكَ
اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ، إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ.
وهذا الخبر صحيح ، وإنما طعن فيه بعضهم من أجل عدم سماع أبي عبيدة من أبيه
وليست تلك بعلة قادحة ، فإنه أخذ حديث أبيه من علماء أهل بيته
وقال ابن المديني فِي حديث يرويه أبي عبيدة عن أبيه: هو منقطع، وهو حديث
ثبت.
وقال يعقوب بن شيبة: إنما استجاز أصحابنا أن يدخلوا حديث أبي عبيدة عن
أبيه فِي المسند – يعني فِي الحديث المتصل – لمعرفة أبي عبيدة بحديث أبيه وصحتها، وأنه
لَمْ يأت فيها بحديث منكر اهـ[ذكره ابن رجب في شرح العلل].
وقال الدارقطني في سننه (3/ 173) :” لما رواه أبو عبيدة بن عبد الله
بن مسعود عن أبيه بالسند الصحيح عنه الذي لا مطعن فيه ولا تأويل عليه وأبو عبيدة أعلم
بحديث أبيه وبمذهبه وفتياه من خشف بن مالك ونظرائه وعبد الله بن مسعود أتقى لربه وأشح
على دينه من أن يروى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه يقضي بقضاء ويفتي هو بخلافه
هذا لا يتوهم مثله على عبد الله بن مسعود وهو القائل في مسألة وردت عليه لم يسمع فيها
من رسول الله صلى الله عليه و سلم شيئا ولم يبلغه عنه فيها قول أقول فيها برأي فإن
يكن صوابا فمن الله ورسوله وإن يكن خطأ فمني ثم بلغه بعد ذلك أن فتياه فيها وافق قضاء
رسول الله صلى الله عليه و سلم في مثلها فرآه أصحابه عند ذلك فرح فرحا لم يروه فرح
مثله من موافقة فتياه قضاء رسول الله صلى الله عليه و سلم فمن كانت هذه صفته وهذا حاله
فكيف يصح عنه أن يروى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم شيئا ويخالفه ويشهد أيضا لرواية
أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه ما رواه وكيع وعبد الله بن وهب وغيرهما عن
سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم عن عبد الله بن مسعود أنه قال دية الخطأ أخماسا”
وقال الإمام أبو عبد الرحمن النسائي رحمه الله عند الحديث رقم [ 967 ]
من الكبرى : قال أبو عبد الرحمن أبو عبيدة لم يسمع من أبيه والحديث جيد . اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية [ مجموع الفتاوى 6/404 ] : وَيُقَالُ إنَّ
أَبَا عُبَيْدَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ؛ لَكِنْ هُوَ عَالِمٌ بِحَالِ أَبِيهِ
مُتَلَقٍّ لِآثَارِهِ مَنْ أَكَابِرِ أَصْحَابِ أَبِيهِ
وَهَذِهِ حَالٌ مُتَكَرِّرَةٌ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
– فَتَكُونُ مَشْهُورَةً عِنْدَ أَصْحَابِهِ فَيَكْثُرُ الْمُتَحَدِّثُ بِهَا وَلَمْ
يَكُنْ فِي أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ مَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ حَتَّى يَخَافَ أَنْ
يَكُونَ هُوَ الْوَاسِطَةَ فَلِهَذَا صَارَ النَّاسُ يَحْتَجُّونَ بِرِوَايَةِ ابْنِهِ
عَنْهُ وَإِنْ قِيلَ إنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ .اهـ
وقال ابن رجب في فتح الباري [ 6/24 ] : وأبو عبيدة ، لم يسمع من أبيه ،
لكن رواياته عنه صحيحة .اهـ
وقال أيضاً [ 6/81 ] : وأبو عبيدة ، وإن لم يسمع من أبيه ، إلا أن أحاديثه
عنه صحيحة ، تلقاها عن أهل بيته الثقات العارفين بحديث أبيه – : قاله ابن المدني وغيره
.اهـ
وقال أيضاً : [ 7 / 4 ] : وأبو عبيدة ، لم يسمع من أبيه ، لكن رواياته
عنه أخذها عن أهل بيته ، فهي صحيحة عندهم .اهـ
وقال الطحاوي في شرح معاني الآثار [ 1/95 ] : فإن قال قائل الآثار الأول
أولى من هذا لأنها متصلة وهذا منقطع لأن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه شيئا قيل له ليس
من هذه الجهة احتججنا بكلام أبي عبيدة إنما احتججنا به لأن مثله على تقدمه في العلم
وموضعه من عبد الله وخلطته لخاصته من بعده لا يخفي عليه مثل هذا من أموره فجعلنا قوله
ذلك حجة”
قال الحافظ النخشبي في الحنائيات ص 180 :
وأبو عبيدة [ يعني بن عبد الله بن مسعود ] لم يسمع من أبيه شيئاً وإنما
مات عبد الله وهو صغير , ولكن يقال : حديثه عن عبد الله صحيح كله , فإنه ما سمعه إلا
من علماء أصحاب أبيه , ولكنه مرسل , والله أعلم . اهـ
فالخبر صحيح يستحب العمل به
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم