خلق الإنسان والبعث والنقض على الملاحدة

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال تعالى : وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)
ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ (5) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6) فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ (8) .

فإن قيل : ما علاقة خلق الإنسان في أحسن تقويم بالدلالة على يوم الدين ( البعث )

فيقال : جاحدي البعث صنف طبائعي يدعي أن الطبيعة هي من خلقته وهؤلاء يمثلهم غلاة التطوريين اليوم وهؤلاء يقفون أمام معضلة أننا إذا كنا جئنا إلى هذه الدنيا لنعيش ونموت فحسب فما فائدة الوعي والكلام والقدرة على استخدام النار والرياضيات والمقدرة على فرز الكثير من الكائنات الأخرى والانتفاع بها وغيرها من الأمور التي يختص بها الإنسان من دون بقية الكائنات لماذا استمر التطور حتى جاء بالإنسان على هذه الصفة مع أننا نجد كائنات كثيرة أطول عمراً من الإنسان وليس عندها هذه الأمور

يقول ستيفن هاوكنج في كتابه الكون في قشرة جوز ( وهو علموي تطوري ولكنه فيزيائي ) :” فإننا ننحو إلى أن نرى الذكاء نتيجة حتمية للتطور إلا أن في وسع المرء أن يشك في ذلك فليس من الواضح أن للذكاء قيمة كبيرة في استمرار البقاء والبكتيريا تجيد البقاء تماماً بدون ذكاء وسوف تستمر باقية.

وأركان الاختبار في الدنيا أن يكون عند من يراد اختباره أدوات تؤهله لدخول الاختبار من وعي وكتب وربما يوجد معلمون يشرحون له ويعينونه ثم وجود أمد للاختبار عنده ينتهي الاختبار ، وهذا هو حال الانسان في الدنيا عنده هذه الأدوات وكلهم يموت فالزمان ليس عامل بناء مطلقاً كما يظنه التطورويون بل هو يبني إلى أمد ثم يهدم وهذه الحجة المشار إليها في قوله ( ثم رددناه أسفل سافلين )

وأما منكري البعث من كفار قريش ومن يوافقهم من الربوبيين المعاصرين الذين يقولون أن الله خلقنا ثم لا يقطعون بالبعث فهؤلاء أمام معضلة وتناقض أكبر وذلك أنهم يثبتون الحكمة والإحكام في ابتداء الخلق وينفونه في نهايته ولا تجد حجة على الخلق إلا وهي مثبتة للحكمة أيضاً فتأمل ما في هذه الآيات على وجازتها من هذه المعاني العظيمة التي تدمغ كل مبطل في أي زمان وصدق من قال ما مبطل إلا والرد عليه في القرآن علمه من علمه وجهله من جهله