جاء في مجلة الحقائق الدمشقية لعبد القادر الكيلاني الدمشقي العدد 20 – بتاريخ: 19 – 3 – 1912 يعني قبل سقوط الدولة العثمانية :” كانت المرأة في الشرق من أمد بعيد امرأة حقيقية شغلها الشاغل إصلاح إدارتها البيتية، وبغيتها الوحيدة تربية أطفالها وما يلتحق بذلك من حمل ووضع وإرضاع، كانت وغايتها القيام بالوظيفة الزوجية وعمل ما خلقت له. كانت وكان شعارها العفة، ودثارها الحياء ورداؤها التربية والأخلاق. ولم تزل حالها كذلك حتى تسربت إليها تلك الفتنة العظيمة فتنة الاختلاط بالمتفرنجات اللواتي نفثت فيهن المدنية الغربية سمومها فأودت بأخلاقهن وآدابهن. نشأ عن هذا الاختلاط ترك المرأة الشرقية لعاداتها وبغضها لآدابها وميلها إلى هذه الأزياء الجديدة (الموضة) فسقطت في وسط هذه المعممة ضعيفة ثم قويت حتى عدت من أكبر أنصارها.
من يجهل منا معاشر الدمشقيين ما كانت عليه المرأة الدمشقية من سنين قليلة من النزاهة والعفة، والأدب والحياء. من يجهل بم كانت تتزين في دارها أما زوجها، ومن كان يخيط لها ثيابها، وكم كانت قيمة ما تلبسه، وبماذا كانت ترتدي إذا عرضت لها حاجة شرعية ألزمتها الخروج إلى السوق.
تهتك النساء وتبرجهن في الثياب خصوصاً بعد إعلان الدستور في المملكة العثمانية لظنهن بأن الحرية هي إطلاق العنان لكل إنسان أي أن للشخص أن يعمل ما تشتهيه النفس، ويبعث عليه الهوى، وإن أضر بالأخلاق وهدم صروح الآداب، وأوجب مقت الله تعالى وسخطه.
أعان المرأة على ذلك نداء شرذمة من الكتاب المتفرنجين برفع الحجاب ووجوب إزالته، وندبهم حظ المرأة التعيس، وتصويرهم الحجاب لها بأقبح الصور، وإيهامها أنه هو الحائل بينها وبين رقيها، والمانع الأعظم من تقدمها وأن حياة الحجاب حياة الموت، وعيشة الضيق والآلام مع ما تقدم من احتكاكها ببعض المتفرنجات وتقليدها لهن بالزي والملبس وميل النفس للإطلاق وإغضاء الرجل عن كبح جماحها وردها إلى الطريق الأمثل، وعدم تربيتها التربية الشرعية الدينية.
من مجموع هذا كله فسد أمر المرأة، وتغير حالها حتى أصبحت كما هي اليوم
يخرج بعض النساء من دورهن لا لحاجة سوى النزهة والتسلي وربما كان ذلك لموعد ضربنه بينهن وبين أحد صويحباتهن ليس الحامل عليه إلا الاسترسال في التهتك وإرخاء العنان لتأخذ حظها من الغواية.
يخرجن متعطرات متزينات لابسات ثياباً خيراً من ثياب زينتهن أمام بعولتهن ليلفتن نظر صواحباتهن إلى جمالهن أو ليستلفتن إليهن نظر بعض الشباب. فيا للمروءة والشرف. ويا للفضيحة والعار! هكذا يصير حال النساء وإلى هذه الدرجة يؤول أمر أخلاقهن. والرجال إزاء هذه الأعمال الفظيعة كلها ساهون لاهون لا يبدون حراكاً كأنما غفلوا عما توجبه المروءة والشهامة، وتدعو إليه الغيرة على العرض!!
دمشق مع أنها بلدة الدين، بلدة الأمانة، مهبط وحي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. تنظر إليها الناس من أقطار الأرض كما ينظرون إلى الكواكب اللامعة في السماء، ويحسدونها على ما أوتيته من الفضيلة والفضل غفل أو تغافل أهلها عن تبرج النساء حتى استرسلوا استرسالاً سيعود عليهم (لا قدر الله) بالوبال والخزي إن لم يتداركه عقلاؤهم بالحكمة والاهتمام”
أقول : سبحان الله هذا الذي حصل قبل مائة عام يتكرر بصفاقة في بعض البلدان اليوم وكأن من فعله قديماً جنى من ورائه خيراً