قال ابن طاهر المقدسي في كتابه منتخب
المأثور من الحكايات والسؤالات 42_ سمعت عبد المؤمن بن عبد الصمد الزاهد ، بتنيس ،
يقول : كان عندنا بتنيس رجل رافضي ، وكان على طريق مسكنه كلب يعبر عليه كل من
بالمحلة من كبير وصغير فلا يتأذى به ، إلى أن يعبر الرافضي فيقوم ويمزق ثيابه
ويعقره ، إلى أن كثر ذلك منه واشتهر ، فشكا إلى صاحب السلطان ، وكان من أهل مذهبه
، فبعث من ضرب الكلب وأخرجه من المحلة .
ففي بعض الأيام نظر الكلب إلى ذلك الرجل
الرافضي وهو جالس على بعض الدكاكين في السوق ، فصعد على ظهر السوق وحاذى الرافضي ،
وخرى عليه ، فخرج الرجل من تنيس من خجالته
ولما حكى لي الشيخ عبد المؤمن هذه الحكاية
، وكان في مجلسه جماعة من أهل البلد ، فكلهم عرفوا الحكاية وصاحبها وحكاها لي ،
وهي عندهم مشهورة بتنيس “
أقول : ووالله إن الخنازير فضلاً عن
الكلاب أطهر من الرافضة
قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (2/518)
:” قَالَ الحَافِظُ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا المَعْمَرِ
المُبَارَكَ بنَ أَحْمَدَ، سَمِعْتُ أَبَا القَاسِمِ يُوْسُفَ بنَ عَلِيٍّ
الزَّنْجَانِيَّ الفَقِيْهَ، سَمِعْتُ الفَقِيْهَ أَبَا إِسْحَاقَ
الفَيْرُوْزَابَادِيَّ، سَمِعْتُ القَاضِي أَبَا الطَّيِّبِ يَقُوْلُ:
كُنَّا فِي مَجْلِسِ النَّظَرِ بِجَامِعِ
المَنْصُوْرِ، فَجَاءَ شَابٌّ خُرَاسَانِيٌّ، فَسَأَلَ عَنْ مَسْأَلَةِ
المُصَرَّاةِ ، فَطَالَبَ بِالدَّلِيْلِ، حَتَّى اسْتَدَلَّ بِحَدِيْثِ أَبِي
هُرَيْرَةَ الوَارِدِ فِيْهَا، فَقَالَ – وَكَانَ حَنَفِيّاً -: أَبُو هُرَيْرَةَ
غَيْرُ مَقْبُوْلِ الحَدِيْثِ (1) .
فَمَا اسْتَتَمَّ كَلاَمَهُ حَتَّى سَقَطَ
عَلَيْهِ حَيَّةٌ عَظِيْمَةٌ مِنْ سَقْفِ الجَامِعِ، فَوَثَبَ النَّاسُ مِنْ
أَجْلِهَا، وَهَرَبَ الشَّابُّ مِنْهَا وَهِيَ تَتْبَعُهُ.
فَقِيْلَ لَهُ: تُبْ تُبْ.
فَقَالَ: تُبْتُ.
فَغَابَتِ الحَيَّةُ، فَلَمْ يُرَ لَهَا
أَثَرٌ.
إِسْنَادُهَا أَئِمَّةٌ”
وهذه الجسارة من أهل الرأي على أبي هريرة
تفوه بها متقدموهم
قال ابن القيم في مختصر الصواعق المرسلة ص607
:” وطائفة حادية عشر : ردوه _ يعني خبر الواحد _ إذا كان الراوي له من
الصحابة غير فقيه بزعمهم وقبلوه إذا كان فقيهاً ، وبمثل هذا ردوا رواية أبي هريرة
إذا خالفت آراءهم ، قالوا لم يكن فقيهاً ، وقد أفتى في زمن عمر بن الخطاب وأقره
على الفتوى ، واستعمله نائباً على البحرين وغيرها ، ومن تلاميذه عبد الله بن عباس
وغيره من الصحابة ، وسعيد بن المسيب وغيره من التابعين
قال البخاري : روى العلم عنه ثمان مائة ما
بين صاحب وتابع ، وكان من أعلم الصحابة وأحفظهم له ، وكان قارئاً للقرآن ، وكان عربياً
والعربية طبعه ، وكان الصحابة يرجعون إلى روايته ويعملون بها ، نعم كان فقهه نوعاً
آخر غير الخواطر والآراء
قال الشافعي : ناظرت محمداً _ يعني
الشيباني _ في مسألة المصراة فذكرت الحديث ، فقال هذا خبر رواه أبو هريرة ، وكان
الذي جاء به شراً مما فر منه أو كما قال “
يريد الشافعي أن طعنه في أبي هريرة شر من
مخالفته للسنة في تلك المسألة ، وقد غضب ابن حزم غضباً شديداً على أهل الرأي من
أجل طعنهم في أبي هريرة
قال ابن حزم في المحلى (8/178) :” وروينا
من طريق أبى عبيد أنه ناظر في هذه المسألة محمد بن الحسن فلم يجد عنده أكثر من ان
قال: هذا من حديث أبى هريرة قال على: نعم هو والله من حديث أبى هريرة البر الصادق
لامن حديث مثل محمد ابن الحسن الذى قيل لعبد الله بن المبارك: من أفقه أبو يوسف.
أو محمد بن الحسن؟ فقال: قل: أيهما أكذب “
كذا ابن حزم في المحلى حيث قال (8/ 372)
:” وأما احتجاج أبى حنيفة بحديث المصراة فطامة من طوام الدهر وهو أول مخالف
له وزار عليه وطاعن فيه مخالف كل ما فيه، فمرة يجعله ذو التورع منهم منسوخا بتحريم
الربا وكذبوا في ذلك ما للربا ههنا مدخل، ومرة يجعلونه كذبا ويعرضون بأبى هريرة
والله تعالى يجزيهم بذلك في الدنيا والآخرة وهم أهل الكذب لا الفاضل البر أبو
هريرة رضى الله عنه وعن جميع الصحابة وكب الطاعن على أحد منهم لوجهه ومنخريه ثم لا
يستحيون من أن يحتجوا به فيما ليس فيه منه شيء “
وفي المجموع من أقوال حماد الأنصاري
لابنه عبد الأول 19- قال الوالد: “الأحناف غضاب على أبي هريرة رضي الله عنه؛
لأنّ أكثرَ ما رواه يردُّ عليهم ولله الحمد”.
قلت: يعني: أنّ الأحاديث التي رواها تردُّ
على أكثر آرائهم التي تخالف الأحاديث.
وفيه أيضاً قوله 274 – سمعته يقول: “إن
الأحناف يقولون: إن أبا هريرة رضي الله عنه: ليس بفقيه وهذه المقالة سبب قولهم لها
هو أن أبا هريرة رضي الله عنه صاحب حديث كثير والحديث الذي يرويه يقضى على كثير من
آرائهم”
ولئن يعيش المرء أصم أبكم خيرٌ له من أن
يتناول أولئك الأخيار بحرف ، ثبتنا الله عز وجل على السنة بمنه وكرمه
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم