قال أحمد في مسنده [ 6918 ]:
حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ
مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلَانَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ،
عَنْ جَدِّهِ، قَالَ:
” نَهَى رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ سَلَفٍ وَبَيْعٍ، وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ،
وَعَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ، وَعَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ “
هذا حديث ثابت وقد استفاد
شيخ الإسلام ابن تيمية من قوله ( نهى عن سلف وبيع ) النهي عن الجمع بين عقد المعاوضة
وعقد التبرع
فالسلف ( عقد تبرع ) والبيع
( عقد معاوضة )
فيقاس على السلف الهبة فكلاهما
عقد تبرع ويقاس على البيع الإجارة فكلاهما عقد معاوضة
فذهب شيخ الإسلام إلى حرمة
الأجرة المقرونة بالهبة ، فيقول له ( استأجر هذا البيت مني ، وأتبرع لك بكذا وكذا إذا
استأجرت مني البيت )
قال شيخ الإسلام في القواعد
النورانية ص142 :
” والمنع من هذه الحيل هو الصحيح قطعا لما روى عبد الله بن عمرو
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ولا ربح ما لم يضمن
ولا بيع ما ليس عندك رواه الأئمة الخمسة أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجة
وقال الترمذي حديث حسن صحيح فنهى صلى الله عليه وسلم عن أن يجمع بين سلف وبيع فإذا
جمع بين سلف وإجارة فهو جمع بين سلف وبيع أو مثله وكل تبرع يجمعه إلى البيع والإجارة
مثل الهبة والعارية والعرية والمحاباة في المساقاة والمزارعة والمبايعة وغير ذلك هي
مثل القرض
فجماع معنى الحديث أن لا
يجمع بين معاوضة وتبرع لأن ذلك التبرع إنما كان لأجل المعاوضة لا تبرعا مطلقا فيصير
جزءا من العوض فإذا اتفقا على أنه ليس بعوض جمعا بين أمرين متنافيين فإن من أقرض رجلا
ألف درهم وباعه سلعة تساوي خمسمائة بألف لم يرض بالاقتراض إلا بالثمن الزائد للسلعة
والمشتري لم يرض ببذل ذلك الثمن الزائد إلا لأجل الألف التي اقترضها فلا هذا باع بيعا
بألف ولا هذا أقرض قرضا محضا بل الحقيقة أنه أعطاه الألف والسلعة بألفين “
فإذا نزلنا هذه القاعدة
على مسألة ( اشتر واحدة والثانية مجاناً ) ، لانفصلنا إلى الحرمة على تقعيد شيخ الإسلام
فقولهم ( اشتر واحدة ) عقد
معاوضة
وقولهم ( والثانية مجاناً
) عقد تبرع والقاعدة كما قال الشيخ ( فجماع معنى الحديث أن لا يجمع بين معاوضة وتبرع
)
والذي اشترى الأولى إنما
اشتراها ليأخذ الثانية ، والذي أهدى الثانية إنما أهداها ليبيع الأولى فالأمر كما قال
الشيخ ( فإن من أقرض رجلا ألف درهم وباعه سلعة تساوي خمسمائة بألف لم يرض بالاقتراض
إلا بالثمن الزائد للسلعة والمشتري لم يرض ببذل ذلك الثمن الزائد إلا لأجل الألف التي
اقترضها فلا هذا باع بيعا بألف ولا هذا أقرض قرضا محضا)
هذا وصل اللهم على محمد وعلى
آله وصحبه وسلم