حاتم العوني بين منهج المتقدمين في الحديث ومنهجهم في العقيدة …

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فينتشر هذه الأيام مقطع للشريف حاتم العوني
_ وهو يحب كلمة الشريف جداً _ يعيب فيه على عثمان بن سعيد الدارمي تكفيره لبشر المريسي

ويحتج بكلام للذهبي وغيره في مسألة التفريق
بين الإطلاق والتعيين

علماً أن هذا لا يخدمه لا هو ولا غيره
فلو فرضنا أن بعض الواقعين ببدع الجهمية يعذرون ولا ينطبق عليها الاتفاق في تكفير السلف
للجهمية من جهة أعيانهم فإنه لا بد أن يكون هناك من قامت عليه الحجة منهم فكيف برأس
من رؤوسهم وهو بشر المريسي

فالاعتراض بمثل هذا داحض تماماً فلو عذرنا
الجاهل فلن نعذر الداعية فضلاً عن الرأس المؤسس في الضلالة

ولكن قبل كل هذا لننظر أولاً في منهج
حاتم العوني في باب الحديث تخصصه وماذا يقول فيمن يعارض أحكام الأئمة المتقدمين بكلام
مثل الذهبي

جاء في جواب مطول لحاتم العوني في لقائه
مع أعضاء ملتقى أهل الحديث ما يلي :

أمّا البيان الشافي فهو حري بمصنف كامل،
وهو ما قمت به بفضل الله ومنته، من نحو ثلاث سنوات. وإنّما أخرت طباعته ونشره استكمالاً
لبعض الجوانب غير الأساسية المتعلقة بالموضوع، فعسى أن ييسر الله (تعالى) نشره قريباً
(بإذنه عز وجل).

لكني سوف أذكر بعض الأمور التي تجلى وجه
الحق في هذه المسألة:

أولاً: لايتردد أحد ممن له علاقة بعلم
الحديث أن أئمة النقد في القرن الثالث والرابع، من أمثال ابن معين وابن المديني وأحمد
والبخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وأبي حاتم وأبي زرعة وابن خزيمة والعقيلي
وابن أبي حاتم وابن عدي وابن حبان والدارقطني وأمثالهم = أنهم أعلم (بمراتب كثيرة)
من المتأخرين من أمثال الذهبي وابن حجر والسخاوي والسيوطي فمن جاء بعدهم إلى المعاصرين.

ثانياً: لايشك أحد ممن له علاقة بعلم
الحديث وبعلمائه وتراجمهم وأخبارهم أن أئمة الحديث ممن سبق ذكر أعيانهم أسلم الناس
قلبا (وفكراً) من العلوم الدخيلة على العلوم الإسلامية التي أثرت فيها تأثيراً سيئاً،
كعلم المنطق ووليده علم الكلام، وأنهم في هذا الأمر ليسوا كعامة المتأخرين ممن تأثروا
بتلك العلوم: بطريق مباشر أو غير مباشر (كما بينت ذلك في المنهج المقترح).

ثالثاً: لايخفى على أحد أن علم الحديث
كان خلال القرون الأولى حياً بين أهله؛ لأنهم هم الذين سايروا مراحل نموه وتطوره، وواجهوا
الأخطار التي أحدقت به بما يدفعها، وهم الذين وضعوا قواعده وأتموا بناءه، حتى اكتمل.
وأنه بعد ذلك ابتدأ في التناقص، حتى وصل الى درجة الغربة ( كما صرح بذلك ابن الصلاح
ت 643هـ). ولذلك غمضت على المتأخرين كثير من معالمه، وخفيت عليهم معاني بعض مصطلحاته،
وصاروا يصرحون في مواطن كثيرة (بلسان الحال والمقال) أنهم مفتقرون الى الإستقراء والدراسة
لأقوال المتقدمين ومناهجهم لاستيضاح معالم علم الحديث ومعاني مصطلحاته التي كانت حية
واضحة المعالم عند المتقدمين (كما سبق).

ولذلك كنت قد وصفت المتقدمين في كتابي
(المنهج المقترح) بـ ( أهل الإصطلاح )، ووصفت المتأخرين بأنهم (ليسوا من أهل الإصطلاح)؛
لأنهم (أعني المتأخرين) مترجمون لمعاني مصطلحات المتقدمين، ومستنبطون لمعالم علمهم:
أصولاً وفروعاً، وليس لهم دور آخر سوى ذلك، إلا أن يحفظوا لنا الأوعية التي تركها المتقدمون
(وهي الكتب).

وبذلك يظهر لنا الفرق الكبير بين الفريقين،
إنه كالفرق بين: من كان من أهل الإحتجاج بلغته من العرب (فهم أهل اللغة)، ومن جاء بعد
انقراض هؤلاء ممن صنف كتب اللغة. بل من جاء بعدهم بزمن، بعد أن أفسد علم المنطق من
علوم اللغة ما أفسده في العلوم الأخرى، وبعد أن ضعف العلم باللغة كما ضعفت العلوم الأخرى!!!

وإذا كان الأمر بالنسبة للمتقدمين والمتأخرين
على ما سبق شرحه، فهل يشك أحد أن هناك فرقا بين المتقدمين والمتأخرين ؟!!!

وإني لأسأل: إذا تكلم في علم من العلوم
رجلان، أحدهما: أعلم به، بل هو من مبدعيه وواضعيه. وثانيهما: أقل علما به بمراتب، بل
قصارى شأنه أن يفهم كلام الأول ويستوضح منهجه = أيهما سيكون أولى بمعرفة الحق في مسائله؟
ومن منهما سيكون قوله أصوب وأسد.

وبصراحة أكثر: إذا صحّح أحد المتأخرين
حديثاً، ألن يؤثر على تسديد حكمه أنه : 1) أقل علماً من المتقدمين، 2) وأنه قد تأثر
فكره وعقله بمناهج غريبة عن علم الحديث، 3) وأنه ما زال مفتقراً لفهم واستيضاح بعض
معالم علم الحديث .. ؟!!

وإذا قرر أحد المتأخرين قاعدة من قواعد
نقد الحديث في القبول والرد، أو أصل أصلاً في إنزال الرواة منازلهم جرحاً أو تعديلاً،
ثم وجدنا أن تلك القاعدة أو ذلك الأصل يخالف ولا يطابق التقعيد الواضح أو المنهج اللائح
من أقوال أو تصرفات الأئمة المتقدمين = فمن سيتردد أن المرجع هم أهل الاصطلاح وبناة
العلم (وهم المتقدمون) ؟!!! إني – بحق – لا أعرف أحداً يخالف في ذلك؛ لأني لا أتصور
طالب علم يخفى عليه مأخذه!

أما قول من يقول: إن المتأخرين من علماء
الحديث (كالذهبي والعراقي وابن حجر والسخاوي والسيوطي) أعرف الناس بمنهج المتقدمين
في قواعد الحديث، وأنهم نصروا مذهبهم = فإني أقول له:

أولاً: فإذا اختلف المتأخرون (وما أكثر
ما اختلفوا فيه: من تعريف الحديث الصحيح … إلى المدبج ومعناه) = فمن هو الحكم؟ وإلى
ماذا المرجع؟ أو ليس هو تطبيقات المتقدمين وأحكامهم وأقوالهم؟

أم أن هذا القائل لتلك المقالة يريد منا
أن نقفل باب الاستقراء والدراسة لأقول الأئمة المتقدمين؟!!!

ما أشبه الليلة بالبارحة! كنا – معشر
أتباع الدليل – نذكر الأدلة لمقلدة المذاهب، ونعجب بل نستنكر قول المقلدين المتعصبين:
إن إمامنا أعرف بهذه الأدلة منكم، وكل من خالف قول إمامنا إما مؤول أو منسوخ!! ثم أرى
بعض أتباع الدليل يرجعون إلى مثل هذا القول!!!

فإن كان ذلك القائل لايريد منا إقفال
باب الاستقراء والدراسة لأقوال الأئمة المتقدمين، بل هو مؤيد لهذا المنهج = فما الذي
يستنكره على دعاة هذا المنهج؟! وأخشى ما أخشاه أنه بذلك يؤصل (من حيث يشعر أو لم يشعر)
منهج التقليد الأعمى، وينسف أصل السلفية العظيم، وهو الرجوع الى الدليل الصحيح، وهذا
ما نراه في بحوث ودراسات كثير من المعاصرين من المخالفين لنا في منهج دراسة علوم الحديث.
فأصبحنا ضحكة لأهل البدع: نجتهد في الفروع الفقهية، ونقلد في علوم الحديث!! ونرضى أن
نعد أخطاء العلماء العقدية، ونستشنع أن يخطأ أحد منهم في تفسير مصطلح من المصطلحات!!!

فإنا لله وإنا اليه راجعون.

أقول : هذا كلام جميل غاية وخلاصته أن
المتقدمين أولى بكل خير وأنهم المؤسسون لهذا العلم فكيف يعترض عليهم بكلام من تأخر
عنهم في علمهم الذي أسسوه وهذا كلام جيد

ويزاد أن التكفير والتبديع من أبواب الجرح
والتعديل فكيف يعترض على حكم إمام معاصر لهذا المجروح لم يعترض عليه أحد في عصره ممن
يكافئه في العلم بكلام رجل تأخر بقرون عن معاصرة هذا الشخص خصوصاً إذا تحدثنا عن كون
الحكم على الأعيان يتطلب فهم الملابسات الخاصة المتعلقة بهذا المعين

والآن سنذكر ما قيل في الاتفاق على تكفير
الجهمية عموماً من القوم المرضيين عندنا وعند حاتم

ثم ننقل ما قيل في تكفير المريسي خصوصاً
ثم نعرض لكلمة عجيبة للذهبي ثم بعد ذلك نعرض لفرية رددها المعلقون على سير أعلام النبلاء
على الدارمي

قال أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم
، قال : سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين ، وما أدركا عليه العلماء
في جميع الأمصار ، وما يعتقدان من ذلك ، فقالا : « أدركنا العلماء في جميع الأمصار….”

وذكرا عقيدة إلى أن قالا فيها
:” ومن زعم أن القرآن مخلوق فهو كافر بالله العظيم كفرا ينقل عن الملة . ومن شك
في كفره ممن يفهم فهو كافر”

وهذه مقالة المريسي وأبو حاتم وأبو زرعة
تقدم ذكر أسمائهم في كلام حاتم العوني على أنهما من كبار أئمة الجرح والتعديل

وفعلاً الأئمة ائتمنت هذين الرجل على
سنة محمد صلى الله عليه وسلم فنقلهم لمذاهب العلماء لا يشك فيه وقد نقلا الإجماع على
هذا وقد علم أن بشراً المريسي كان رأساً في الدعاة إلى هذه المقالة

وحتى متأخري أصحاب المذاهب يفرقون بين
الداعية وغير الداعية

قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ _ المجد ابن
تيمية _ : وَالصَّحِيحُ أَنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ كَفَّرْنَا فِيهَا الدَّاعِيَةَ فَإِنَّا
نُفَسِّقُ الْمُقَلِّدَ فِيهَا كَمَنْ يَقُولُ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ أَوْ أَنَّ أَلْفَاظَنَا
بِهِ مَخْلُوقَةٌ أَوْ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ أَوْ أَنَّ أَسْمَاءَهُ مَخْلُوقَةٌ
أَوْ أَنَّهُ لَا يَرَى فِي الْآخِرَةِ أو يسب الصَّحَابَةَ تَدَيُّنًا أَوْ أَنَّ
الْإِيمَانَ مُجَرَّدُ الِاعْتِقَادِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَمَنْ كَانَ عَالِمًا
فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْبِدَعِ يَدْعُو إلَيْهِ وَيُنَاظِرُ عَلَيْهِ فَهُوَ مَحْكُومٌ
بِكُفْرِهِ نَصَّ أَحْمَدُ صَرِيحًا عَلَى ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ قَالَ: وَاخْتَلَفَ
عَنْهُ فِي تَكْفِيرِ الْقَدَرِيَّةِ بِنَفْيِ خَلْقِ الْمَعَاصِي عَلَى رِوَايَتَيْنِ
وَلَهُ فِي الْخَوَارِجِ كَلَامٌ يَقْتَضِي فِي تَكْفِيرِهِمْ رِوَايَتَيْنِ. –

والواقع أن الجهمية أمرهم واحد ولكن لا
فرق بين داعية وغيره ولكن هذا النقل للإلزام ؟

ونقل الإجماع على تكفير الجهمية حرب الكرماني

وفي الأسماء والصفات للبيهقي الأشعري
542 – أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا زَكَرِيَّا
يَحْيَى بْنَ مُحَمَّدٍ الْعَنْبَرِيَّ , يَقُولُ: سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ مُوسَى
الْجُرْجَانِيُّ , بِنَيْسَابُورَ يَقُولُ: سَمِعْتُ سُوَيْدَ بْنَ  سَعِيدٍ , يَقُولُ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ
, وَحَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ , وَسُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ , وَالْفُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ
, وَشَرِيكَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ , وَيَحْيَى بْنَ سُلَيْمٍ , وَمُسْلِمَ بْنَ خَالِدٍ
, وَهِشَامَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْمَخْزُومِيَّ , وَجَرِيرَ بْنَ عَبْدِ الْحَمِيدِ
, وَعَلِيَّ بْنَ مُسْهِرٍ , وَعَبْدَةَ , وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ إِدْرِيسَ , وَحَفْصَ
بْنَ غِيَاثٍ , وَوَكِيعًا , وَمُحَمَّدَ بْنَ فُضَيْلٍ , وَعَبْدَ الرَّحِيمِ بْنَ
سُلَيْمَانَ , وَعَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبِي حَازِمٍ , وَالدَّرَاوَرْدِيَّ , وَإِسْمَاعِيلَ
بْنَ جَعْفَرٍ , وَحَاتِمَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ , وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ
, وَجَمِيعَ مَنْ حَمَلْتُ عَنْهُمُ الْعِلْمَ , يَقُولُونَ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ
, وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ , وَالْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى , وَصِفَةُ ذَاتِهِ
غَيْرُ مَخْلُوقٍ , مَنْ قَالَ: إِنَّهُ مَخْلُوقٌ , فَهُوَ كَافِرٌ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ
, وَأَفْضَلُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ
وَعُمَرُ وَعُثْمَانَ وَعَلِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. قَالَ عِمْرَانُ: وَبِذَلِكَ
أَقُولُ، وَبِهِ أَدِينُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَا رَأَيْتُ مُحَمَّدِيًّا قَطُّ
إِلَّا وَهُوَ يَقُولُهُ.

وهذا إجماع أيضاً

وفي اعتقاد قتيبة بن سعيد الذي رواه أبو
أحمد الحاكم بسند صحيح عنه نقل إجماع بهذا وقتيبة هذا شيخ أحمد وحديثه مخرج في الكتب
الستة وهو إمام متفق عليه

وعبثاً أجمع الإجماعات في هذا فهي كثيرة
جداً جداً هذا غير الإجماعات المنعقدة على كفر الرؤية وكفر منكر العلو وهذه كلها تلبس
بها المريسي وليس فقط تلبس بها بل هو رأس في الباب

والآن إلى الآثار الخاصة بالمريسي

قال عبد الله بن أحمد في السنة 179 –
(194) حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ، سَمِعْتُ شَبَابَةَ
بْنَ سَوَّارٍ، يَقُولُ: «اجْتَمَعَ رَايِي وَرَاي أَبِي النَّضْرِ هَاشِمِ بْنِ الْقَاسِمِ
وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ الْمَرِيسِيَّ كَافِرٌ جَاحِدٌ نَرَى أَنْ
يُسْتَتَابَ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ».

وهذا صحيح ولا مخالف لهؤلاء

وقال عبد الله أيضاً 181 – (196) سَمِعْتُ
سَوَّارَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي، سَمِعْتُ أَخِيَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَوَّارٍ، يَقُولُ: كُنْتُ عِنْدَ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فَوَثَبَ
النَّاسُ عَلَى بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ حَتَّى ضَرَبُوهُ وَقَالُوا: جَهْمِيُّ، فَقَالَ
لَهُ سُفْيَانُ: يَا دُوَيْبَةُ يَا دُوَيْبَةُ أَلَمْ تَسْمَعِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ
يَقُولُ {أَلَا #96# لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54] فَأَخْبَرَ عَزَّ وَجَلَّ
أَنَّ الْخَلْقَ غَيْرُ الْأَمْرِ، قِيلَ لِسَوَّارٍ فَأَيْشٍ قَالَ بِشْرٌ؟ قَالَ:
سَكَتَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ حُجَّةٌ “.

وهذا يدل على أنهم كانوا يقيمون عليه
الحجة

وقال عبد الله بن أحمد في السنة 183
– حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ابْنُ عَمِّ، أَحْمَدَ بْنِ مَنِيعٍ قَالَ:
سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، يَقُولُ: «بِشْرٌ الْمَرِيسِيُّ يَقُولُ
بِقَوْلِ صِنْفٍ مِنَ الزَّنَادِقَةِ سِيمَاهُمْ كَذَا

وهذا يدل على أنهم عرفوا أصل مقالاته

وقال عبد الله في السنة 184 – وَذَكَرَ
أَبُو بَكْرٍ الْأَعْيَنُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ، يَقُولُ: «لَعَنَ اللَّهُ
بِشْرًا الْمَرِيسِيَّ الْكَافِرَ».

وحاتم يعرف جيداً من هو أبو نعيم الفضل
بن دكين الإمام الذي روى عنه أحمد والبخاري وابن معين وغيرهم واتفق الناس على أنه من
أثبت الرواة

وقال عبد الله في السنة 185 – (199) حَدَّثَنِي
زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ دَلُّوَيْهِ، سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْوَاسِطِيِّ،
يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبَّادَ بْنَ الْعَوَّامِ، يَقُولُ: «كَلَّمْتُ بِشْرًا الْمَرِيسِيَّ
وَأَصْحَابَ بِشْرٍ فَرَأَيْتُ آخِرَ كَلَامِهِمْ يَنْتَهِي إِلَى أَنْ يَقُولُوا لَيْسَ
فِي السَّمَاءِ شَيْءٌ».

قال أبو داود في مسائله 1739 – وثنا عَبْدُ
الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: سَمِعْتُ شُعَيْبًا أَبَا صَالِحٍ، قَالَ:
وثنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الثِّقَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ
بنَ هَارُونَ، يَقُولُ: «بِشْرٌ الْمَرِيسِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الْأَصَمُّ كَافِرَانِ
حَلَالَا الدَّمِ» .

1740 – سَمِعْتُ قُتَيْبَةَ بْنَ سَعِيدٍ،
يَقُولُ: بِشْرٌ الْمَرِيسِيُّ الْكَافِرُ.

1741 – ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الصَّبَّاحِ
ثِقَةٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ،
يَقُولُ: «بِشْرٌ الْمَرِيسِيُّ كَافِرٌ بِاللَّهِ» .

1742 – وثنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ،
قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْكِلَابِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ وَكِيعًا،
يَقُولُ: «كَفَرَ الْمَرِيسِيُّ» .

وحاتم يعرف جيداً من هما يزيد بن هارون
الواسطي ووكيع وهما شيوخ الأئمة ولا يخلو كتاب من حديثهم

فتكفير هذا الرجل إجماع اتفق عليه عدد
من أئمة الإسلام الذين لهم المرجع في الرواية والفقه والجرح والتعديل

وبشر وقع منه أنه جلس مع الشافعي وناظره
الشافعي عدة مرات وأفحمه وصح عن الشافعي في مناقب البيهقي أنه دعا عليه بقوله
:” أدخلك الله أسفل السافلين مع فرعون وهارون وقارون.”

والشافعي رجل عف اللسان ما دعا بهذا عليه
إلا لشدة ما يرى منه

وقد ذكر له الشافعي حديثاً عن رسول الله
في القرعة فقال : هذا قمار !

ونقل أبو داود عن ابن مهدي تكفيره

وقال العجلي في ثقاته: بشر المريسي عليه
لعنة الله مرة واحدة، شيخ قصير دميم المنظر، وسخ الثياب، وافر الشعر، أشبه شئ باليهود،
وكان أبوه يهوديا، صباغا بالكوفة في سوف المراضع.

ثم قال: ” لا يرحمه الله فلقد كان
فاسقا “

قال اللالكائي : بِشْرُ بْنُ غِيَاثٍ الْمَرِيسِيُّ , لَعَنَهُ اللَّهُ وَكَانَ صَبَّاغًا يَهُوَدِيًّا “. وَكَفَّرَهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَعَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَوَكِيعٌ، وَأَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وَشَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، وَالْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَبِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَيُوسُفُ بْنُ الطَّبَّاعِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَسَّانَ الشَّامِيُّ، وَمُحَمَّدٌ وَيَعْلَى ابْنَا عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيَّانِ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ، وَأَبُو قَتَادَةَ الْحَرَّانِيُّ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، وَبِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ الزَّاهِدُ، وَأَبُو الْبَخْتَرِيِّ وَهْبُ بْنُ وَهْبٍ السُّوَائِيُّ الْمَدَنِيُّ قَاضِي بَغْدَادَ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، وَعَبْدُ السَّلَامِ بْنُ صَالِحٍ الْهَرَوِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ

قال الخطيب: حكى عنه أقوال شنيعة، أساء
أهل العلم قولهم فيه، وكفره أكثرهم لاجلها، وأسند من الحديث شيئاً يسيراً.

قال أبو زرعة الرازي: بشر المريسى زنديق.

أقول : قصر الخطيب بل لا أعرف أحداً لم
يكفره أو يشر إلى ذلك 

وحاتم لو وقف على كلمة لواحد من هؤلاء  في التسهيل مع مبتدع ما لنشرها وعلق عليها وهذا لعمرك الهوى ، وأنا أذكر لحاتم أئمة الحديث الذين نذر قسماً كبيراً من عمره في دراسة كلامهم وفهمه وأنهم هم مرجع الأمة كلها في علم الإسناد الذي اختصت به هذه الأمة دون الأمم

والدارمي حين صنف كتابه كان المريسي قد
مات فما هو إلا سائر على نهج أهل الحديث في شأنه الذين عاصروه وخبروه ومن قواعد علم
الحديث أن المعاصر والبلدي أعلم بالرجل من غيره فإذا تتابعوا وبينوا انتفت شبهة كلام
الأقران .

فحاتم ما وجد شيئاً ينتقده على الدارمي
إلا هذا !

والآن مع وقفة لكلمة للذهبي في السير
علق بها على ترجمة المريسي :” وَمَنْ كُفِّرَ بِبِدْعَةٍ – وَإِنْ جَلَّتْ – لَيْسَ
هُوَ مِثْلَ الكَافِرِ الأَصْلِيِّ، وَلاَ اليَهُوْدِيِّ، وَالمَجُوْسِيِّ، أَبَى اللهُ
أَنْ يَجْعَلَ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَرَسُوْلِهِ، وَاليَوْمِ الآخِرِ، وَصَامَ، وَصَلَّى،
وَحَجَّ، وَزَكَّى – وَإِنِ ارْتَكَبَ العَظَائِمَ، وضَلَّ، وَابِتَدَعَ – كَمَنْ عَانَدَ
الرَّسُوْلَ، وَعَبَدَ الوَثَنَ، وَنَبَذَ الشَّرَائِعَ، وَكَفَرَ، وَلَكِنْ نَبْرَأُ
إِلَى اللهِ مِنَ البِدَعِ وَأَهْلِهَا”

أقول : هذه كلمة عجيبة وقد أبدى المحققون
إعجابهم بها وقد فرح بها حاتم وهي كلمة غالطة تماماً من وجوه

أولها : أن الكفر ببدعة أو بكفر أصلي
كله موجب للخلود في النار فمثل هذه المقارنة لا طائل تحتها في الحكم الأخروي وأما الحكم
الدنيوي فالذي كفر بعد الإسلام يصير مرتداً والكافر الأصلي في حالات تقبل منه الجزية
والعهد وغيرها وهذا لا يقبل منه

ثم إن هذا أبلغ في قيام الحجة عليه

الثاني : أن الله عز وجل جعل المنافقين
في الدرك الأسفل من النار مع أنهم يصومون ويصلون وذلك أنهم أخطر على الإسلام من الكافر
الأصلي لأن الكافر الأصلي كفره واضح وهذا كفره مبطن وينافق المسلمين يصلي معهم ويصوم

ثم ما أغنى عن أهل الردة صلاتهم وصيامهم
لما امتنعوا عن الزكاة جحوداً أو غير ذلك وما كان صنيع الصحابة معهم

وفي الحديث أن أشقى الناس عاقر الناقة
وقاتل علي . فما الذي جعله شقياً هذا الشقاء سوى أن صنيعه جامع صلاة وصياماً أذهبها
هباءً منثوراً

ويا ليت شعري ما صنيع المريسي إلا ضرب
من ضروب من المعاندة فإنه جاء إلى أخبار هي أظهر من أخبار الصلاة والزكاة والحج وهي
أخبار الصفات لله عز وجل وردها بالتحريف ، والتحريف هو الجحود بطريقة دبلوماسية

فلماذا نسمي من ينكر نصوص المعاد ويقول
هي تخييل قرمطيا ومن ينكر الأوامر والنواهي ، ثم لا نقول هذا فيمن يستخدم المعول نفسه
في أخبار الصفات

والمريسي رجل متفقه يعرف قدر أهل الحديث
ورواياتهم

الثالث : أن بدعة الجهمية التي جاء بها
المريسي وأضرابه نص السلف أن شر من مقالة اليهود والنصارى في صفات الله

ال عبد الله بن المبارك رحمه الله: إنّا
لنَحكي كلام اليهود والنّصارى

ولا نستطيعُ أن نَحكي كلام الجهمية.
[«خلق أفعال العباد» (16)]

* قال أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله:
مَن قال: القرآنُ مخلوقٌ؛ فقد

افترى على الله جل وعلا، وقال عليه ما
لـم تَقُله اليهودُ والنصارى. [السنة

لعبد الله (73)]

   
وقال أيضًا: من قال: ( القرآن مخلوق ) ؛ فهو شرّ ممن قال: ( إن الله

ثالث ثلاثة ) جل الله وتعالى ؛ لأن أولئك
يثبتون شيئًا ، وهؤلاء لا يثبتون

المعنى . [اللالكائي (452)]

* قال البخاري رحمه الله في «خلق أفعال
العباد» (34): نظرتُ في

كلام اليهودِ والنصارى والمجوس ؛ فما
رأيتُ قومًا أضلّ في كفرِهم منهم،

وإني لأستَجهلُ مِن لا يُكفرهم إلَّا
مَن لا يعرف كفرهم. – يعني: الجهمية .

* قال عبد الله بن إدريس : اليهود والنصارى
والمجوس هم والله خير ممن

يقول: القرآن مخلوق.

* وقال أبو عُبيد سلام بن مسكين: من قال:
(القرآن مخلوق)، فليس شيءٌ

مِن الكفر إلَّا هو دونه، فقد قال هذا
على الله ما لم تقله اليهود

والنصارى، وإنما مذهبهم التعطيل
.     [ السنة للخلال (1946) ]

( تنبيه كذا بالأصل كناه بأبي عبيد ,
ولم أر من كنى سلاماً بهذا إلا في هذا الموضع ]

 
* وقال سعيد بن عامر: الجهمية شرٌّ قولًا من اليهود والنصارى، قد اجتمعت

اليهود والنصارى وأهل الأديان: أن الله
تبارك وتعالى على العرش، وقالوا

هم: ليس على العرش شيء.       [ 
«خلق أفعال العباد» (18) ]

 
* وقال عثمان بن سعيد الدارمي في “النقض” وهو يتكلم عن الجهمية: لقد

سببتم الله بأقبح ما سبه اليهود: {وقالت
اليهود يد الله مغلولة}، وقلتم

أنتم: يد الله مخلوقة لما ادعيتم أنها
نعمته ورزقه؛ لأن النعمة والأرزاق

مخلوقة كلها، ثم زدتم على اليهود، فادعيتم
أن وجه الله مخلوق؛ إذا ادعيتم

أنه وجه القبلة، ووجوه الأعمال الصالحة،
وكوجه الثوب والحائط، وهذه كلها

مخلوقة، فادعيتم أن علمه وكلامه وأسماءه
محدثة مخلوقة، كما هي لكم فما

بقي إلا أن تقولوا: هو بكماله مخلوق،
فلذلك قلنا: إنكم سببتم الله بأقبح

ما سبته اليهود. اهـ

* قال ابن خزيمة رحمه الله في  [ «التوحيد» (1/202) ] :

 باب ذكر إثبات الرجل لله تعالى، وإن رَغِمت أُنوفُ
المعطّلة الجهمية الذين يكفرون بصفات خالقنا سبحانه وتعالى التي أثبتها لنفسه في مُحكم
تنزيله، وعلى لسان نبيه المصطفى.

 قال الله عزوجل يذكر ما يدعو بعض الكفار من دون الله:
{ أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا

أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا
أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ

بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ
بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ }

فأعلمنا رَبنا جَلّ وعلا أن مَن لَا رِجلَ
لَه ، ولا يَدَ، ولَا عَينَ ، وَلا سَمعَ فهو كالأنعامِ بل هو أضّل , فالمعطلة الجهمية
: الذين هم شَرٌّ مِن اليهود والنصارى والمجوس : كالأنعام

بل أضلّ . اهـ

وشرح المسألة أن اليهود والنصارى يثبتون
وجوداً حقيقياً لله عز وجل ويثبتون له صفات وأما الجهمية فحقيقة مقالتهم تعطيل وجود
الله وجعل وجوده وجوداً ذهنياً معنوياً فحسب فالذي لا داخل العالم ولا خارجه ولا يوصف
بشيء هذا هو العدم

والتجسيم والتشبيه خير من التعطيل لأن
التعطيل شقيق الإلحاد

ولكن هذا لا يظهر لكل أحد لهذا لم يكن
الجهمي الواقفي مثلاً في حكم اليهودي والنصراني ولا يصير غير مكفر اليهودي والنصراني
كغير مكفر الجهمي من كل وجه لأن الجهمية يموهون على الناس ويمخرقون ولبسط هذه المسألة
محل آخر

وإذا كان القدرية الذين ينفون علم الله
بالمستقبلات كفروا فكيف بمن ينفي عامة صفاته وأهمها العلو وقد اعترف الفيلسوف ابن رشد
أن العلو هو أظهر مسائل الشريعة

وتعطيل المعطلة هو الذي فتح الباب لكل
زنادقة الدنيا

فالذين تأثروا بأرسطو في نفي المعاد الجسماني
قالوا نؤول هي النصوص كما أولت نصوص الصفات

واليوم ظهر من يعطل الشرائع ويؤولها بتأويلات
هي من جنس تأويلات المريسي وأضرابه

وقد نقل المعلقون على سير أعلام النبلاء
الكلمة التالية :” وقال الشيخ محمد حامد الفقي: إنه أتى فيه ببعض ألفاظ دعاه إليها
عنف الرد، وشدة الحرص على إثبات صفات الله وأسمائه التي كان يبالغ بشر المريسي وشيعته
في نفيها، وكان الأولى والاحسن أن لا يأتي بها، وأن يقتصر على الثابت من الكتاب والسنة
الصحيحة كمثل الجسم والمكان والحيز، فإنني لا أوافقه عليها، ولا أستجيز إطلاقها، لأنها
لم تأت في كتاب الله ولا في سنة صحيح”

وتحتها يتكلمون عن الإنصاف !

وهذا كذب من محمد حامد الفقي على الدارمي
ولا أدري كيف صدر منه وقد تعقبه كل المحققين للكتاب فلا يوجد في كتاب الدارمي إثبات
الجسم أو التحيز

بل واقع الأمر أنه اعتبر القول أن أهل
السنة يثبتون الجسم كذباً عليهم

قال الدارمي في رده على المريسي
:” وَذِكْرُ الْجِسْمِ3 وَالْفَمِ وَاللِّسَانِ خُرَافَاتٌ4 وَفُضُولٌ مَرْفُوعَةٌ
عَنَّا، لَمْ نُكَلَّفْهُ فِي دِينِنَا، وَلَا يَشُكُّ أَحَدٌ أَنَّ الْكَلَامَ يَخْرُجُ
مِنَ الْمُتَكَلِّمِ”

الفم فيه أثر عن محمد بن كعب القرظي التابعي
وأما البقية فالأمر كما يقال وهذا يدلك على أن الكلام المذكور فرية

وأما المكان

قال محمد بن كعب القرظي رحمه الله: وهذا
في كتاب الله (سلام قولا من رب رحيم) ؟ فيقول: سلوني، فيقولون: ماذا نسألك، أي رب؟
قال: بل سلوني قالوا: نسألك أي رب رضاك، قال: رضائي أحلكم دار كرامتي، قالوا: يا رب
وما الذي نسألك! فوعزتك وجلالك، وارتفاع مكانك، لو قسمت علينا رزق الثقلين لأطعمناهم،
ولأسقيناهم، ولألبسناهم ولأخدمناهم، لا ينقصنا ذلك شيئا..[رواه الطبري في تفسيره]

– قال مجاهد بن جبر رحمه الله وهو تلميذ
ابن عباس رضي الله عنه:

“قال: ” بين السماء السابعة،
وبين العرش سبعون ألف حجاب: حجاب نور، وحجاب ظلمة، وحجاب نور، وحجاب ظلمة، فما زال
موسى عليه السلام يقرب حتى كان بينه وبينه حجاب، فلما رأى مكانه وسمع صريف القلم قال:
{رب أرني أنظر إليك}[العظمة لأبي الشيخ]

قال الذهبي: “هذا ثابت عن مجاهد
إمام التفسير”[العلو ص98]

– قال الخلال في كتاب السنة:أخبرني جعفر
بن محمد الفريابي، حدثنا أحمد ابن محمد المقدمي، حدثنا سلميان بن حرب،قال: سأل بشر
بن السري حماد بن زيد فقال: يا أبا إسماعيل، الحديث الذي جاء «ينزل الله إلى السماء
الدنيا» يتحول من مكان إلى مكان؟

 فسكت حماد بن زيد، ثم قال: هو في مكانه، يقرب من
خلقه كيف يشاء”[درء التعارض2/24-25]

وحماد بن زيد الإمام المعروف.

– قال حرب الكرماني رحمه الله تلميذ الإمام
أحمد:

“الجهمية أعداء الله وهم الذين يزعمون
أن القرآن مخلوق…وأنه لا يعرف لله مكان وليس على عرش ولا كرسي وكلام كثير أكره حكايته
وهم كفار زنادقة أعداء الله فاحذروهم.”[السنة 96]

قال أحمد في مسنده 13562 :

 حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا
قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ:

” يُحْشَرُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ فَيَهْتَمُّونَ لِذَلِكَ، فَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنَا عَلَى رَبِّنَا
حَتَّى  يُرِيحُنَا مِنْ مَكَانِنَا، فَيَأْتُونَ
آدَمَ فَيَقُولُونَ: أَنْتَ أَبُونَا، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَأَسْجَدَ لَكَ
مَلَائِكَتَهُ، وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ، فَاشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّكَ  قَالَ: 
فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ أَكْلَهُ
مِنَ الشَّجَرَةِ، وَقَدْ نُهِيَ عَنْهَا

 وَلَكِنْ ائْتُوا نُوحًا، أَوَّلَ نَبِيٍّ بَعَثَهُ
اللَّهُ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ

 قَالَ: فَيَأْتُونَ نُوحًا، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ،
وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ سُؤَالَهُ اللَّهَ بِغَيْرِ عِلْمٍ

 وَلَكِنْ ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ

 فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ،
وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ ثَلَاثَ كَذِبَاتٍ كَذَبَهُنَّ، قَوْلَهُ:
إِنِّي سَقِيمٌ، وَقَوْلَهُ: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا وَأَتَى عَلَى جَبَّارٍ
مُتْرَفٍ وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ، فَقَالَ: أَخْبِرِيهِ أَنِّي أَخُوكِ فَإِنِّي مُخْبِرُهُ
أَنَّكِ أُخْتِي، وَلَكِنْ ائْتُوا مُوسَى عَبْدًا كَلَّمَهُ اللَّهُ تَكْلِيمًا، وَأَعْطَاهُ
التَّوْرَاةَ

 وَقَالَ: فَيَأْتُونَ مُوسَى، فَيَقُولُ: لَسْتُ
هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ قَتْلَهُ الرَّجُلَ

 وَلَكِنْ ائْتُوا عِيسَى عَبْدَ اللَّهِ وَرَسُولَهُ
وَكَلِمَةَ اللَّهِ وَرُوحَهُ، فَيَأْتُونَ عِيسَى، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَلَكِنْ
ائْتُوا مُحَمَّدًا عَبْدَ اللَّهِ وَرَسُولَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ
وَمَا تَأَخَّرَ

 قَالَ: ” فَيَأْتُونِي فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى
رَبِّي فِي دَارِهِ، فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ، فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا،
فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي

 ثُمَّ يَقُولُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ يَا مُحَمَّدُ،
وَقُلْ تُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَ «فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَحْمَدُ
رَبِّي بِثَنَاءٍ وَتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا،
فَأَخْرُجُ فَأُدْخِلُهُمْ فِي الْجَنَّةِ

 قَالَ هَمَّامٌ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: ” فَأُخْرِجُهُمْ
مِنَ النَّارِ وَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي الثَّانِيَةَ،
فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ، فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ
اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي

 ثُمَّ يَقُولُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ مُحَمَّدُ، وَقُلْ
تُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَ

 قَالَ: ” فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَحْمَدُ رَبِّي
بِثَنَاءٍ وَتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَأَخْرُجُ
فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ – قَالَ هَمَّامٌ وَأَيْضًا سَمِعْتُهُ يَقُولُ: فَأُخْرِجُهُمْ
مِنَ النَّارِ فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ

 قَالَ: ثُمَّ أَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي الثَّالِثَةَ،
فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي

 ثُمَّ يَقُولُ: ارْفَعْ مُحَمَّدُ،، وَقُلْ تُسْمَعْ،
وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَ

 فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِثَنَاءٍ
وَتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَأُخْرِجُ فَأُدْخِلُهُمُ
الْجَنَّةَ – قَالَ هَمَّامٌ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ فَأُدْخِلُهُمُ
الْجَنَّةَ – فَلَا يَبْقَى فِي النَّارِ إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ «أَيْ وَجَبَ
عَلَيْهِ الْخُلُودُ» ، ثُمَّ تَلَا قَتَادَةُ: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا
مَحْمُودًا} ، قَالَ: هُوَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ الَّذِي وَعَدَ اللَّهُ نَبِيَّهُ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ”

أقول : هذا الحديث رواه البخاري في صحيحه
بهذا التمام ( 7439 )

ولا أعلم أحداً من الأئمة تكلم في صحة
هذا الحديث ، حتى من استشكل متنه من الأشاعرة والكلابية كالبيهقي والخطابي وابن بطال
وابن حجر

وتكلم بعض المعاصرين في سنده وقال إن
هماماً تفرد بهذه الزيادة عن قتادة ( فأستأذن على ربي في داره )

والجواب على هذا الإعلال من وجوه

أولها : أن هذا الحديث صححه البخاري وابن
مندة وابن أبي عاصم وأوردوه في كتب الاعتقاد وما تكلم أحدٌ في صحته من المتقدمين أو
المتأخرين ، فهو من الأحاديث التي تلقيت بالقبول في صحيح البخاري وهذا يغني عن النظر
في سنده

ثانيها : أن هماماً ثقة ثبت أثنوا عليه
في حديثه عن قتادة خاصة

قال الحسين بن الحسن الرازى : قلت ليحيى
بن معين : همام ؟ فقال : ثقة ،

صالح ، و هو فى قتادة أحب إلى من حماد
بن سلمة ، و أحسنهم حديثا عن قتادة .

و قال أبو بكر بن خيثمة ، عن يحيى بن
معين : همام فى قتادة أحب إلى من

أبى عوانة ، همام ، ثم أبو عوانة ، ثم
أبان العطار ، ثم حماد بن سلمة .

و قال عثمان بن سعيد الدارمى : قلت ليحيى
بن معين : همام أحب إليك فى قتادة أو أبان ؟

قال : ما أقربهما ، كلاهما ثقتان . قلت
: فهمام أحب إليك عن قتادة أو أبو عوانة ؟

 قال : همام أحب إلى من أبى عوانة .

و قال على ابن المدينى ، و ذكر أصحاب
قتادة : كان هشام الدستوائى أرواهم عنه ، و كان سعيد أعلمهم به ، و كان شعبة أعلمهم
بما سمع قتادة و ما لم يسمع . قال : و لم يكن همام عندى بدون القوم فى قتادة ، و لم
يكن ليحيى فيه رأى ، و كان عبد الرحمن بن مهدى حسن الرأى فيه .

وهذا يدل على أن ما ذكروا من أوهامه فليست
من حديثه عن قتادة ، ثم إن تخريج البخاري لهذا الحديث كالنص على أنه ليس من أوهامه

ثم إنه قد روى عنه هذا الحديث عفان بن
مسلم وكان من المتثبين والنقاد

واللفظة التي استنكرها المعاصرون كررها
همام ثلاثاً مما يدل على أنه حفظها ، وهذه الأحاديث الطوال زيادة الرواة فيها على بعضهم
البعض يتسامح فيها ، لأنه قل أن يسمعها أحد ويؤديها كما سمعها نصاً ، بل ربما فات بعض
الرواة ما تنبه له الآخر وهم في أصل الحديث متفقون

والدار بمعنى المكان لذا فقول المعلق
على المخالفات العقدية في الفتح ص60 :” توهم الخطابي لا مبرر له؛ لأن الحديث لا
يفيد أن الدار مكانه” فيه نظر

بل قال ابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة
(1/191) :” وأما المكان: ففيه نزاع وتفصيل. وفي الصحيحين: إثبات لفظ المكان”

وقال الطبري في تفسيره :”  وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: وَهُوَ الْعَلِيُّ عَلَى خَلْقِهِ بِارْتِفَاعِ مَكَانِهِ عَنْ أَمَاكِنِ خَلْقِهِ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ فَوْقَ جَمِيعِ خَلْقِهِ وَخَلْقُهُ دُونَهُ، كَمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ أَنَّهُ عَلَى الْعَرْشِ، فَهُوَ عَالٍ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ”


وقال البيهقي في الأسماء والصفات 265 – أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ , أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ , ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ , ثنا قُتَيْبَةُ , ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ , عَنْ دَرَّاجٍ , عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” إِنَّ الشَّيْطَانَ قَالَ: وَعِزَّتِكَ لَا أَبْرَحُ أُغْوِي عِبَادَكَ مَا دَامَتْ أَرْوَاحُهُمْ – يَعْنِي فِي أَجْسَادِهِمْ – قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي وَارْتِفَاعِ مَكَانِي لَا أَزَالُ أَغْفِرُ لَهُمْ مَا اسْتَغْفَرُونِي “

وهذا الإسناد يمشيه أمثال أحمد شاكر وعلي الشحود ومحمود سعيد ممدوح وهو خير مما يستدل به الصوفية في باب التوسل بكثير 

وقال ابن تيمية في بيان التلبيس :”   هذا معما جاء في الآثار من اثبات مكانه تعالى كالحديث الذي رواه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال ان الشيطان قال وعزتك يارب لا ابرح اغوي عبادك ما دامت ارواحهم في اجسادهم فقال الرب تعالى وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لا ازال اغفر لهم ما استغفروني
 وفي شعر حسان … تعالى علوا فوق عرش الهنا … وكان مكان الله اعلا وارفعا  “

وهذا في صحيح البخاري فقط ، وأراد بالمكان
الدار ، أو أنه أراد حديث شريك المعروف في الإسراء

وليس في هذا ما يتوهمه المعطلة من أن
الله عز وجل يحيط به مخلوق ، بل يراد به أنه سبحانه في علوه فوق العرش

واعلم رحمك الله أن لفظ المكان أثبته
عدد كبير من أئمة أهل السنة ، ولا أعرف عن إمام في القرون الفاضلة أنه قال ( بأن الله
ليس له مكان )

وقد صرح بهذا شيخ الإسلام ابن تيمية في
بيان تلبيس الجهمية حيث قال (2/45) :” ولا يقدر احد ان ينقل عن احد من سلف الامة
وائمتها في القرون الثلاثة حرفا واحدا يخالف ذلك لم يقولوا شيئا من عبارات النافية
ان الله ليس في السماء والله ليس فوق العرش ولا انه لا داخل العالم ولا خارجه ولا ان
جميع الامكنة بالنسبة اليه سواء ولا انه في كل مكان أو أنه ليس في مكان او انه لا تجوز
الاشارة الحسية اليه ولا نحو ذلك من العبارات التي تطلقها النفاة”

وقوله ( أو أنه ليس في مكان ) سقطت من
طبعة ابن قاسم وهي موجودة في الطبعة الجديدة

قال البخاري في خلق أفعال العباد 61-
وَقَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ : إِذَا قَالَ لَكَ جَهْمِيٌّ : أَنَا أَكْفُرُ بِرَبٍّ
يَزُولُ عَنْ مَكَانِهِ ، فَقُلْ : أَنَا أُؤْمِنُ بِرَبٍّ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ.

وأقر البخاري هذا الكلام

وقال ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث
ص83 :” ولو أن هؤلاء رجعوا إلى فطرهم وما ركبت عليه خلقتهم من معرفة الخالق سبحانه
لعلموا أن الله تعالى هو العلي وهو الأعلى وهو بالمكان الرفيع وأن القلوب عند الذكر
تسمو نحوه والأيدي ترفع بالدعاء إليه ومن العلو”

فتأمل قوله ( وهو بالمكان الرفيع)

فتبين أن هذا اللفظ قال به جمع من الأئمة
وعندهم مستندهم الأثري ، ولا يعلم نفي ( المكان ) عن أحد من المتقدمين في القرون الثلاثة
، ومحل الاتفاق نفي المكان المخلوق

وقال شيخ الإسلام في الاستقامة
(1/127) :” ثم المثبت لما جاءت به السنة يرد عليه بمنع بعض هذه المقدمات والتفصيل
فيها أو بعضها وبيان الحق في ذلك من الباطل مثل أن يقال المكان يراد به ما يحيط بالشئ
والله لا يحيط به مخلوق أو يراد به ما يفتقر إليه الممكن والله لا يفتقر إلى شئ وقد
يراد بالمكان ما يكون الشئ فوقه والله فوق عرشه فوق سماواته فلا يسلم نفى المكان عنه
بهذا التفسير

ونقول قد وردت الآثار الثابتة بإثبات
لفظ المكان فلا يصح نفيه مطلقا “

وقال ابن تيمية في الاستقامة :”
ونقول قد وَردت الْآثَار الثَّابِتَة بِإِثْبَات لفظ الْمَكَان فَلَا يَصح نَفْيه مُطلقًا”

وذكر المكان وارد حتى في روايات الرافضة
والزيدية ولا أحد يريد المكان المخلوق المحيط بالله من كل جهة وإنما يراد علوه المطلق
سبحانه فوق عرشه

فتثريب محمد حامد وتعليق المعلقين مجرد
فرية من وجه وتناكد وحكم بالجهل من وجه آخر

علماً أنهم فوقها يدافعون عن المريسي
فسبحان الله وهذا أمر يقع لعدد منهم أصحاب ما بعد السلفية إذ لما جاءوا يدعون الإنصاف
مع المبتدعة ظلموا أهل السنة وادعوا أنهم أثبتوا صفات بغير دليل فذكروا الجلوس ثم عمرو
بسيوني منهم له تسجيل صوتي يثبت به صفة الجلوس بالأحاديث !

هذا وصل اللهم على محمد
وعلى آله وصحبه وسلم