فإن القاريء في كتاب الحلية لأبي نعيم يراه كثيراً ما يستخدم عبارة ( غريب
) وكثيراً ما يقيدها فيقول ( غريب ) من حديث فلان عن فلان ، وقد يستخدم عدة علماء لفظاً
معيناً ويكون مقصودهم مختلفاً
فالزيلعي مثلاً يعني بقوله ( غريب ) ما لا أصل له
وأما أبو نعيم فقد وضح شيخ الإسلام مقصوده حيث قال كما في مجموع الفتاوى
(1/260) :” وكذلك ما يرويه خيثمة بن سليمان فى فضائل الصحابة وما يرويه أبو نعيم
الأصبهانى فى فضائل الخلفاء فى كتاب مفرد فى أول حلية الأولياء وما يرويه أبو الليث
السمرقندى وعبد العزيز الكنانى وأبو على بن البناء وأمثالهم من الشيوخ وما يرويه أبو
بكر الخطيب وأبو الفضل بن ناصر وأبو موسى المدينى وأبو القاسم بن عساكر والحافظ عبد
الغنى وأمثالهم ممن لهم معرفة بالحديث فانهم كثيرا ما يروون فى تصانيفهم ما روى مطلقا
على عادتهم الجارية ليعرف ما روى فى ذلك الباب لا ليحتج بكل ما روى وقد يتكلم أحدهم
على الحديث ويقول غريب ومنكر وضعيف وقد لا يتكلم
وهذا بخلاف أئمة الحديث الذين يحتجون به ويبنون عليه دينهم مثل مالك بن
أنس وشعبة بن الحجاج ويحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدى وسفيان بن عيينة وعبد
الله بن المبارك ووكيع بن الجراح والشافعى وأحمد بن حنبل واسحاق بن راهويه وعلى بن
المدينى والبخارى وأبى زرعة وأبى حاتم وأبى داود ومحمد بن نصر المروزى وابن خزيمة وابن
المنذر وداود بن على ومحمد بن جرير الطبرى وغير هؤلاء فإن هؤلاء الذين يبنون الأحكام
على الأحاديث يحتاجون أن يجتهدوا فى معرفة صحيحها وضعيفها وتمييز رجالها “
فجعل شيخ الإسلام قوله ( غريب ) من ألفاظ التضعيف وهذا يوافق ما ذكره ابن
رجب في شرح علل الترمذي
قال ابن رجب في شرح علل الترمذي (2/68) :” ونقل محمد بن سهل بن عسكر
عن أحمد قال : (( إذا سمعت أصحاب الحديث يقولون : هذا الحديث غريب أو فائدة ، فاعلم
أنه خطأ أو دخل حديث في حديث ، أو خطأ من المحدث ، أو ليس له إسناد ، وإن كان قد روى
شعبة ، وسفيان . وإذا سمعتم يقولون : لا شئ فاعلم أنه حديث صحيح )) “
فهذا يعني أن قولهم ( غريب ) يطلق على الخطأ وكون السند خطأ لا يعني أن
المتن ضعيف فقد يقولون ( غريب من حديث شعبة ) يعني أنه خطأ من حديث شعبة ويكون محفوظاً
من حديث سفيان وربما يكون مخرجاً في الصحيحين
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم