قال شيخ الإسلام في منهاج السنة (6/300) :” ما ينقله الشهرستاني وأمثاله
من المصنفين في الملل والنحل عامته مما ينقله بعضهم عن بعض وكثير من ذلك لم يحرر فيه
أقوال المنقول عنهم ولم يذكر الإسناد في عامة ما ينقله بل هو ينقل من كتب من صنف المقالات
قبله مثل أبي عيسى الوراق وهو من المصنفين للرافضة المتهمين في كثر مما ينقلونه ومثل
أبي يحيى وغيرهما من الشيعة وينقل أيضا من كتب بعض الزيدية والمعتزلة الطاعنين في كثير
من الصحابة
ولهذا تجد نقل الأشعري أصح من نقل هؤلاء لأنه أعلم بالمقالات وأشد احترازا
من كذب الكذابين فيها مع أنه يوجد في نقله ونقل عامة من ينقل المقالات بغير ألفاظ أصحابها
ولا إسناد عنهم من الغلط ما يظهر به الفرق بين قولهم وبين ما نقل عنهم حتى في نقل الفقهاء
بعضهم مذاهب بعض فإنه يوجد فيها غلط كثير وإن لم يكن الناقل ممن يقصد الكذاب بل يقع
الغلط على من ليس له غرض في الكذب عنه بل هو معظم له أو متبع له “
وهذه فائدة مهمة لطالب العلم
وقد بين شيخ الإسلام أن الشهرستاني فيه ميل إلى التشيع
قال شيخ الإسلام في منهاج السنة (6/305) :” وأما قوله إن الشهرستاني
من أشد المتعصبين على الإمامية
فليس كذلك بل يميل كثير إلى أشياء من أمورهم بل يذكر أحيانا أشياء من كلام
الإسماعيلية الباطنية وإن لم يكن الأمر كذلك وقد ذكر من اتهمه بعض الناس بأنه من الإسماعيلية
وإن لم يكن الأمر كذلك وقد ذكر من اتهمه شواهد من كلامه وسيرته وقد يقال هو مع الشيعة
بوجه ومع أصحاب الأشعرى بوجه
وقد وقع في هذا كثير من أهل الكلام والوعاظ وكانوا يدعون بالأدعية المأثورة
في صحيفة علي بن الحسين وإن كان أكثرها كذبا على علي ابن الحسين
وبالجملة فالشهرستاني يظهر الميل إلى الشيعة إما بباطنه وإما مداهنة لهم
فإن هذا الكتاب كتاب الملل والنحل صنفه لرئيس من رؤسائهم وكانت له ولاية ديوانية وكان
للشهرستاني مقصود في استعطافه له وكذلك صنف له كتاب المصارعة بينه وبين ابن سينا لميله
إلى التشيع والفلسفة وأحسن أحواله أن يكون من الشيعة إن لم يكن من الإسماعيلية أعني
المصنف له ولهذا تحامل فيه للشيعة تحاملا بينا وإذا كان في غير ذلك من كتبه يبطل مذهب
الإمامية فهذا يدل على المداهنة لهم في هذا الكتاب لأجل من صنفه له
وأيضا فهذه الشبهة التي حكاها الشهرستاني في أول كتاب الملل والنحل عن
إبليس في مناظرته للملائكة لا تعلم إلا بالنقل وهو لم يذكر لها إسنادا بل لا إسناد
لها أصلا فإن هذه لم تنقل عن النبي صلى الله عليه و سلم ولا عن أحد من الصحابة ولا
عن أئمة المسلمين المشهورين ولا هي أيضا مما هو معلوم عند أهل الكتاب
وهذه لا تعلم إلا بالنقل عن الأنبياء وإنما توجد في شيء من كتب المقالات
وبعض كتب النصارى
والشهرستاني أكثر ما ينقله من المقالات من كتب المعتزلة وهم يكذبون بالقدر
فيشبه والله أعلم أن يكون بعض المكذبين بالقدر وضع هذه الحكاية ليجعلها حجة على المثبتين
للقدر كما يضعون شعرا على لسان يهودي وغير ذلك فإنا رأينا كثيرا من القدرية يضعون على
لسان الكفار ما فيه حجة على الله ومقصودهم بذلك التكذيب بالقدر وأن من صدق به فقد جعل
للخلق حجة على الخالق كما وجدنا كثيرا من الشيعة يضع حججا لهم على لسان بعض اليهود
ليقال لأهل السنة أجيبوا هذا اليهودي ويخاطب بذلك من لا يحسن أن يبين فساد تلك الحجة
من جهال العامة “
وهذا تحقيق بالغ في حال الشهرستاني ونقولاته , فليكن من طالب علم على ذكر
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم