أولاً : ليعلم أن الكرم بالتقوى لله تبارك وتعالى لا علاقة لذلك بالنسب فلو كان الرجل يتصل نسبه بالنبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن على نهجه فبلال الحبشي وسلمان الفارسي وكل تقي مسلم أولى بالنبي منه
كما أننا أولى بيعقوب ويوسف وإسحاق من أحفادهم الذين خالفوا توحيدهم ونهجهم
ثانياً : التركيز على الانقسامات العرقية في المجتمعات أمر غرسه المستعمر والتماهي معه سفه في العقول
ومن ذلك السفه الضيق من كلمة بربر وتفضيل كلمة ( أمازيغ ) عليها بل اعتبار كلمة بربر شتيمة مع أن أجدادهم طوال فترة الإسلام قبل الاستعمار لا يسمون أنفسهم إلا بربراً ولا يعتبرون هذه التسمية شتيمة فلو كان هذا اللقب شتيمة لكان في هذا اتهام للأجداد بالسفه وحاشاهم وإنما الأحفاد الذين سلموا عقولهم للمستعمر الذي أهانهم أولى بهذه التهمة
وقد رأيت مقطعاً لشاب ملتحي يحاول تبرير هذا الصنيع بدعاوى عجيبة فقد ادعى أن أمازيغ هو حفيد إبراهيم المباشر من ابنه يقشان وأنه قد يكون مسلماً ! وادعى أن هذا في تاريخ الطبري
والواقع أنه غير صادق فلا يوجد في تاريخ الطبري أي كلام عن رجل اسمه أمازيغ
قال الطبري في تاريخه حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق قطورا بنت يقطن امرأة من الكنعانيين فولدت له -يعني لابراهيم-ستة نفر يقسان بن إبراهيم وزمران بن إبراهيم ومديان بن إبراهيم ويسبق بن إبراهيم وسوح بن إبراهيم وبسر بن إبراهيم فكان جميع بني إبراهيم ثمانية بإسماعيل وإسحاق وكان إسماعيل يكره أكبر ولده قال فنكح يقسان بن إبراهيم رعوة بنت زمر بن يقطن بن لوذان بن جرهم بن يقطن بن عابر فولدت له البربر
فسماهم بربراً وليس أمازيغ وقوله : ولدت له البربر فإما يقصد رجل هذا اسمه أو يقصد أن البربر من نسلها
وقال القلقشندي في قلائد العقيان :” والبربر – فيهم خلاف يرجع إلى أنهم، هل هم من العرب أو من غيرهم؟ وقد اختلف في نسبهم اختلافاً كثيراً، فذهبت طائفة من النسابين إلى أنهم من العرب ثم اختُلف في ذلك، فقيل: أوزاع من اليمن، وقيل: من غسان وغيرهم تفرقوا عند سيل العَرم، قاله المسعودي.
وقيل: خلَّفهم أبرهة ذو المنار، أحد تبايعة اليمن حين غزا العرب.
وقيل: من ولد لقمان بن حِمْير بن سبأ، بعث سريّة من بنيه إلى المغرب ليعمروه فنزلوا وتناسلوا فيه. وقيل: من لخم وجُذام كانوا نازلين بفلسطين من الشام إلى أن أخرجهم منها بعض ملوك فارس فلجأوا إلى مصر، فمنعهم ملوكها من نزولها، فذهبوا إلى الغرب فنزلوه وذهب قوم إلى أنهم من ولد يقشان بن إبراهيم عليه السلام.
وذكر الحمداني أنهم من ولد بر بن قيدار بن إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، وأنه كان قد ارتكب معصية فطرده أبوه، وقال له: البر، البرّ، اذهب يا بَر، فما أنت بَر”
وأقدم من وجدته ذكر مازيغ هو ابن حزم ونسبه إلى كنعان بن حام -يعني لا علاقة لهم بإبراهيم ونسبة البربر إلى حام صح عن ابن المسيب –
فقال في جمهرته :” ورأيت لبعض نسابي البربر أن زناتة هو شانا بن يحيى بن صولات بن ورتناج بن ضرى بن سقفو بن جنذواذ بن يملا بن مادغس بن هوك بن هرسق بن كراد بن مازيغ بن هواك بن هريك بن بدا بن بديان بن كنعان بن حام بن نوح النبي- صلى الله عليه وسلّم-: ذكر ذلك يوسف الوراق، عن أيوب ابن أبي يزيد مخلد بن كيداد بن سعد الله بن مغيث بن كرمان بن مخلد ابن عثمان بن وريمت بن خوبنفر بن سميران بن يفرن بن شانا، وهو زناتة.
قال: وقد أخبرني بعض البربر بأسماء زائدة بين يفرن وشانا. فولد برّ: مادغس، وبرنس”
فابن حزم أيضاً يذكر جدهم بر فالانتساب لجد وترك الانتساب لآخر واعتباره مثل الشتيمة سفه في العقل ومن الناس من ينكر ما ذكر من شأن يقشان أو يقسان لعدم ذكر التوراة لهذا الأمر وقد ذكر الكلبي أن صنهاجة وكتامة من حمير وأقاموا في البربر واستبعد ابن حزم هذا ونسبه إلى كذابي نسابة البربر والكلبي ليس منهم وإن كان متهماً في الحديث غير أنه. من صليبة العرب ولا مصلحة له بالكذب هنا واستبعاد ابن حزم لا معنى له فحمير مقامهم في اليمن وعلاقة أهل اليمن بالقرن الافريقي معروفة منذ القدم فأبرهة الحبشي أراد غزو الكعبة من اليمن وكان يحكمها معروفة ومن وصل إلى بعض افريقيا وصل للبقية