تناقض دعاة النسبية الأخلاقية من الليبراليين والملاحدة

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:


الحمد لله والصلاة
والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما
بعد :


فإن الناس يعيشون هذه الأيام في تخبط
عجيب ، والجهل بالدين مخيف إلى حد كبير ولكن العجيب أن كثيراً من الناس يستورد فلسفات
غربية ولا يعرف حقيقتها ، ولا لوازمها الخطيرة وهذا يكثر في كلام الملاحدة والليبراليين
والملاحدة الأقحاح المصرحين
فعدد منهم يصرح بنسبية ( الحقيقة ) وبالتالي
نسبية ( الأخلاق )
ومعنى نسبية الأخلاق أنه لا توجد أخلاق
سليمة تماماً بل الأمر راجع إلى العرف الجماعي للأمة فما رأوه حقاً فهو حق وما رأوه
باطلاً فهو باطل
هذا طبعاً للهروب من الأصل الديني للأخلاق
فهم لا يريدون الدين
ولكنهم يتناقضون تناقضاً جداً شديد الفحش
فإنهم مثلاً حين ينتقدون زواج الصغيرة
( تحت سن الخامسة عشر أو الثامنة عشر ) إنما يعبرون عن فهمهم هم ولكن هذا ليس هو عرف
المجتمع فلو كانت الأخلاق نسبية فهذا الأمر أخلاقي إذا كان المجتمع يتقبله
ومثل هذا يقال في السبي وفي قتل الخائن
الفكري ، وكيف يمكنك أن تحكم على شيء تقبله الناس قبل ألف سنة وأكثر بأنه غير أخلاقي
والأخلاق نسبية والمجتمع كان يقبله
بل النازية أيدها كل الألمان فكيف يمكننا
الجزم بلا أخلاقيتها
ومواثيق حقوق الإنسان منطلقة من فكرة
تناقض النسبية الأخلاقية فالنسبية أساسها هو اختلاف المجتمعات فكيف ألزم جميع أهل الأرض
بقانون واحد ليس فقط في التعامل الدولي بل في الكلام على سن الزواج وغيره مما هو من
أخص خصوصيات المجتمعات
والعلمانيون يعللون رفض الشريعة بأنها
كانت في زمن آخر ، والعجيب أنهم يريدون استيراد أمور واقعة في مكان آخر ولا فرق بين
اختلاف الزمان واختلاف المكان فكلها اختلافات مؤثرة بحسب نظرتهم للأمور
فانتهينا إلى كونهم متناقضين يفرقون بين
المتماثلات ( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً ) 

فالنسبية نفسها نسبية وهم أنفسهم يتعاملون معها على أنها شيء مطلق ! 

وحاول بعض الناس وهم أكثر جهلاً من الذين
سبقوهم جعل الأساس للأخلاق من خلال العلم التجريبي ومع ذلك تناقضوا
فريتشارد دوكنز الملحد في كتابه وهم الإله
ذكر أنهم كملاحدة ضد زنا المحارم
ولكن صاحبه لورانس كراوس الملحد الفيزيائي
لم يرَ مشكلة في هذا لأنه لا يوجد دليل علمي على أن هذا الأمر خطأ
ودوكنز ذهب إلى الاستغراب من إنكار الخيانة
الزوجية ! لأنه بحسب أساس علموي لا مشكلة في هذا ولو أنكرنا اختلاط الأنساب فإن حصول
ذلك مع استخدام حبوب منع الحمل أو الزنا من طريق الدبر أمر مقبول !
وكذلك يوضع تحت هذا البند أنه لا يمكن
إنكار زواج الصغيرة أو السبي أو غير ذلك فهذه كلها أحسن من الأمور التي يقبلونها وإجماع
عليها في القديم أكبر
ونأتي إلى أساس أخلاقي آخر وهو الأساس
المادي المحض وهو أن ما يسبب ضرراً مادياً لغيرك فهو غير أخلاقي
ولكن هنا مشكلة كبيرة فإن الأمور التي
تسبب ضرراً معنوياً كالقذف ونشر الإشاعات الكاذبة لن تكون غير أخلاقية بحسب هذا السياق
وكذلك أيضاً زواج الصغيرة والسبي
وما الفرق بين الاغتصاب وغيره سوى الضرر
المعنوي الكبير وأما الضرر الجسدي فيكون طفيفاً أحياناً ومعدوماً في بعض الأحيان
والتحرش الجنسي بمد اليد هذا لا يسبب
أي ضرر جسدي
وجعل المادة هي الحيز الوحيد للحكم سيجعلنا
نسوي بين القاتل عمداً والقاتل خطأ لأنه بغض النظر عن نيته فإن الفعل أدى إلى نتيجة
واحدة 

وهؤلاء جميعاً لا يحسنون تفسير كون الإيثار مثلاً أمراً جميلاً عند كل الناس 

وهناك تخبط كبير جداً في الغرب في تحديد
المعايير الأخلاقية حتى وصل الأمر إلى محاولة إباحة ممارسة الرذيلة مع الحيوانات وحصل ذلك فعلاً ، وتجد بلداً كفرنسا تمنع من الإعدام مطلقاً تحت أي ظرف
وبلداً أخرى كأمريكا تسمح في الكثير من الولايات
بإجهاض الأجنة حتى بعد نفخ الروح
فتصور في مفهوم المتأثر بالغرب والذي
يبصر كل شيء جيداً عندهم ( قتل جنين حرية شخصية )!
( وقتل قاتل متعمد أمر غير مقبول )!
التناقضات هنا كثيرة فلا مناص من التسليم
بنقص علمنا وأن نسلم أمرنا لله عز وجل العليم بكل شيء وأن ما يهرب منه المرء في الدين
هو أقبح مع هذه الفلسفات السوفسطائية
ولا تظنن أن فكرة نسبية الأخلاق جديدة
بل هي فكرة ظهرت في زمن فلاسفة اليونان قبل المسيح وحاربها أساطينهم كأفلاطون فالقوم
الذين ينعون علينا إتباع التراث عندهم تراثهم أيضاً
فأين هذه التخبطات من شريعة الله عز وجل
ما فيها من العدل العظيم
فأولاً : فيها تنظيم الحياة وحفظ الحقوق
في البيوع والنكاح والطلاق والديات والجنايات وغيرها
ثانياً : فيها سد الذريعة للبلايا فاختلاط
الرجال بالنساء الشديد وعدم تحجب النساء مع قوة الرجال بدنياً هو أكبر أسس الاغتصاب
أو حتى الخيانات الزوجية ( ذكرت هذين لأن عامة البشر على استنكارها )
ثالثاً : راعت الشريعة الفرق بين أحوال
الجناة فالسارق من حرز ليس كالسارق من غير حرز والزاني البكر ليس كالزاني الثيب وهكذا
رابعاً : وضعت عقوبات رادعة وجازمة تسد
ذريعة الجريمة
خامساً : هناك أحكام أخلاقية عظيمة كبر
الوالدين والإحسان للبنات وإن لم يكن يعملن وروعي ضعف الناس كما روعي كد الرجال وتعبهم
وجعل على كل واحد منهم حقوق وواجبات تناسب طبيعته بعيداً عن وهم ( المساواة ) الذي
لا يوجد عليه أي دليل
سادساً : ضبطت العلاقة بين الحاكم والمحكوم
بأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وأن الطاعة بالمعروف فلا وكس ولا شطط لا غلو بالولاة
وتقديس وتأليه ، ولا تمرد فارغ يجر للبلدان الويلات
سابعاً : روعي ضعفة الناس وفقرائهم بتشريعات
كثيرة مع الحث على العمل والكسب باليد
ومحاسن الشريعة عظيمة وكبيرة وأهم ثمرة
لهذا كله اتصالك بالله وشعورك بالعبودية له وأنت تفعل الأمور الأخلاقية أنك لا تفعلها
تملقاً للناس فإنك فعلت أعطاك الله ما تريد ولكن ليس لك نصيب في الآخرة  من خلاق وإنما تفعل ذلك تديناً
هذا وصل اللهم على محمد
وعلى آله وصحبه وسلم