تغيير الهوى للنظرة

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

مما يذكر في التاريخ الصيني القديم ما يلي : كان في مملكة واي الصينية القديمة رجل اسمه مي تسو هسيا عرف بالكرم والتحضر وكان مقرباً من الحاكم وكان من قوانين المملكة أن أي رجل يستخدم عربة الملك سراً تقطع رجليه ، غير أن تسو هسيا لما مرضت والدته أخذت عربة الملك سراً ليزورها مدعياً أن الملك سمح له بذلك حين عرف الملك بذلك قال : كم يتفانى تسو هسيا في حب أمه إلى حد ارتكاب جريمة قد تفقده قدميه . وعفا عنه

ومرة أخرى كان الرجلان يتجولان معاً في البستان أكل تسو هسيا ثمرة كمثرى ولم يكملها فأعطى النصف الآخر للحاكم ليأكله فعلق الحاكم : أنت تحبني لدرجة تنسيك أن طعم لعابك على الثمرة فتعطيني لتأكل .

إلا أن الحاقدين على تسو هسيا استطاعوا تدمير سمعته وترويج أنه في حقيقته شخص متغطرس فاقتنع الحاكم بهذا وصار يعيد تفسير أفعاله بحسب هذه النظرة الجديدة فقال لحاشيته في غضب : لقد استخدم عربتي مدعياً أنني سمحت له وفي مرة أخرى أعطاني ثمرة كمثرى كان أكل منها ، وعاقبه بقطع قدميه . ( نقلاً عن كتاب قواعد السيطرة )

هذه الحال تصادفنا كثيراً مع الشباب الذين سلموا أنفسهم للشبهات فصاروا يفسرون الأوامر الشرعية والأحوال النبوية بتفسيرات ملؤها سوء الظن لأنه بنى على مقدمة نفسية مريضة

وانظر إلى حال الخوارج الذين خرجوا على علي بن أبي طالب خرجوا مع علي في صفين يقاتلون معه حتى إذا رضي بالتحكيم أرسل إليهم ابن عباس فإذا بهم يذكرون أن سلوكه يوم الجمل لم يكن يعجبهم وينتقدون عليه أموراً وافقوه بعد فعلها وقاتلوا معه وفدوه بأرواحهم غير أنه لما أسخطهم صاروا يرون المحاسن عيوباً

وهذه حال متكررة حتى بين الأزواج ترى الرجل أو المرأة يذكر أموراً عن شريكه حصلت قبل سنين عديدة من الخصام وتجاوزوها في لحظتها بل ربما كانوا على وفاق في شأنها حتى إذا تخاصموا صار المرء فيهم يذكرها في مثالب صاحبه

وقد وقع لي أنه كان يجالسني شخص وكنت أمازحه وكان يسر لذلك ويضحك حتى لما حصلت بيني وبينه جفوة لأمر آخر صار يذكر هذا الأمر ويقول لا يليق هذا السمت في حق من يدعي العلم .