تعليق على منع طالبان لكتاب التوحيد

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

أقول: لا تلازم بين التكفير بفعل وتجويز قتل فاعل هذا الفعل لأي شخص، فإنَّ حكم القتل والاستتابة موكول لجهات مختصة.

وإلا لكانت فتاوى علماء الحنفية في تكفير الرافضة مبيحة لقتل الروافض وتفجير حسينياتهم، وهذا ما ترفضه طالبان.

جاء في «حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح» من كتب الحنفية: “ولا تجوز الصلاة خلف منكر المسح على الخفين أو صحبة الصديق أو من يسب الشيخين أو يقذف الصديقة ولا خلف من أنكر بعض ما علم من الدين ضرورة لكفره ولا يلتفت إلى تأوله واجتهاده”.

من ينكر صحبة الصديق يقصد به عموم الإمامية الذين يسبونه ويكفرونه، ولاحظ أنه نصَّ على أنه لا عذر له بتأول أو اجتهاد.

وفي «الدر المختار» من كتب الحنفية: “أنكر بعض ما علم من الدين ضرورة (كفر بها) كقوله: إن الله تعالى جسم كالأجسام، وإنكاره صحبة الصديق (فلا يصح الاقتداء به أصلا)”.

لاحظ أنه وصف حالهم بأنه مخالفة للمعلوم من الدين بالاضطرار، ولاحظ أن هذه فتاوى فيمن يصح الاقتداء به في الصلاة ومن لا يصح، فهي فتاوى تخاطب عوام الناس.

وقد ألف علي بن محمد المرادي الحنفي رسالة بعنوان «الروض الرائض في عدم صحة نكاح أهل السنة للروافض» ملأها بالتكفير لهم، فهل يمكن أن يقال إن هذه تبرِّر التفجيرات في مراقدهم التي تنكرها طالبان؟

فما أجابوا به عن كلام علمائهم في الرافضة يجاب به عن كلام المجدد في ممارسات القبورية.

وأزيد ما قال ابن نجيم في «البحر الرائق»: “مسألة الاستثناء في الإيمان فاعلم أن عبارتهم قد اختلفت في هذه المسألة فذهب طائفة من الحنفية إلى تكفير من قال أنا مؤمن إن شاء الله ولم يقيدوه بأن يكون شاكا في إيمانه ومنهم الأتقاني في غاية البيان وصرح في روضة العلماء بأن قوله إن شاء الله يرفع إيمانه فيبقى بلا إيمان فلا يجوز الاقتداء به وذكر في الفتاوى الظهيرية من المواعظ أن معاذ بن جبل سئل عمن يستثنى في الإيمان فقال إن الله تبارك وتعالى ذكر في كتابه ثلاثة أصناف قال تعالى في موضع {أولئك هم المؤمنون حقا} [الأنفال: 4] وقال في موضع آخر {أولئك هم الكافرون حقا} [النساء: 151] وقال في موضع آخر {مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء} [النساء: 143] فمن قال بالاستثناء في الإيمان فهو من جملة المذبذبين اهـ.
وفي الخلاصة والبزازية من كتاب النكاح عن الإمام أبي بكر محمد بن الفضل من قال أنا مؤمن إن شاء الله فهو كافر لا تجوز المناكحة معه قال الشيخ أبو حفص في فوائده لا ينبغي للحنفي أن يزوج بنته من رجل شفعوي المذهب وهكذا قال بعض مشايخنا ولكن يتزوج بنتهم زاد في البزازية تنزيلا لهم منزلة أهل الكتاب اهـ.
وذهب طائفة إلى تكفير من شك منهم في إيمانه بقوله أنا مؤمن إن شاء الله على وجه الشك لا مطلقا وهو الحق لأنه لا مسلم يشك في إيمانه وقول الطائفة الأولى أنه يكفر غلط لأنه لا خلاف بين العلماء في أنه لا يقال أنا مؤمن إن شاء الله للشك”.

فهنا مجموعة من علماء الحنفية يغلِّطهم ابن نجيم أفتوا بتكفير من يستثني في إيمانه، وهم المالكية والشافعية والحنابلة، فكم شخصاً قُتل بناءً على هذه الفتاوى العجيبة؟ والمفتون بها علماء حنفية كبار!

فما اعتذرت به لهم اعتذِر به للمجدد.

وأخشى أن يأتي يوم يُمنع فيه صحيح البخاري لكثرة تعقبه على الحنفية في صحيحه (كما اعترف بذلك الزيلعي)، بل حتى في الاعتقاد ما قرره في الإيمان والتوحيد يخالف اعتقاد الماتردية.