على اليمين دراسة في تأثير الدين على السلوك الإجرامي للبالغين الناشئين، بقلم كريستوفر سالفاتوري وجابرييل روبين، قسم دراسات العدل، جامعة ولاية مونتكلير ونيوجيرسي.
جمع الباحثان دراسات كثيرة في بيان أن للدين أثراً إيجابياً في الابتعاد عن الإجرام، خصوصاً في طبقة المراهقين الذين تكثر فيهم جرائم من نوع معين.
مثل الإفراط في الشرب والجنس غير الآمن والقيادة تحت تأثير المخدرات وغيرها.
قرروا أن المسلَّمات في عامة الدراسات أن الدين يُبعِد الشباب عن الجريمة، وناقشوا التفاسير لذلك، فمنهم من فسَّر الأمر بأن الدين يوفِّر رقابةً أبوية من المرشدين الدينيين أو أنشطة اجتماعية تجعل المرء منخرطاً في المجتمع بشكل إيجابي أو أن مبدأ الثواب والعقاب هو المؤثِّر الأساسي (الجنة والنار).
ومما ورد في الدراسة: “ووفقا لجراسميك وآخرون (1991)، فإن الأشخاص الذين يحددون هويتهم الدينية بقوة لديهم احتمال أكبر لتجربة العار من ارتكاب أفعال منحرفة، والأفراد الذين يشاركون بشكل بارز في الشبكات الاجتماعية القائمة على الدين لديهم احتمال أكبر لتجربة الإحراج نتيجة لأفعال منحرفة”.
وذكروا تفاسير أخرى عديدة.
والتعليق إننا نعلم أن الدين المحرف قد يكون فيه نفع من بقايا النبوة فيه، وإن النفع الأكبر في الدين الصافي الصحيح، وإننا لا يجوز أن نقيِّم الدين وفقاً للنفع الدنيوي، ولا ننكره أيضاً، فقد قال تعالى: {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} هذا معنى لا نحتاج لدراسات لتوكيده، والمقصود الأساسي طلب رضا الله تبارك وتعالى ونيل ثوابه، وأعلاه رؤية وجهه الكريم.
غير أن مثل هذا قد يُدفع به المتعنت، ولا يبعد البتة أن يكون من ضمن فطرة البشر التأثُّر الإيجابي بالتعبُّد.
وأما على اليسار: فدراسة منشورة في المكتبة الوطنية الأمريكية للعلاج عن أثر أغاني الراب في تعزيز السلوكيات العدوانية، مثل تعاطي المخدرات والعنف.
جاء في الدراسة: “باختصار، تشير الأبحاث السابقة إلى وجود صلة بين التفضيلات لبعض أنواع الموسيقى والكحول وتعاطي المخدرات غير المشروعة والعدوان والسلوكيات الخطرة الأخرى”.
أغاني الراب تنتشر في العالم العربي ولها جمهور غفير جداً، حتى إنني رأيت قنوات كثيرة تتخصص بذكر أخبار كبار مغني الراب ومعاركهم وحياتهم الشخصية، ويقع بينهم الجدل في التفضيلات بينهم كما يقع بين عشاق كرة القدم، ووُجِد من يقلدهم ويحاكيهم في عالمنا العربي، ولهم شعبية كبيرة بين الشباب، وتجده غالباً يسمع الأجانب ليحاكيهم، وإن كان يجتنب بعض ما يتكلمون به ويكون مدرجاً لهم.
لا يُستبعد مثل هذه الآثار، فقد قال السلف قديماً: “الغناء رقية الزنا” وذلك أن مضامين الغناء عامتها عن العشق والغرام، وذلك يقرِّب من أمر الزنا، وأما الراب فليس كذلك في غالبه.
نحن لا نحتاج إلى مثل هذه الدراسات لبناء حكم شرعي، ولكن فيها عبرة لمن يعترض وهو ما أحاط بالأمور علماً، فكثير منهم لو كلمته بأثرٍ أو بحديث فإنه يعترض، وإن ذكرت له مثل هذه الدراسات فغالباً يقبل!