تعقيب على من أفتى بجواز الاغتسال والاستنجاء من ماء زمزم

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فقد رأيت بعض الناس يسأل عن حكم الاغتسال
بماء زمزم والاستنجاء به فأفتى بالجواز وما ذكر كراهة حتى !

وهذا يخالف المنقول من فتاوى الصحابة
الذين لا يعلم لهم مخالف

قال عبد الله بن أحمد في العلل 1950 – حَدثنِي
أبي قَالَ حَدثنَا أَبُو بكر بن عَيَّاش عَن عَاصِم عَنْ زِرٍّ قَالَ سَمِعْتُ
الْعَبَّاسَ وَذَكَرَ زَمْزَمَ فَقَالَ هِيَ حِلٌّ وَبِلٌّ لَا أُحِلُّهَا
لِمُغْتَسِلٍ

وهذا سند حسن في الموقوف وقد اعتضد بسند
آخر

قال عبد الرزاق في المصنف 9114 – عَنْ
مَعْمَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ
سَمِعَ عَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَقُولُ، وَهُوَ قَائِمٌ عِنْدَ
زَمْزَمَ وَهُوَ يَرْفَعُ ثِيَابَهُ بِيَدِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي
لَا أُحِلُّهَا لِمُغْتَسِلٍ، وَلَكِنْ هِيَ لِشَارِبٍ أَحْسَبُهُ» قَالَ: «وَمُتَوَضِّئٍ
حِلٌّ وَبِلٌّ» عَبْدُ الرَّزَّاقِ،

9115 – عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ
طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ أَيْضًا وَهُوَ
قَائِمٌ عِنْدَ زَمْزَمَ مِثْلَ ذَلِكَ

فهذا ثابت عن ابن عباس وأبيه وقول ابن
قدامة أنه لا يستفاد منه تحريم مدفوع بقولهم ( لا أحلها ) ومعناه أنهم يحرمونها فإن
التحليل يقابله التحريم لا مجرد الكراهة فإنها لا تتناقض مع الإباحة

وتضعيف النووي عن العباس مجازفة 

ويستفاد من باب قياس الأولى حرمة
الاستنجاء بماء زمزم فإن الاغتسال أشرف من الاستنجاء

قال صالح بن أحمد في مسائله عن أبيه 1387
– قلت الْغسْل من مَاء زَمْزَم وَقد قَالَ الْعَبَّاس لَا أحلهَا لمغتسل

فَقَالَ يَتَمَالَك النَّاس من هَذَا
قَالَ وَكَانَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة يَحْكِي عَن ابْن عَبَّاس لَا أحلهَا لمغتسل
فيحكى عَن الْعَبَّاس وَابْن الْعَبَّاس

قَالَ وَإِن توقاه أعجب إِلَيّ

قال ابن القيم في بدائع الفوائد (4/847)
:” وطريقة شيخنا شيخ الإسلام ابن تيمية كراهة الغسل به دون الوضوء وفرق بأن
غسل الجنابة يجرى إزالة النجاسة من وجه ولهذا عم البدن كله لما صار كله جنبا ولأن
حدثها أغلظ ولأن العباس إنما حجرها على المغتسل خاصة”

وأما من استدل بالحديث الذي رواه البخاري 3261 – حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ هُوَ الْعَقَدِيُّ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ قَالَ كُنْتُ أُجَالِسُ ابْنَ عَبَّاسٍ بِمَكَّةَ فَأَخَذَتْنِي الْحُمَّى فَقَالَ أَبْرِدْهَا عَنْكَ بِمَاءِ زَمْزَمَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ أَوْ قَالَ بِمَاءِ زَمْزَمَ شَكَّ هَمَّامٌ

فيقال :   وهذا إبراد من الحمى بمنزلة الشرب وليس اغتسالاً من الجنابة وصحابي هذا الحديث ابن عباس هو الناهي عن الاغتسال بماء زمزم والتبرد بالماء أهون من رفع الحدث الأصغر به فضلاً عن الحدث الأكبر لذا اختلف الفقهاء في حكم الماء المستخدم في إزالة الحدث ولم يختلفوا في الماء المستعمل في التبريد إن لم تكن على وجه التعبد

ثم إن المرض حال حاجة لا يقاس عليها غيرها 

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم