تعقيب على عبد العزيز الطريفي في قوله ( الناس مؤمنون وكفار لا ثالث لهما )

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال عبد العزيز الطريفي في رسالته الشامية
في العقيدة ص19:” والناس في الأرض على قسمين لا ثالث لهما مؤمنون وكفار قال
الله تعالى : (هوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ
وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)”

أقول : هذا القول الذي قاله الطريفي وصفه
الإمام أحمد بأنه قول المرجئة

وهذا قول ناشيء عن النظر لبعض الأدلة دون
بعض

فالناس ثلاثة مسلم ومؤمن وكافر

والتسوية بين المسلم والمؤمن مطلقاً قول
مردود

قال الخلال في السنة 967- أَخْبَرَنَا
سُلَيْمَانُ بْنُ الأَشْعَثِ , قَالَ : سَمِعْتُ أَحْمَدَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ : قِيلَ
لِي مُؤْمِنٌ أَنْتَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ , عَلَيَّ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ ؟ هَلْ
النَّاسُ إِلاَّ مُؤْمِنٌ وَكَافِرٌ ؟ فَغَضِبَ أَحْمَدُ , وَقَالَ : هَذَا
كَلاَمُ الإِرْجَاءِ . قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأَمْرِ
اللَّهِ.

968- أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ
الْحُسَيْنِ , أَنَّ الْفَضْلَ حَدَّثَهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ , عَنْ أَبِي
عَبْدِ اللَّهِ , وَزَادَ : {إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ}.

قال أبو داود في سننه  4685 – حدثنا أحمد بن حنبل ثنا عبد الرزاق ح
وثنا إبراهيم بن بشار ثنا سفيان المعنى قالا ثنا معمر عن الزهري عن عامر بن سعد عن
أبيه

 :
أن النبي صلى الله عليه و سلم قسم بين الناس قسما فقلت أعط فلانا فإنه مؤمن قال “
أومسلم ؟ إني لأعطي الرجل العطاء وغيره أحب إلي مننه مخافة أن يكب على وجهه “

 [
حدثنا أحمد بن حنبل قال ثنا عبد الرزاق قال ثنا معمر عن الزهري قال ” فنرى أن
الإسلام الكلمة والإيمان العمل “

وهذا الحديث أصل في التفريق بين المسلم
والمؤمن

وقال ابن تيمية في الأجوبة على الاعتراضات
المصرية :” ولهذا صحَّ عند السلف ومن اتبعهم أن يقال عن الفاسق الملّي: ليس
بمؤمنٍ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن،
ولا يَسرِق السارقُ حين يَسرِق وهو مؤمن، ولا يشربُ الخمرَ حين يشربُها وهو مؤمن»،
ولا يكون ذلك نفيًا لجميع أجزاء إيمانِه، فإن الإيمان عندهم وإن كان مؤلَّفًا من
أمورٍ واجبةٍ، فإذا انتفَى بعضُها انتفَى الإيمانُ الواجبُ الذي به يَستحقُّ الجنَّةَ
وينجو من النار، ولم يَنتفِ جميعُ أجزاء الإيمان، بل قد يبقى معه بعض أجزائه التي
ينجو بها من النار بعد دخولها، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه «يَخرجُ من
النار من كان في قلبه مثقالُ ذرَّةٍ من إيمان»”

ولو كان الناس مؤمن وكافر فقط لكان قول السلف في الفاسق الملي ( ليس بمؤمن ) تكفير له  

وقد قال الله تعالى : (  قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)

فنفى عنهم الإيمان وأثبت لهم الإسلام ولو كان الناس ليسوا مؤمن أو كافر لاقتضى هذا النفي تكفيرهم وثبوت الإسلام لهم يمنع من ذلك وبهذه الآية استدل الإمام أحمد على المراد هاهنا 

فالخلاصة أن لا يجوز إطلاق أن الناس مؤمن
وكافر ولا دلالة في الآية على ذلك فإن ذكر المؤمن والكافر لا ينفي وجود قسم ثالث ،
وإنما هذا قول أهل الإرجاء كما صح عن الإمام أحمد ، وإنما يقال مسلم ومؤمن وكافر
ولهذا إذا سئل المرء أمؤمن أنت لم يجز له ترك الاستثناء بحجة أنني إذا لم أشهد
لنفسي بالإيمان فأنا كافر فالناس مؤمن وكافر ! وهذا كلام المرجئة 

وقاعدة ( إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا ) لا تصلح للتعقب على كلام الإمام أحمد أو غيره من السلف فإن الإيمان أعلى رتبة وقد ذكر ابن تيمية نفسه أن الفاسق الملي لا يقال عنه ( مؤمن ) وذكر عن السلف أنهم كانوان يقولون ( مسلم ) ويهابون ( مؤمن ) ولو كانت هذه القاعدة مبرراً لئن يستخدم الإيمان في مكان الإسلام والعكس في كل موطن لما كان لهذا الكلام معنى ولجاز ترك الاستثناء في الإيمان أو وجب في الإسلام ولا يوجبه أحد 

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم