قال حسن أبو الأشبال في تعليقه على السنة للالكائي :” وقد كان الحجاج
محباً للقرآن الكريم، ومعظماً جداً للقراء، وأنس من أهل القرآن، ولكنه لم يكن مشهوراً
به كشهرة أبي بن كعب مثلاً، كما كان الصحابة يعرفون الفرائض ولكن ليس كمعرفة زيد بن
ثابت بها، فـ الحجاج كان يعظم رءوس القراء الذين لهم اجتهاد وحذق في كتاب الله عز وجل،
وكان يغدق عليهم ويكرمهم، وهذه بلا شك منقبة، وكانت له عبادة طويلة في ليله ونهاره
كالصيام والقيام، وكانت له من البلاغة ومحبة الفصاحة ونصرة اللغة العربية على غيرها
الشيء والباع الطويل.
والشاهد: أنه كانت له مناقب ومثالب، وهذا الذي حدا ببعض أهل العلم أن يتوقف
فيه، وهم كثرة، وكان الحسن يقول فيه قولاً شديداً، فلما مات الحجاج، قيل: إن الحسن
رآه في نومه فسأله: ما فعل الله بك يا حجاج؟! قال: قتلني بكل نفس قتلتها قتلة، أي:
قتلني قتلة في مقابل كل نفس قتلتها، ثم غفر لي، قال الحسن: فوالله لا أقول فيه شيئاً
بعد اليوم، أي: لا أكفره بعد اليوم، إلى غير ذلك من النصوص التي وردت عن السلف، فمن
قادح ومن مادح ومن متوقف ومن مكفر في أمر الحجاج، ويكفيه عاراً أن الأمة اختلفت في
إيمانه وإسلامه وفي كفره، ولأجل هذا قال طاوس لأهل العراق: أنتم تزعمون أن الحجاج مؤمن؟
قال: [وقال منصور عن إبراهيم: كفى به عمى الذي يعمى عليه أمر الحجاج]، يعني: الذي يعمى
أن الحجاج كافر مثلاً فهذا عمى وعقوبة من الله عز وجل، وقد طمس على بصيرته.
قال: [وقال إبراهيم لما ذكر الحجاج: ألا لعنة الله على الظالمين].
ومن المعلوم أن اللعنة لا توجه إلا إلى كافر.
قال: [وعن طاوس قال: عجبت لإخواننا من أهل العراق يقولون: الحجاج مؤمن!
وعن أبي رزين قال: إن كان الحجاج على هدى إني إذاً لفي ضلال]، يعني: إذا كان الحجاج
مع كل هذا البلاء مؤمن وعلى هدى فمن يحمل عليه فهو على ضلال، وهذا الكلام مفاده أنه
لا يستوي أهل المعاصي مع أهل الإيمان والطاعات، يعني: يريد أن يقول: نحن نعلم يقيناً
أننا على الهدى، وأن الحجاج على المعاصي، ويكفي أنه سفاك للدماء، فإذا كان الحجاج يستوي
مع أهل الطاعة فهذا يعني أن أهل العراق وخاصة الكوفة يقولون: إن أصحاب المعاصي يستوون
في الإيمان مع أصحاب الطاعات، وهذا هو الإرجاء، فالمرجئة يقولون: أفسق الناس كأعبد
الناس فيما يتعلق بالإيمان، حتى قال قائلهم: إيمان أفسق الناس كإيمان جبريل وميكائيل.
وهذا بلا شك كلام يخالف أصل الاعتقاد.
“
وهذا كلام غريب فالحجاج ما كان محباً للقرآن والقراء بل كان مشهوراً بتعذيب
القراء ، وقال بتحريف القرآن لذا كفره من كفره من السلف ومنهم الحسن
قال أبو داود في سننه 4643 : حدثنا محمد بن العلاء ثنا أبو بكر عن عاصم
قال سمعت الحجاج وهو على المنبر يقول
: اتقوا الله ما استطعتم ليس فيها مثنوية واسمعوا وأطيعوا ليس فيها مثنوية
لأمير المؤمنين عبد الملك والله لو أمرت الناس أن يخرجوا من باب من أبواب المسجد فخرجوا
من باب آخر لحلت لي دماؤهم وأموالهم والله لو أخذت ربيعة بمضر لكان ذلك لي من الله
حلالا ويا عذيري ( من يعذرني منه ) من عبد هذيل يزعم أن قراءته من عند الله والله ما
هي إلا رجز من رجز الأعراب ما أنزلها الله على نبيه عليه السلام وعذيري من هذه الحمراء
يزعم أحدهم أنه يرمي بالحجر فيقول إلى أن يقع الحجر قد حدث أمر فوالله لأدعنهم كالأمس
الدابر ( المنقطع )
قال فذكرته للأعمش فقال أنا والله سمعته منه
وقال ابن سعد في الطبقات 5316: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
قَالَ : حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سُمَيْرٍ
قَالَ : خَطَبَ الْحَجَّاجُ الْفَاسِقُ عَلَى الْمِنْبَرِ , فَقَالَ : إِنَّ ابْنَ
الزُّبَيْرِ حَرَّفَ كِتَابَ اللهِ , فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ : كَذَبْتَ ، كَذَبْتَ
، كَذَبْتَ ، مَا يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ ، وَلاَ أَنْتَ مَعَهُ . فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ
: اسْكُتْ فَإِنَّكَ شَيْخٌ قَدْ خَرِفْتَ وَذَهَبَ عَقْلُكَ ، يُوشِكُ شَيْخٌ أَنْ
يُؤْخَذَ فَتُضْرَبَ عُنُقُهُ فَيُجَرَّ قَدِ انْتَفَخَتْ خُصْيَتَاهُ يَطُوفُ بِهِ
صِبْيَانُ أَهْلِ الْبَقِيعِ.
وهذه أخبار صحيحة
قال في تهذيب التهذيب :” و قال طاووس : عجبت لمن يسميه مؤمنا
، و كفره جماعة منهم سعيد بن جبير و النخعى و مجاهد و عاصم بن أبى النجود و الشعبى
و غيرهم “
وما ادعاه من رجوع الحسن غير صحيح بل إن الرواية الثابتة خلاف ما نقل تماماً
قال ابن عساكر في تاريخ دمشق (12/ 201) : اخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي
أنبأنا أبو الفضل عمر بن عبيد الله بن عمر أنبأنا أبو الحسين بن بشران أنبأنا عثمان
بن احمد نبأنا حنبل بن إسحاق نبأنا هارون بن معروف نبأنا ضمرة نبأنا ابن شوذب عن اشعث
الحداني قال رأيت الحجاج في منامي بحال سيئة قلت يا أبا محمد ما صنع بك ربك قال ما
قتلت احدا قتلة إلا قتلني بها قلت ثم مه قال ثم أمر بي إلى النار قلت ثم مه قال أرجو
ما يرجو أهل لا إله إلا الله قال فكان ابن سيرين يقول إني لأرجو له قال فبلغ ذلك الحسن
قال فقال الحسن أما والله ليخلفن الله عز وجل رجاءه فيه يعني ابن سيرين .
والحسن البصري عالم تقي يبني أحكامه على العلم والعدل ما كان ليرجع برؤيا
منام ، لا كشأن القوم اليوم يشتهي أحدهم تكفير الحاكم طمعاً في سلطانه ، فيصير يبحث
عن الذرائع لإسقاط ولاية الحاكم وأقرب شيء تكفيره حتى إذا حكم هو أو من يريده سكت عن
تكفيره وإن وقع في الأمور التي كان يكفر بها بالأمس
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم