والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
بعد :
المعارف القبلية
المباديء العقلية _ لا وجود لها وإنما المرجع للحس
حتى رأيته يدعي أن القول بالمعارف القبلية هو قول الجهمية وينسب عكسه لشيخ الإسلام
كفاً على كف مما سمعت من الخلط الفظيع والجناية على العلوم
إليها عند النزاع أمر لم يكن محل بحث بين الإسلاميين
المعارف العقلية الأولية بل هي معاني علمية مطبوعة في الفؤاد أو الفؤاد مستعد لها
القول للجهمية عجيب غاية وخلط فظيع
وسأحرص على نقل كلام ابن تيمية في هذه الأمور
لا تعلمون شيئاً )
قابل للتخصيص كقوله تعالى ( حرمت عليكم الميتة ) والذي خصص بميتة البحر في السنة
أو قوله تعالى : ( للذكر مثل حظ الأنثيين ) الذي خصص بكون القاتل لا يرث المقتول
وغيرها من أمثلة التخصيص
علماء بمعنى أن الفطرة الإسلام إن لم يوجد معارض والاستعداد له مع وجود معارض
قيل: إنه ولد على فطرة الإسلام، أو خلق حنيفاً ونحو ذلك.
شيئا} ، ولكن فطرته مقتضية موجبة لدين الإسلام، لمعرفته ومحبته.
وموجبات الفطرة ومقتضاها تحصل شيئاً بعد شيء، بحسب كمال الفطرة، إذا سلمت عن
المعارض
يولد فإنه يولد على محبة ما يلائم بدنه من الإغذية والأشربة، فيشتهي اللبن الذي
يناسبه.
{الذي خلق فسوى * والذي قدر فهدى} ، فهو سبحانه خلق الحيوان مهتدياً إلى طلب ما
ينفعه، ودفع ما يضره، ثم هذا الحب والبغض يحصل فيه شيئاً فشيئاً بحسب حاجته.
السليمة والعادة الصحيحة“
عبد البر في شرح هذا الحديث وتعقيبات ابن تيمية في الدرء على شراح الحديث
واختياراتهم
الحديث، وما كان مثله، فقالت فرقة: الفطرة في هذا الموضع أريد بها الخلقة التي خلق
عليها المولود من المعرفة بربه فكأنه قال: (كل مولود يولد على خلقة يعرف بها ربه
إذا بلغ مبلغ المعرفة) يريد خلقةً مخالفة لخلقة البهائم، التي لا تصل بخلقتها إلى
معرفة ذلك)
التأويل قد يفرح نافي المعارف القبلية
:” صاحب هذا القول إن أراد بالفطرة التمكن من المعرفة والقدرة عليها، فهذا
ضعيف.
الملة، ولا يحتاج أن يذكر تغيير أبوية لفطرته، حتى يسأل عمن مات صغيراً.
مستوجبين للقتل.
مع الإرادة التامة تستلزم وجود المراد المقدور، فدل على أنهم فطروا على القدرة على
المعرفة وإرادتها وذلك مستلزم للإيمان“
كذلك لما احتاج إلى تغيير والديه ( فأبواه يهودانه ) ولما كان للحديث الآخر معنى (
إني خلقت عبادي حنفاء كلهم )
ويولد على الفطرة ) في معرض نهيه عن قتل أطفال المشركين ولو كان المعنى الاستعداد
لكان هذا المعنى متوفراً في الكبار أيضاً فكانوا غير مستوجبين للقتل
وسلم: «كل مولود يولد على الفطرة» ، يعني البدأة التي ابتدأهم عليها، يريد أنه
مولود على ما فطر الله عليه خلقه من أنه ابتدأهم للحياة والموت، والسعادة
والشقاوة، وإلى ما يصيرون إليه عند البلوغ من قبولهم عن آبائهم اعتقادهم) .
على ما ابتدأه الله عليه من الشقاوة والسعادة، وغير ذلك مما يصير إليه وقد فطره
عليه.
عليهم الضلالة} .
حتى أتى أعرابيان يختصمان في بئر فقال أحدهما: أنا فطرتها، أي ابتدأئتها) ….
(وذكروا ما يروى عن علي رضي الله عنه في دعائه: اللهم جبار القلوب على فطرتها،
شقيها وسعيدها) .
يقولون أن معنى على الفطرة أنه مخلوق على علم الله
كل مولود فإنه يولد على ما سبق في علم الله أنه صائر إليه.
على ماسبق في علم الله لها.
وينصرانه ويمجسانه» معنى، فإنهما فعلا به ما هو الفطرة التي ولد عليها، على هذا
القول، فلا فرق بين التهويد والتنصير حينئذ، وبين تلقين الإسلام وتعليمه، وبين تعليم
سائر الصنائع، فإن ذلك كله داخل فيما سبق به العلم.
أبويه غيرا ما ولد عليه.
يخالف هذا.
كان جنيناً إلى ما لا نهاية له من أحواله، على ما سبق في علم الله، فتخصيص الولادة
بكونها على مقتضى القدر تخصيص بغير مخصص.
وشقي أو سعيد، فلو قيل: كل مولود ينفخ فيه الروح على الفطرة، لكان أشبه بهذا
المعنى، مع أن النفخ هو بعد الكتابة“
سائر الموجودات وأنه لا يكون لسياق الحديث معنى في ذكر التهويد والتنصير هو والحديث الآخر الساقط من اعتبارات نافي
المعرفة القبلية ( إني خلقت عبادي حنفاء كلهم )
المذهب شبيه بما حكاه أبو عبيد عن أبن المبارك، أنه سئل عن هذا الحديث، فقال:
يفسره الحديث الآخر حين سئل عن أطفال المشركين: الله أعلم بما كانوا عاملين. قال
المروزي: وقد كان أحمد بن حنبل يذهب إلى هذا القول، ثم تركه.
فيه من الآثار ما يدل على أن مذهبه في ذلك نحو هذا“
فما كان رأي ابن تيمية
صائرون إلى ما سبق به علم الله منهم من إيمان وكفر، كما في الحديث الآخر: (إن
الغلام الذي قتله الخضر طبع يوم طبع كافراً) والطبع الكتاب، أي كتب كافراً كما
قال: (فيكتب رزقه، وأجله وعمله، وشقي أو سعيد) ، وليس إذا كان الله قد كتبه
كافراً، يقتضي أنه حين الولادة كافر، بل يقتضي أنه لا بد أن يكفر، وذلك الكفر هو
التغيير، كما أن البهيمة التي ولدت جمعاء، وقد سبق في عمله أنها تجدع، كتب أنها
مجدوعة بجدع يحدث لها بعد الولادة، لا يجب أن تكون عند الولادة مجدوعة.
كما ذكر محمد بن نصر عنه أنه آخر قوليه، فإنه كان يقول: إن صبيان أهل الحرب إذا
سبوا بدون الأبوين كانوا مسلمين، وإن كانوا معهما فهم على دينهما، وإن سبوا مع
أحدهما، فعنه روايتان، وكان يحتج بالحديث.
بكر المروزي أن أبا عبد الله قال في سبي أهل الحرب: إنهم مسلمون إذا كانوا صغاراً،
وإن كانوا مع أحد الأبوين.
وينصرانه» ….
الإسلام) .
أنبأ عبد الملك الميموني قال: سألت أبا عبد الله قبل الحبس – أي قبل أن يحبس أحمد
في محنة الجهمية – عن الصغير يخرج من أرض الروم وليس معه أبواه قال: إذا مات صلى
عليه المسلمون.
حكمهم.
يكره، ودينه على دين أبويه.
يولد على الفطرة» :
وحكمه حكمهم.
معه أبواه) .
نقل إسحاق ابن منصور أن أبا عبد الله قال: إذا لم يكن معه أبواه فهو مسلم.
نعم) .
إذا كان مع أحد أبويه فهو مسلم.
والذي أذهب إليه: ما رواه الجماعة) .
كنت بواسط، فسألوني عن الذي يموت هو وامرأته، ويدعا طفلين ولهما عم، ما تقول
فيهما؟ فإنهم قد كتبوا إلى البصرة فيها، وقالوا: إنهم قد كتبوا إليك.
الله عليه وسلم (فأبواه يهودانه وينصرانه….) ، هذا ليس له أبوان.
الله عليه وسلم) …
أبواه وهو صغير جبر على الإسلام، وذكر الحديث: «فأبواه يهودانه وينصرانه» ….
فيقولان: هذا مسلم فيمكث خمس سنين، ثم يتوفى؟ قال: ذاك يدفنه المسلمون.
أنه ما كان من ذكر فهو للرجل مسلم، وما كان من أنثى فهي مشركة: يهودية أو نصرانية
أو مجوسية؟ فقال: يجبر هؤلاء من أبى منهم على الإسلام، لأن آباءهم مسلمون.
كلهم إلى الإسلام) .
كافراً بأبويه، فإن لم يكن مع أبوين كافرين فهو مسلم، فلو لم تكن الفطرة: الإسلام،
لم يكن بعدم أبويه يصير مسلماً، فإن الحديث إنما دل على أنه يولد على الفطرة“
الفطرة هي الإسلام وأنه فرع على ذلك فروعاً فقهية وابن عبد البر نفسه نقل عن
الزهري القول بإجزاء الطفل المشرك في كفارة اليمين لأنه على الفطرة فكيف يقال أن
هذا القول هو قول الجهمية إن هذا إلا سفه وعجلة واستخفاف بعقول الخلق
والآثار المنقولة عن السلف لا تدل إلا على هذا القول الذي رجحناه، وهو أنهم ولدوا
على الفطرة، ثم صاروا إلى ما سبق في علم الله فيهم من سعادة وشقاوة، لا تدل على
أنه حين الولادة لم يكن على فطرة سليمة مقتضية للإيمان، مستلزمة له لولا المعارض
بالميثاق وعلق عليه تعليقاً لا بأس به في كون أهل الحق يقصدون حقاً ولكن قد تكون
أجوبتهم ضعيفة فقال معلقاً على تفسير إسحاق للفطرة بالميثاق : وإن أرادوا أن هذه
المعرفة والنكرة كانت موجودة حين أخذ الميثاق، كما في ظاهر المنقول عن إسحاق، فهذا
يتضمن شيئين: أحدهما: أنهم حينئذ كانت المعرفة والإيمان موجوداً فيهم، كما قال ذلك
طوائف من السلف، وهو الذي حكى إسحاق الإجماع عليه.
الأجساد قولان معروفان.
تلك المعرفة والإقرار، فهذا لا يخالف ما دلت عليه الأحاديث من أنه يولد على الملة،
وأن الله خلق خلقه حنفاء، بل هو مؤيد لذلك.
فهذا لم ينقل عن أحد من السلف فيما أعلم، إلا عن السدي في تفيسره.
ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم} .
صفحة ظهره اليمنى، فأخرج منه ذرية بيضاء مثل اللؤلؤ كهيئة الذر، فقال لهم: ادخلوا
الجنة برحمتي، ومسح صفحة ظهره اليسرى، فأخرج منه ذرية سوداء كهيئة الذر، فقال:
ادخلوا النار ولا أبالي. فذلك قوله: وأصحاب اليمين وأصحاب الشمال.
غافلين * أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل} ، فليس أحد من ولد آدم إلا وهو يعرف
الله أنه ربه.
وذلك قوله: {فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين} يعني يوم أخذ الميثاق.
ولدوا على هذه النطفة فقد ولدوا على المعرفة، ولكن فيه أن بعضهم أقر كارهاً مع
المعرفة، بمنزلة الذي يعرف الحق لغيره ولا يقر به إلا مكرهاً، وهذا لا يقدح في كون
المعرفة فطرية، مع أن هذا لم يبلغنا إلا في هذا الأثر، ومثل هذا لا يوثق به“
شقي وسعيد والشيخ هنا يعترض بأن الميثاق يؤكد المعرفة الفطرية فهو معنى إيجابي لا
سلب فيه والسلب إنما وقع في الدنيا لما دخلت الأهواء على الناس وهذا كله يدلل على
أن الشيخ قائل بالفطرة بمعنى الإسلام وهذا أمر زائد على مجرد المعارف العقلية
الأولية بكل وضوح
الأقوال المذكورة في تفسير هذا الحديث، وقد تبين ضعف قول من قال: الفطرة: الكفر
والإيمان، وأن الإقرار كان من هؤلاء طوعاً، ومن هؤلاء كرهاً.
له بالربوبية من غير تفصيل بطوع وكره“
معنى الفطرة التي يولد الولدان عليها، وذلك أن الفطرة: السلامة والاستقامة، بدليل
قوله في حديث عياض بن حمار: إني خلقت عبادي حنفاء، يعني على استقامة وسلامة، فكأنه
– والله أعلم – أراد الذين خلصوا من الآفات كلها والزيادات، ومن المعاصي والطاعات،
فلا طاعة منهم ولا معصية إذا لم يعملوا بواحدة منهما.
تعملون} ، {كل نفس بما كسبت رهينة} ، ومن لم يبلغ وقت العمل لم يرتهن بشيء.
خالين من المعرفة والإنكار، من غير أن تكون الفطرة تقتضي واحداً منهما، بل يكون
القلب كاللوح الذي يقبل كتابة الإيمان وكتابة الكفر، وليس هو لأحدهما أقبل منه
للآخر، وهذا هو الذي يشعر به ظاهر الكلام – فهذا قول فاسد، لأنه حينئذ لا فرق
بالنسبة إلى الفطرة بين المعرفة والإنكار، والتهويد والتنصير والإسلام، وإنما ذلك
بحسب الأسباب، فكان ينبغي أن يقال: فأبواه يسلمانه ويهودانه وينصرانه ويمجسانه،
فلما ذكر أن أبوه يكفرانه، وذكر الملل الفاسدة دون الإسلام، علم أن حكمه في حصول
ذلك بسبب منفصل غير حكم الكفر.
استقامة ولا زيغ، إذ نسبته إلى كل منهما نسبة واحدة، وليس هو بأحدهما أولى منه
بالآخر، كما أن الرق قبل الكتابة فيه لا يثبت له حكم مدح كالمصحف، ولا حكم ذم
القرآن مسيلمة، والتراب قبل أن يبنى مسجداً أو كنيسة، لا يثبت له حكم واحد منهما.
يستحق مدحاً ولا ذماً.
الناس عليها لا تبديل لخلق الله} ، فأمره بلزوم فطرته التي فطر الناس عليها، فكيف
لا يكون فيها مدح ولا ذم؟.
وشبه ما يطرأ عليها من الكفر بجدع الأنف والأذن.
محمودة ولا مذمومة؟
أنهم ولدوا على الفطرة السليمة، التي لو تركت مع صحتها لاختارت المعرفة على
الإنكار، والإيمان على الكفر، ولكن بما عرض من الفساد خرجت عن هذه الفطرة – فهذا
القول قد يقال: إنه لا يرد عليه ما يرد على ما قبله، فإنه صاحبه يقول: في الفطرة
قوة يميل بها إلى المعرفة والإيمان، كما في البدن السليم قوة يحب بها الأغذية
النافعة، وبهذا كانت محمودة وذم من أفسدها، لكن يقال: فهذا الفطرة التي فيها هذه
القوة والقبول والاستعداد والصلاحية: هل هي كافية في حصول المعرفة، أو تقف المعرفة
على أدلة يتعلمها من خارج؟.
وتعدم أخرى، ثم ذلك السبب الخارج يمتنع أن يكون موجباً للمعرفة بنفسه، بل غايته أن
يكون معرفاً ومذكراً، فعند ذلك إن وجب حصول المعرفة، كانت المعرفة واجبة الحصول
عند وجود تلك الأسباب وإلا فلا، وحينئذ فلا يكون فيها إلا قبول المعرفة والإيمان،
إذا وجدت من يعلمها أسباب ذلك.
ذلك، وهو التهويد والتنصير والتمجيس.
قوة قابلة لكل منهما واستعداد له، لكن يتوقف على المؤثر الفاعل من خارج.
وإن كان فيها قوة تقتضي المعرفة بنفسها، وإن لم يوجد من يعلمها أدلة المعرفة، لزم
حصول المعرفة فيها بدون ما نسمعه من أدلة المعرفة، سواء قيل: إن المعرفة ضرورية
فيها، أو قيل: إنها تحصل بأسباب كالأدلة التي تنتظم في النفس، من غير أن يسمع كلام
مستدل، فإن النفس بفطرتها قد يقوم بها من النظر والاستدلال مالا يحتاج معه إلى
كلام أحد، فإن كان كل مولود يولد على هذه الفطرة، لزم أن يكون المقتضى للمعرفة
حاصلاً لكل مولود، وهو المطلوب“
نافي المعارف القبلية بل الشيخ ينكر حتى القول بأن الفطرة مجرد استعداد للقبول بل
يراها أمراً وجودياً ولا أدري لماذا أطنب في توضيح الواضحات والعجيب أنهم يتكئون
على ابن عبد البر والشيخ تعقبه بكلام متين ولكن يبدو لأنه في مجلدات الدرء الأخيرة
لم يهتدوا إليه
بعض الأغلاط والتلبيسات
ولكن خذ منها هذا
قال الشيخ كما في مجموع الفتاوى :” أَنْ يُقَالَ إذَا كَانَ لَا بُدَّ فِي كُلِّ قِيَاسٍ مِنْ قَضِيَّةٍ كُلِّيَّةٍ فَتِلْكَ الْقَضِيَّةُ الْكُلِّيَّةُ لَا بُدَّ أَنْ تَنْتَهِيَ إلَى أَنْ تُعْلَمَ بِغَيْرِ قِيَاسٍ وَإِلَّا لَزِمَ الدَّوْرُ وَالتَّسَلْسُلُ؛ فَإِذَا كَانَ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ لَهُمْ قَضَايَا كُلِّيَّةٌ مَعْلُومَةٌ بِغَيْرِ قِيَاسٍ. فَنَقُولُ: لَيْسَ فِي الْمَوْجُودَاتِ مَا تَعْلَمُ لَهُ الْفِطْرَةُ قَضِيَّةً كُلِّيَّةً بِغَيْرِ قِيَاسٍ إلَّا وَعِلْمُهَا بِالْمُفْرَدَاتِ الْمُعَيَّنَةِ مِنْ تِلْكَ الْقَضِيَّةِ الْكُلِّيَّةِ أَقْوَى مِنْ عِلْمِهَا بِتِلْكَ الْقَضِيَّةِ الْكُلِّيَّةِ مِثْلَ قَوْلِنَا: الْوَاحِدُ نِصْفُ الِاثْنَيْنِ وَالْجِسْمُ لَا يَكُونُ فِي مَكَانَيْنِ وَالضِّدَّانِ لَا يَجْتَمِعَانِ فَإِنَّ الْعِلْمَ بِأَنَّ هَذَا الْوَاحِدَ نِصْفُ الِاثْنَيْنِ فِي الْفِطْرَةِ أَقْوَى مِنْ الْعِلْمِ بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ نِصْفُ كُلِّ اثْنَيْنِ وَهَكَذَا مَا يُفْرَضُ مِنْ الْآحَادِ. فَيُقَالُ الْمَقْصُودُ بِهَذِهِ الْقَضَايَا الْكُلِّيَّةِ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْعِلْمَ بِالْمَوْجُودِ الْخَارِجِيِّ أَوْ الْعِلْمَ بِالْمُقَدَّرَاتِ الذِّهْنِيَّةِ: أَمَّا الثَّانِي فَفَائِدَتُهُ قَلِيلَةٌ وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَمَا مِنْ مَوْجُودٍ مُعَيَّنٍ إلَّا وَحُكْمُهُ بِعِلْمِ تَعَيُّنِهِ أَظْهَرُ وَأَقْوَى مِنْ الْعِلْمِ بِهِ عَنْ قِيَاسٍ كُلِّيٍّ يَتَنَاوَلُهُ فَلَا يَتَحَصَّلُ بِالْقِيَاسِ كَثِيرُ فَائِدَةٍ؛ بَلْ يَكُونُ ذَلِكَ تَطْوِيلًا. وَإِنَّمَا اُسْتُعْمِلَ الْقِيَاسُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِأَجْلِ الغالط وَالْمُعَانِدِ فَيُضْرَبُ لَهُ الْمَثَلُ وَتُذْكَرُ الْكُلِّيَّةُ رَدًّا لِغَلَطِهِ وَعِنَادِهِ بِخِلَافِ مَنْ كَانَ سَلِيمَ الْفِطْرَةِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: الضِّدَّانِ لَا يَجْتَمِعَانِ فَأَيُّ شَيْئَيْنِ عُلِمَ تَضَادُّهُمَا فَإِنَّهُ يُعْلَمُ أَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ قَبْلَ اسْتِحْضَارِ قَضِيَّةٍ كُلِّيَّةٍ بِأَنَّ كُلَّ ضِدَّيْنِ لَا يَجْتَمِعَانِ وَمَا مِنْ جِسْمٍ مُعَيَّنٍ إلَّا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ فِي مَكَانَيْنِ قَبْلَ الْعِلْمِ بِأَنَّ كُلَّ جِسْمٍ لَا يَكُونُ فِي مَكَانَيْنِ وَأَمْثَالُ ذَلِكَ كَثِيرٌ. فَمَا مِنْ مُعَيَّنٍ مَطْلُوبٍ عِلْمُهُ بِهَذِهِ الْقَضَايَا الْكُلِّيَّةِ إلَّا وَهُوَ يُعْلَمُ قَبْلَ أَنْ تُعْلَمَ هَذِهِ الْقَضِيَّةُ وَلَا يُحْتَاجُ فِي الْعِلْمِ بِهِ إلَيْهَا.
تأمل قوله : تأمل قوله :فَمَا
مِنْ مُعَيَّنٍ مَطْلُوبٍ عِلْمُهُ بِهَذِهِ الْقَضَايَا الْكُلِّيَّةِ
إلَّا وَهُوَ يُعْلَمُ قَبْلَ أَنْ تُعْلَمَ هَذِهِ الْقَضِيَّةُ وَلَا
يُحْتَاجُ فِي الْعِلْمِ بِهِ إلَيْهَا
فلا الحس ولا غيره محتاج إليه في تقرير هذا الأمر
يقولون بأن هذا الشيء كان نافعاً صار قاعدة
فحسب ومنهم من يقول بالمنفعة الحسية والمعنوية ومنهم من يقول بمنفعة الفرد ومنهم
من يقول بمنفعة الجماعة وتقديمها على منفعة الفرد وهم بذلك لا يفصل بينهم إلا
الاستدلالات العقلية
بل يعتقد شخصان اعتقادين متضادين ويجدان لذلك لذة فبناء عليه يكون اعتقاد كل واحد
منهما حقاً
الأديان وقوله بالمساواة المطلقة لأن الحس أساس المنفعة لا يعضد المساواة والمنفعة
نسبية فالإضرار بهذا منفعة لذاك ولهذا برر نيتشة الرق بأنه فيه منفعة تفرغ
الأذكياء من الرجال للعلوم إذ يكفيهم السوقة الأعمال المهينة وهذا تبرير اليونان
البرهان الحسي أو النفعي
المعجزة وغيرها مع خضوع الكل للحس هو باستدلال عقلي أن مثل هذا لا يأتي به بشر من
نفسه وهنا يصير الحس مجرد مرحلة
واستنباط وقياس
زدت على أن أزلت القبلية العقلية وجعلت مكانها قبلية حسية والغائية الحسية النفعية
هي دور فأنت تقول نحن نعيش لكي نعيش فكل المنافع هي ما يعضد العيش وطول العمر وهذا
ليس جواباً ولهذا الأسئلة الوجودية لا يمكن الجواب عليها بسياق نفعي لا مبرر لها
أصلاً في هذا السياق
أن تصير اللذة نسبية ونعود إلى سفسطة النسبيين والذين يقفون أمام معضلة أنه لو كان
كل شيء نسبي فمن أين جاء مفهوم الحقيقة أصلاً
بوجود حقيقة .
لنا.
معرفة الحقيقة لا تضر بل تنفع .
منها ينطلق البحث فهي نقطة الابتداء وبالتالي محاولة البرهنة عليها يدخلك في الدور
والتناقض مع استحالة ذلك بحسب الطريقة المادية العلموية
وبفطرة فطرها الخالق متسامية على المادة
وهو الدليل على كل شيء .
الجهمية لأن الجهمية يريدون أن يثبتوا لله وجوداً لا من جنس وجود المحسوسات وهم
ينفون أن يرى الله وأن يسمع
الاستدلال بالمعجزات على الرسالات وهو استدلال مبدأه حسي بل هم شبهوا ثم عطلوا
فصاروا يقولون لو كان له يد للزم كذا وكذا ولو استوى للزم كذا وكذا
تقولون فنحن جميعاً مقرون بأن الله عز وجل
لا يشبه مخلوقاته
تيمية وغيره بمبدأ عقلي أن هذا رفع للنقيضين
محايث أو مباين لم يكونوا يقصدون الأجسام المحسوسة فحسب بل كانوا يقصدون حتى
المعاني والأفكار فهي تقوم في أجسام أو جواهر _ والجهمية حقيقة قولهم إثبات وجود
لله من جنس وجود المعاني _
وهذه الفطرة _ وإما أن يكون حجة قياسية وهذه هي الحجة العقلية
ومعلوم قصة ( حيرني الهمداني )
قطعية التواتر ضرورية أم نظرية والضرورية يعني الفطرية التي لا تفتقر للاستدلال بل
بمجرد حصول السبب يقع هذا المعنى في النفس ولا يمكن دفعه وأما النظرية فهي
الاستدلالات العقلية التي تبنى على مقدمات مركبة وبعضها يكون حسياً لا مشكلة ولكن
لا بد من حجج عقلية متعالية تنظم الحجج الحسية وتقيس
عقلي فاعتمادك على السببية من خلال الاستقراء هذا قياس فقست ما رأيته وعرفت سببه
على ما لم تره وتعرف سببه وصرت تبحث عن سببه هذا هو قياس عقلي وهو مبدأ عقلي يقتضي
إرجاع النظائر إلى بعضها البعض فعدنا إلى المبدأ العقلي أصالة ، وحتى المبدأ
النفعي مبني على القياس العقلي ما نفعني في هذا الشيء سينفعني في نظيره
الفطرة
سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي الدَّرَاوَرْدِيَّ ، عَنِ
الْعَلاَءِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : كُلُّ إِنْسَانٍ تَلِدُهُ أُمُّهُ عَلَى
الْفِطْرَةِ ، وَأَبَوَاهُ بَعْدُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ
وَيُمَجِّسَانِهِ ، فَإِنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ ، فَمُسْلِمٌ كُلُّ إِنْسَانٍ
تَلِدُهُ أُمُّهُ يَلْكُزُهُ الشَّيْطَانُ فِي حِضْنَيْهِ إِلاَّ مَرْيَمَ
وَابْنَهَا.
غيره فيخطىء
هذه الزيادة
عن الحفاظ الذين لم يعثر عليهم الوهم في الحفظ ))
(2/689) ((لسنا ندفع أن تكون الزيادة مقبولة من الحفاظ ، ولكنا نقول : إذا تكافأت
الرواة في الحفظ والاتقان فروى حافظ بالأخبار زيادة في خبر قبلت زيادته . فإذا
تواردت الأخبار ، فزاد وليس مثلهم في الحفظ زيادة لم تكن تلك الزيادة مقبولة ))
ابن عبد البر قوله (( إنما تقبل الزيادة من الحافظ إذا ثبت عنه وكان أحفظ وأتقن
ممن قصر أو مثله في الحفظ ، لأنه كأنه حديث آخر مستأنف وأما إذا كانت الزيادة من
غير حافظ ، ولا متقن ، فإنها لا يلتفت إليها ))
إسناده رجلان ثقتان وخالفهما الثوري، فلم يذكره قال: لولا أن الثوري خالف لكان
القول قول من زاد فيه؛ لأن زيادة الثقة مقبولة. قال ابن رجب: وهذا تصريح بأنه إنما
يقبل الزيادة إذا لم يخالفه من هو أحفظ منه.
ويقول ابن رجب : إن أبا حنيفة يرى أن الثقات إذا اختلفوا في خبر زيادةً أو نقصاً
في المتن أو في السند فالزائد مردود إلى الناقص))
كلام ابن خزيمة وابن عبد البر منصبٌ على رواية الثقة مطلقاً فما بالك إذا ممن جرب
عليه الوهم والخطأ
المستقل فقياسه هذا قياسٌ مع الفارق إذ أن الحديث المستقل لا يلزم منه نسبة الذهول
والغفلة للرواة الآخرين بخلاف زيادة الثقة على رواية غيره من الثقات فإنه يلزم
منها ذلك
تقبيل دائماً ، ومن أطلق ذلك عن الفقهاء والأصوليين ، فلم يصب . وإنما يقبلون ذلك
إذا استووا في الوصف ولم يتعرض بعضهم لنفيها لفظاً ولا معنى .
وغيرهما وقال ابن السمعاني : (( إذا كان راوي الناقصة لا يغفل أو كانت الدواعي
تتوفر على نقلها أو كانوا جماعة لا يجوز عليهم أن يغفلوا عن تلك الزيادة وكان المجلس
واحداً فالحق أن لا يقبل رواية راوي الزيادة هذا الذي ينبغي . انتهى))
التي لا توجد في الأصول تنبيهاً عليها
أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ (ح) وحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الْجَرْمِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ ، قَالاَ جَمِيعًا :
حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ
أَبِيهِ ، قَالَ : غَزَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعَ
عَشْرَةَ غَزْوَةً ، قَاتَلَ فِي ثَمَانٍ مِنْهُنَّ.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ.
فيها وقد خرج مسلم بعد روايته الرواية التي تدل على خطئه
حَنْبَلٍ ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ كَهْمَسٍ ، عَنِ ابْنِ
بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ قَالَ : غَزَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّ عَشْرَةَ غَزْوَةً.
الأولى
وصحبه وسلم