تثبيت أهمية السنة من آيات تحريم الخمر وما بعدها..

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون (90) إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون (91) وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين} [المائدة]

تفكرت في ورود الأمر بطاعة النبي صلى الله عليه وسلم بعد آيات تحريم الخمر فظهر لي ما يلي والله تعالى أعلى وأعلم:

مناسبة التنبيه على السنة النبوية بعد آيات تحريم الخمر للدلالة على أن في السنة تفاصيل تثبيت تحريم الخمر وسد الذرائع إليه.

فعقوبة شارب الخمر في السنة.

وورد في السنة حديث “ما أسكر كثيره فقليله حرام”.

وورد الحديث في النهي عن تخليل الخمر، والنهي عن الانتباذ في الأسقية والنهي عن الخليطين (وهذه هيئات في الشراب تقربه من الإسكار).

وجامع كل هذا أنه سد لذريعة وجود الخمر في المجتمع المسلم على أي صورة من الصور.

وفي قوله تعالى: {واحذروا} التنبيه على فقه سد الذرائع، فالحذِر لا يترك الشيء فحسب بل يبتعد عن وسائله.

وقد كان لأهل الحديث الحظ الأوفى من القول بهذه الأخبار -بخلاف غيرهم من أهل الرأي ومن وافقهم- وشددوا حتى قال فقهاؤهم مالك والشافعي وأحمد بجلد من يشرب النبيذ (الذي يسكر كثيره دون قليله).

وقد صنف الإمام أحمد كتابًا في الأشربة جمع فيه الأخبار في سد الذريعة لشرب المسكر، ولو أن أمة الإسلام مضوا على فقه أهل الحديث لارتاحوا من شر عظيم جره عليهم التساهل في سد الذريعة إلى أم الخبائث والله المستعان، ولكن هذا جرى ليقضي الله أمرًا كان مفعولًا.