بين موقف السلف من اللفظية وموقف الخلف من سيد قطب

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال سيد قطب في الظلال :” “وكما أن الروح من الأسرار التي اختص
الله بها؛ فالقرآن من صنع الله الذي لا يملك الخلق محاكاته، ولا يملك الجن والإنس
– وهما يمثلان الخلق الظاهر والخفي – أن يأتوا بمثله، ولو تظاهروا وتعاونوا في هذه
المحاولة، { قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ
هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا
} (2)؛ فهذا القرآن ليس ألفاظاً وعبارات(3) يحاول الإنس والجن أن يحاكوها، إنما هو
كسائر مايبدعه الله يعجز المخلوقون أن يصفوه، فهو كالروح من أمر الله، لا يدرك الخلق
سره الشامل الكامل، وإن أدركوا بعض أوصافه وخصائصه وآثاره”

وله نصوص أخرى في أن القرآن ( مصنوع ) ، وهذه العبارة صريحة في خلق القرآن
ومع ذلك يتأولها كثير من المعظمين لهذا الرجل

والسؤال هنا : أيهما أقرب إلى القول بخلق القرآن قولهم ( لفظي بالقرآن
مخلوق ) أم قول سيد ( القرآن مصنوع )

لا شك قول سيد أصرح فما قال الأئمة في اللفظية ؟!

قال الخلال في السنة 2100- وأخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : قلت لأبي عبد
الله إني قلت لأبي ثور سألته عن اللفظ ؟ فقال : هذه بدعة ، فغضب غضباً شديداً وقال
: هكذا أراد أن يقول بدعة ، هذا كلام جهم بعينه

فالإمام أحمد يغضب على من يبدع اللفظية فقط ! بل لا يقنع حتى يقال جهمية

وقد صح عنه أن اللفظية كفار ، وقال في نعيم بن حماد ( لا رحمه الله إن
كان قالها ) ، وتكلم بكلام شديد في هشام بن عمار لما قال ( لفظ جبريل بالقرآن مخلوق
)

وقد سئل الدكتور إبراهيم الرحيلي في شريط الخلاف أسبابه وأحكامه
:”

هل القول أن القرآن صنع الله يلزم منه أن القرآن مخلوق؟ و خصوصاً أنه يقول
إن الكلام هو الإرادة؟

فأجاب :” لا يُقال أن القرآن صُنع الله، وإنما هو كلام الله. لكن
ينبغي أن يُفرّق بين من يُطلق الألفاظ وهو يقصد اللفظ، أو لا يقصد، فإن بعض الناس قد
يُطلق الألفاظ وهو لا يقصدها، فعلى كل حال هذا خطأ، لكن هل من قال هذا: نقول إنه يقول
القرآن مخلوق. ينبغي أن يستفصل منه؛ يقال له: ما المقصود بالصنع في إطلاقه؟ فإن قال:
أعتقد أنه تكلم. نقول له: لا تقل هذا اللفظ، وإنما قل تكلم بالقرآن. وإن كان يقصد بالصّنع
هو الخلق فلا شك أنّ هذا قول الجهمية”

الإمام أحمد وأئمة السلف جهموا اللفظية ولم يستفصلوا عن قصدهم والسائل
ذكر لك قرينة فقال أنه يؤول الكلام بالإرادة تدل هذه القرينة على تجهم

قال شيخ الإسلام في درء التعارض (1/254) :” فطريقة السلف والأئمة
أنهم يراعون المعاني الصحيحة المعلومة بالشرع والعقل ويراعون أيضا الألفاظ الشرعية
فيعبرون بها ما وجدوا إلى ذلك سبيلا ومن تكلم بما فيه معنى باطل يخالف الكتاب والسنة
ردوا عليه ومن تكلم بلفظ مبتدع يحتمل حقا وباطلا نسبوه إلى البدعة أيضا وقالوا إنما
قابل بدعة ببدعة وردا باطلا بباطل

ونظير هذا القصص المعروفة التي ذكرها الخلال في كتاب السنة هو وغيره في
مسألة اللفظ ومسألة الجبر”

فهذا يبين لك الفرق بين منهج هؤلاء ومنهج السلف في التعامل مع مثل هذه
الألفاظ

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم