بين الموظفة والمغيَّبة!
تكلمت كثيرًا عن منظومة الوظيفة في زماننا، ويتكلم غيري كثيرًا عن إشكاليات الوظائف المختلطة.
وقد بدا لي إشكال يُطرَح على من يتحدث عن إمكانية وجود وظائف نسائية مختلطة بضوابط شرعية!
قال الترمذي في جامعه باب ما جاء في كراهية الدخول على المغيبات
وقد أورد في باب آخر قول سفيان: «ولا تلجوا على المغيبات»، والمغيبة: المرأة التي يكون زوجها غائبًا، والمغيبات: جماعة المغيبة”.
وقد ورد حديث ضعيف السند في النهي عن الدخول على المغيبات، وذلك أن هذا مظنة فتنة، زوجها غائب عنها ويدخل عليها رجل بدعوى الحاجة أو غيرها، وتبدأ خطوات الشيطان، فلا يكون ذلك إلا لضرورة.
ومع ضعف سند الخبر إلا أن البخاري استدل لمعناه من الأحاديث الصحيحة.
قال البخاري في صحيحه:
“باب: لا يخلون رجل بامرأة إلا ذو محرم والدخول على المغيبة
٥٢٣٢ – حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا ليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر : أن رسول الله ﷺ قال: «إياكم والدخول على النساء. فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت».
٥٢٣٣ – حدثنا علي بن عبد الله: حدثنا سفيان: حدثنا عمرو، عن أبي معبد، عن ابن عباس عن النبي ﷺ قال: «لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم. فقام رجل فقال: يا رسول الله، امرأتي خرجت حاجّة واكتُتِبتُ في غزوة كذا وكذا، قال: ارجع فحج مع امرأتك»”.
أقول: وجه استدلال البخاري أن الدخول على المغيبة إما أن يكون بخلوة فهذا يَنهى عنه الحديث الأول، وإما أن يكون بغير خلوة مع تمكُّن منها إن أريد ذلك، فهذا يدل على النهي عنه الحديث الثاني، وهذا فقه دقيق.
وروى مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص حدثه «أن نفرًا من بني هاشم دخلوا على أسماء بنت عميس، فدخل أبو بكر الصديق -وهي تحته يومئذ- فرآهم فكره ذلك، فذكر ذلك لرسول الله ﷺ وقال: لم أر إلا خيرًا! فقال رسول الله ﷺ: إن الله قد برأها من ذلك. ثم قام رسول الله ﷺ على المنبر فقال: لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان».
وهذا إن كان الرجال عدولًا، وهذا في الدخول العارض عليها في بيتها وليس المحل الذي وإن لم تحصُل به خلوة فهي ممكَّنة إن أُريد ذلك.
وعليه كيف تُطبَّق أخبار المغيبة على الموظفة -إن كان زوجها غائبًا- خصوصًا في أزمنة تفشو فيها الفتن.
المراد من هذا الفصل أنه في زمن الصحابة حيث أطهر الناس قلوبًا روعي سد الذريعة، واليوم يراد فتحها مع كل ما نرى من بلاء.