جعله حديثاً صحيحاً لأنه وافق هواه، وهذا وغيره يطعنون بكل فضيلة مروية لأهل البيت لأدنى طعن.
انفراد البزار برواية الخبر أمارة ضعف، فإن مسنده معلَّل.
الخبر انفرد به يحيى بن أيوب الغافقي المصري (من موالي الأمويين) وهو صدوق، ولكن نصَّ على سوء حفظه ووقوع الخطأ منه إذا حدَّث من حفظه عددٌ من الأئمة، منهم: أحمد ابن حنبل والنسائي وأبو حاتم، وقال الدارقطني: “في بعض أحاديثه اضطراب”.
وقال الساجي: “صدوق يهم، كان أحمد يقول: يحيى ين أيوب يخطىء خطأ كثيرا”.
وقال الحاكم أبو أحمد: “إذا حدث من حفظه يخطىء، و ما حدث من كتاب فليس به بأس”.
ووثقه غيرهم، وهو مصري وانفرد عن الحجازيين بأحاديث غريبة، قال ابن القطان: “من غرائب يحيى بن أيوب روايته عن ابن جريج، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه -مرفوعاً: وإن كان مائعا فانتفعوا به”.
وذكر الذهبي له غرائب أخرى عنهم، وهذا من غرائبه عن أهل المدينة.
والسبب في الاستغراب أنه انفرد بهذا الخبر عن أعيان أهل الحجاز كالزهري وابن جريج وسالم، وهو مصري، وتلاميذهم من أهل ديارهم لا يعرفون هذا الحديث، وهذا ينطبق على الحديث الذي معنا، فهو يرويه من طريق عروة عن عائشة، وهذا إسناد مطلوب في مكة والمدينة، بل وكل البلدان، وينفرد بخبر فيه رجل مصري له أخطاء!
ولم يخرَّج له في الصحيح إلا أحاديث قليلة مما توبع عليها.
وقد قال الذهبي معلقاً على هذا الخبر: “قلت: هو خبر منكر، ويحيى ليس بالقوي”.
استنكار الذهبي وجيه من الناحية الإسنادية.
وأما المتنية فحقاً هو يعارض حديث الصحيحين: «يا فاطمة! ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين؟».
وقد جمع بعض أهل العلم بين الخبرين فيما ذكره الحاكم في «فضائل فاطمة» و«المستدرك»، ولا حاجة لذلك مع ضعف خبر يحيى واجتناب أصحاب الكتب المشهورة له.
واعجب من قول الكاتب إن عروة خاف من علي بن الحسين، وما سلطة علي بن الحسين على عروة وهما في زمن الأمويين!
فهذا محل نكارة آخر.
وبنات النبي ﷺ كلهن على خير، غير أن القوم يصورون أن أهل الحديث كانوا خائفين من الشيعة ويكتمون، وينقض دعواهم أن هناك من روى هذا، والعباسيون من أيامهم الأولى فسد الأمر بينهم وبين أولاد فاطمة بما حصل بين المنصور والنفس الزكية.