هذا المنشور رأيته منتشراً في عموم مواقع التواصل الاجتماعي.
ولا أدري من الذي حكم على الخبر بالصحة، إذ يبدو أن الناقل اعتمد تصحيح الحاكم دون أن يعلم أنه من أشد الناس تساهلاً، وعامة أهل العلم لا يعتمدون تصحيحه.
وقد علق الذهبي على تصحيح الحاكم بقوله: “بل منكر”.
ويظهر وجه استنكار الذهبي إذا ذكرنا سند الخبر ومتنه:
قال الحاكم في مستدركه: “٦٢٨٧- أخبرنا أبو عبد الله الصفار، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، ثنا عاصم بن علي، حدثتنا زينب بنت سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس، حدثني أبي قال: سمعت أبي يقول: قال: بعث العباس ابنه عبد الله إلى النبي ﷺ، فنام وراءه وعند النبي ﷺ رجل، فالتفت النبي ﷺ فقال: «متى جئت يا حبيبي؟» قال: مذ ساعة، قال: «هل رأيت عندي أحدا؟» قال: نعم، رأيت رجلا، قال: «ذاك جبريل عليه الصلاة والسلام، ولم يره خلق إلا عمي إلا أن يكون نبيا ولكن أن يجعل ذلك في آخر عمرك» ثم قال: «اللهم علمه التأويل وفقهه في الدين واجعله من أهل الإيمان» هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه”.
أقول: في المتن نكارة، إذ فيه أن ابن عباس رأى جبريل على هيئة رجل، ومع ذلك قال له النبي ﷺ إنه لا يرى جبريل خلق إلا عمي إلا أن يكون نبياً.
وقد رأى الصحابة جبريل عدة مرات، من أشهرها قصة سؤاله عن الإسلام والإيمان والإحسان.
والسند فيه عاصم بن علي اختلف فيه أهل العلم وله مناكير.
وسليمان بن علي مجهول الحال، كما قال ابن القطان: انفرد ابن حبان بتوثيقه.
وأما خبر «اللهم فقِّهه في الدين» فهو في الصحيح، وسببه أنه وضع وضوءاً للنبي ﷺ، وهو دون هذه الزيادة الغريبة في خبر «المستدرك».
وفي رواية أخرى في الصحيح: «اللهم علِّمه الحكمة».
وزيادة: «وعلِّمه التأويل» فهي خارج الصحيح.
وعليه فإن استنكار الذهبي لخبر الحاكم وجيه، ويكفي لبيان نكارته انفراد الحاكم به من دون جميع أصحاب الكتب، حتى إن تلميذه البيهقي اجتنبه في «دلائل النبوة» مع أنه على شرطه.
والمنكر من قسم شديد الضعف الذي لا يذكر حتى استئناساً.