بيان نكارة حديث قيلوا فإن الشياطين لا تقيل

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال أبو نعيم الأصبهاني في أخبار أصبهان 1357 – حدثنا محمد بن أحمد بن
عبد الوهاب ، ثنا عبد الله بن عمر بن يزيد الزهري ، ثنا أبي ، ثنا أبو داود الطيالسي
، ثنا عمران القطان ، عن قتادة ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: « قيلوا فإن الشياطين لا تقيل »

وقال في الطب النبوي 151- حَدَّثَنا عبد الله بن محمد، حَدَّثَنا علي بن
الصباح، حَدَّثَنا عبد الله بن عُمَر بن يزيد الزُّهْرِيّ، حَدَّثَنا أبو داود، حَدَّثَنا
عمران القطان، عَن قتادة، عَن أنس، قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَليْهِ وَسلَّم:
قيلوا فإن الشياطين لا تقيل.

السند الأول فيه ذكر الأب ولعله سقط من السند الثاني والأب مجهول الحال
والابن كذلك

قال أبو الشيخ الأصبهاني في طبقات المحدثين بأصبهان :” 222 – عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ الزُّهْرِيُّ

يُكَنَّى أَبَا مُحَمَّدٍ وَلِيَ الْقَضَاءَ بِالْكَرْخِ، وَخَرَجَ إِلَيْهَا،
وَمَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنُ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ.

وَكَانَ رَاوِيَةٌ عَنْ يَحْيَى، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَرَوْحٍ، وَحَمَّادِ
بْنِ مَسْعَدَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ، وَأَبُو قُتَيْبَةَ، وَغَيْرِهِمْ، وَلَهُ
مُصَنَّفَاتٌ كَثِيرَةٌ، وَقَدْ حَدَّثَ بِغَيْرِ حَدِيثٍ يَتَفَرَّدُ بِهِ”

وهذا الخبر منكر بمرة لا وجه إلى تصحيحه بحال وبيان ذلك من وجوه

أولها : إعراض الأئمة المصنفين عنه مع حرصهم على حديث قتادة عن أنس

ثانيها : عدم وجود الحديث في مسند أبي داود الطيالسي

وعدم وجود الحديث في مصنفات الإمام المذكور في السند علة يعل بها الأئمة
المتقدمون

قال ابن أبي حاتم في العلل :” 60 – وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ
ابْنُ عُيينة ،

عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبة، عَنْ قَتَادَةَ، عَن حَسَّان بْن بلال،
عَن عمَّار، عن النبيِّ (ص) ؛ في تخليل اللِّحْيَة؟

قَالَ أَبِي: لم يحدِّثْ بِهَذَا أحدٌ سوى ابنِ عُيينة، عَنِ ابْنِ أَبِي
عَروبة .

قلتُ: هُوَ صَحيحٌ؟

قَالَ: لو كَانَ صَحيحًا، لكان فِي مُصَنَّفات ابن أَبِي عَروبة، ولم يذكُر
ابنُ عُيَينة فِي هَذَا الحديثِ الخَبَرَ ؛ وَهَذَا أَيْضًا مما يوهِّنُهُ”

ثالثها : عدم معرفة الإمام أحمد لهذا الحديث

قال ابن قدامة كما في المنتخب من علل الخلال :” 26- وسألت أبا عبد
الله: أتعرف عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ، أنه قال: “قيلوا، فإن الشياطين لا
تقيل”؟.

فقال: لا أعرفه؛ إنما هذا: عن منصور، عن مجاهد، عن عمر”

والحديث الذي لا يعرفه أحمد فليس بحديث، فقول أحمد ( لا أعرفه ) يساوي
( منكر ) في المعنى ، فكيف يخفى على الإمام أحمد حديث من طريق عمران عن قتادة عن أنس
وهذه سلسلة معروفة

قال السيوطي في تدريب الراوي (1/30) : فوائد:

 الأولى: إذا قال الحافظ المطلع
الناقد في حديث لا أعرفه اعتمد ذلك في نفيه، كما ذكر شيخ الإسلام- يعني ابن حجر-

فيحمل كلام أحمد في العلل على التضعيف وهذا واضح بين

بل كيف يخفى على جميع أئمة الإسلام فلا يخرجوه في المصادر المشهورة كالمسانيد
والسنن ويجتنبه جميع أصحاب الصحاح

رابعها : أن انفراد رجل أصبهاني مجهول بسنة بصرية لا يعرفها أهل البصرة
من طريق إمام من أئمتهم عن آخر الصحابة موتاً في البصرة مظنة نكارة بينة

وقد ورد الحديث من طريق أخرى فيها عباد بن كثير وهو متروك 

وأثر عمر الموقوف منقطع بين مجاهد وعمر

وله طريق آخر لفظه مختلف

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم