قال علي الصلابي في كتابه اليوم الآخر ص329:” إن من صفات الحور العين
أنهن “قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ” ومن معانيه أنهن قصرت أعين أزواجهن عليهن من
شدة جمالهن فلا يطمع لغيرها ولا يلتفت عنها ولا يبتغي سواها، قد شغفته حبّاً، وامتلأ
قلبه من حبها واكتنز وفاض حتى غمر جوارحه فلا ينظر لسواها وهذا من النعيم الكامل واللذة
التامة، حتى العين لها نصيب وافر من النعيم واللذة، وهذا مصداق قوله تعالى:”مَاتَشْتَهِيهِ
الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ” انتهى كلامه
فجعل الصلابي الذي يقصر طرفه هو الرجل لا الحورية وهذا غلط في فهم الآية
، بل الحورية هي التي تقصر طرفها بإجماع المفسرين
قال الطبري في تفسيره (21/ 41) : “وعند هؤلاء المخلصين من عباد الله
في الجنة قاصرات الطرف، وهن النساء اللواتي قصرن أطرافهن على بعولتهن، لا يردن غيرهم،
ولا يمددن أبصارهن إلى غيرهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس(
وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ ) يقول: عن غير أزواجهن.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث،
قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد( وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ
الطَّرْفِ عِينٌ ) قال: على أزواجهن; زاد الحارث في حديثه: لا تبغي غيرهم.
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي، في قوله(
وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ ) قال: قصرن أبصارهن وقلوبهن على أزواجهن، فلا يردن
غيرهم.
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قال:
ذُكر أيضا عن منصور، عن مجاهد ، مثله.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة( وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ
الطَّرْفِ ) قال: قَصَرْن طرفهن على أزواجهن، فلا يُردن غيرهم.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله(قاصرات
الطرف) قال: لا ينظرن إلا إلى أزواجهن، قد قَصَرْن أطرافهن على أزواجهن، ليس كما يكون
نساء أهل الدنيا”
وقال ابن كثير في تفسيره :” وقوله: { وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ
} أي: عفيفات لا ينظرن إلى غير أزواجهن. كذا قال ابن عباس، ومجاهد، وزيد بن أسلم، وقتادة،
والسدي، وغيرهم”
والصلابي هداه الله قد عكس المسألة لأنه اعتمد على تفاسير بعض المعاصرين
والله المستعان ، وهذا التفسير الذي اختاره ربما ناقض تعدد زوجات أهل الجنة وكونهم
لهم أزواج من صالحات المؤمنات
وقد قال شيخ الإسلام في مقدمة التفسير :” وفي الجملة من عدل عن مذاهب
الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئا في ذلك بل مبتدعا، وإن كان
مجتهداً مغفوراً له خطؤه”
وإنما يغفر له خطؤه إذا لم يقصر في طلب العلم ، وأما من أهمل تفاسير السلف
بل وعامة الخلف مع توفرها واعتمد على كلام لمعاصر فهذا مقصر ولم يعرف من أين يؤخذ العلم
وقد ذكر ابن القيم في الكافية الشافية أن هناك من جعل القصر للمعنيين وما قاله السلف متعين
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم