بيان كذب نسبة قصيدة ( المرء بعرف في الأنام بفعله ) للإمام الشافعي

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فينشر بعض الناس أبياتاً ينسبها للإمام
الشافعي وهي غلط عليه ولا تناسب شعره

المرء يُعرف في الأنام بفعله

و خصائل المرء الكريم كأصله..

اصبر على حلو الزمان و مرّه

و اعلم بأن الله بالغ أمره..

لا تستغب فتستغاب، و ربّما

من قال شيئاً، قيل فيه بمثله..

و تجنب الفحشاء لا تنطق بها

ما دمت في جدّ الكلام و هزله..

و إذا الصديق أسى عليك بجهله

فاصفح لأجل الود ليس لأجله..

البحر تعلو فوقه جيف الفلا!!

و الدرّ مطمورٌ بأسفل رمله..

واعجب لعصفور يزاحم باشقاً

إلاّ لطيشته.. و خفّة عقله!!

إيّاك تجني سكرًا من حنظلٍ

فالشيء يرجع بالمذاق لأصله..

في الجو مكتوبٌ على صحف الهوى

من يعمل المعروف يُجز بمثله

وهذه الأبيات لا أصل لها عن الشافعي ولا
توجد في ديوانه ولا تناسب لغته البتة

وأحد أبياتها لرجل من الشافعية

قال الخرافي السبكي في طبقات الشافعية
الكبرى :” ووالده الشيخ علم الدين أحمد بن إبراهيم كان أيضا من أهل العلم
والديانة المتينة وله النظم البديع وامتحن مرة بمحنة ذكر أنه نظم فيها أبياتا في
ليلة لم ينفلق فجرها إلا وقد فرج عنه والأبيات

( اصبر على حلو القضاء ومره *** واعلم بأن
الله بالغ أمره )

( فالصدر من يلقى الخطوب بصدره *** وبصبره
وبحمده وبشكره )

( والحر سيف والذنوب لصفوه *** صدأ وصيقله
نوائب دهره )

( ليس الحوادث غير أعمال امرئ *** يجزى
بها من خيره أو شره )

( فإذا أصبت بما أصبت فلا تقل *** أوذيت
من زيد الزمان وعمره )

( واثبت فكم أمر أمضك عسره *** ليلا فبشرك
الصباح بيسره )

( ولكم على ناس أتى فرج الفتى *** من سر
غيب لا يمر بفكره )”

إلى آخر القصيدة ، والشاهد قوله (( اصبر
على حلو القضاء ومره *** واعلم بأن الله بالغ أمره )

فإن قيل : لماذا قلت أنها لا تناسب
الشافعي

فيقال : لكل أهل عصر لسانهم وكل شاعر له
طريقته وقدم الشافعي في الفصاحة أعلى من أن يكتب أبياتاً كهذه مع حسن معناها غير
أن تركيبها لا يناسب بلاغته وفصاحته

فقافية البيت الأول لام وهاء وقافية البيت
الثاني راء وهاء !

وهذا قبيح جداً في الشعر

والعرب لا يقولون ( طيشته )! ( هذا مستفاد
من مقال لبعضهم )

في أمور أخرى

 ،
وهي أشبه بكلام المتأخرين ولو نسبتها لبعض فصحائهم لتبرأ منها ،  وما رأيت أحداً من المتقدمين نسبها للشافعي
خصوصاً من عني بجمع أخباره ، ولا رأيت أحداً ممن يدعيها للشافعي ينسبها لمصدر

وقد نسبها بعض الرافضة لعلي بن أبي طالب
فتمعر بعضهم من ذلك لركاكتها

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم