بيان كذب قصة سعيد بن الحارث والخالدة

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فيشيع كل من خالد الراشد وسيد العفاني هذه
القصة بين العوام

عن رافع بن عبد الله قال : قال لي هاشم بن
يحيى الكناني : لأحدثنك حديثاً رأيته بعيني وشهدته بنفسي ونفعني الله عز وجل به
فعسى الله أن ينفعك به كما نفعني ،

قلت : حدثني يا أبا الوليد ،، قال : غزونا
أرض الروم في سنة ثماني وثلاثين وعلينا مسلمة بن عبد الملك عبدالله بن الوليد بن
عبد الملك وهي الغزوة التي فتح الله عز وجل فيها الطوانة ، وكنا رفقة من أهل
البصرة و أهل الجزيرة في موضع واحد ،، وكنا نتناوب الخدمة والحراسة وطلب الزاد
والعلوفات ،، وكان معنا رجل يقال له سعيد بن الحارث ذو حظ وعبادة يصوم النهار
ويقوم الليل ، وكنا نحرص أن نخفف عنه من نوبته ونتولى ذلك فيأبى إلا أن يكون في
جميع الأمور بحيث لا يخلي شيئاً من عبادته ، وما رأيته في ليل ولا نهار إلى وفي
حال اجتهاد ،فإن لم يكن وقت الصلاة أو كنا نسير لم يفتر عن ذكر الله تعالى و دراسة
القرآن ،،قال هشام : فأدركني وإياه النوبة ذات ليلة في الحراسة ،، و نحن محاصرون
حصناً من حصون الروم قد استصعب علينا أمره فرأيت من سعيد في تلك الليلة في شدة
الصبر على العبادة ما احتقرت معه نفسي و عجبت من قوة جسمه على ذلك ، و عملت أن
الله تعالى يؤتي الفضل من يشاء ،، وأصبح كلاًّ من التعب

فقلت له : يرحمك الله إن لنفسك عليك حقاً
،، ولعينك عليك حقاً ، ولقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” اكلفوا
من العمل ما تطيقون ” وذكرت له شبه هذا من الأحاديث

فقال لي : يا أخي إنما هي أنفاس تعدّ ،،
وعمر يفنى ،، ,أيام تنقضي ،، وأنا رجل أرتقب الموت ،، وأبادر خروج نفسي ،،

يقول هشام : فأبكاني جوابه ،، ودعوت الله
عز وجل له بالعون والتثبيت ،، ثم قلت له : نم قليلاُ تستريح فإنك لا تدري ما يحدث
من أمر العدو ، فإن حدث شيء كنت نشيطاً ..،، فنام إلى جانب الخباء ،، وتفرق
أصحابنا فمنهم من نهو في القتال ،، ومنهم من هو في غير ذلك ،، وأقمت في موضعي أحرس
رحالهم ،، وأصلح لهم طعامهم ،، وأنا كذلك إذا سمعت كلاماً في الخباء ،، وعجبت مع
أنه ليس فيه غير سعيد نائماً ،، وظننت أن أحداً دخله ولم أره ،، فدخلت فلم أجد
أحداً غيره ،، وهو نائم بحاله،، إلا أنه يتكلم وهو يضحك في نومه ،، فأصغيت إليه
وحفظت من كلامة ما أحب أن أرجع ،، ثم مدّ يده اليمنى كأنه يأخذ شيئاَ ،، ثم ردّها
بلطف وهو يضحك ،، ثم قال : فالليلة .. ثم وثب من نومه وثبة استيقظ لها وهو يرتعد
،،، فاحتضنته إلى صدري مده ،، وهو يلتفت يميناً وشمالاً حتى سكن وعاد له فهمه ،،
وجعل يهلل ويكبر ،، ويحمد الله تعالى ،، فقلت له : يا أخي .. ما شأنك ..؟؟ فقال : خير
يا أبا الوليد .. ،، قلت : إني قد رأيت منك شيئاً وسمعت منك كلاماً في نومك
فحدِّثني بما رأيت ..

فقال : أوتعفيني من ذلك.. ،، فذكرته حق
الصحبة ،، قلت : حدِّثني يرحمك الله فعسى الله أن يجعل لي في ذلك عظة وخيراً ،،

فحدَّثني .. عما رأى في منامه من قول
رجلين له لم ير قط مثل صورتهما كمالاً وحسناً : يا أبا سعيد أبشر فقد غفر ذنبك
وشكر سعيك ، وقبل عملك ،،واستجيب دعاؤك ،، وعجلت لك البشرى في حياتك فانطلق معنا
حتى نريك ما أعد الله لك من النعيم .. وظل سعيد يسرد ما رأى من القصور والحور
وترحيبهن به ،، والجواري ،، حتى انتهى إلى سرير عليه واحدة من الحور العين كأنها
اللؤلؤ المكنون فقالت له : قد طال إنتظارنا إياك ،،

فقلت لها : أين أنا ؟ قالت : في جنة
المأوى ،،

قلت لها : ومن أنت ؟؟ قالت : أنا زوجتك
الخالدة ،،

قال: فمددت يدي إليها ،، فردتها بلطف ،،
وقالت : أما اليوم فلا .. إنك راجع إلى الدنيا ،

فقلت : ما أحب أن أرجع ،،

فقالت : لا بد من ذلك ، وستقيم ثلاثاً ،،
ثم تفطر عندنا في الليلة الثالثة ،، إن شاء الله تعالى ،، فقلت : فالليلة الليلة ،
قالت : إنه كان أمراً مقضياً ،، ثم نهضت عن مجلسها .. ووثبتُ لقياهما فإذا أنا قد
استيقظت ،

قال هاشم : فقلت : يا أخي أحدث لله شكراً
فقد كشف لك عن ثواب عملك ،،

فقال لي : هل رأى أحد غيرك مثل ما رأيت
منى ،، فقلت : لا ‍‍ ‍‍‍؟؟ فقال : أسألك بالله عز وجل إلا سترت عليّ ما دمت حياً ..
فقلت : نعم ..،، فقال : ما فعل أصحابنا ،،

فقلت : بعضهم في القتال ،،وبعضهم في
الحوائج .. فقام وتطهر ،، واغتسل ومس طيباً ،، وأخذ سلاحه وسار إلى موضع القاتل
وهو صائم ،، فلم يزل يقاتل حتى الليل ،، وانصرف أصحابه وهو فيهم ،، فقالوا لي : يا
أبو الوليد لقد صنع هذا الرجل شيئاً ،، ما رأيناه صنع مثله قط ، ولقد حرص على
الشهادة،، وطرح نفسه تحت سهام العدو ،، وحجارتهم وكل ذلك ينبو عنه ،،

فقلت في نفسي : لو تعلمون شأنه لتنافستم
في مثل صنيعه ،، قال : وأفطر على شيء من الطعام وبات ليلته قائماً و أصبح صائماً
فصنع كصنيعه بالأمس ،، وانصرف من آخر النهار فذكر عنه أصحابه مثل ما ذكروه بالأمس
،،حتى إذا كان اليوم الثالث وقد مضت ليلتان ، انطلقتُ معه وقلت : لا بد أن أشهد
أمره وما يكون منه ،، فلم يزل يلقي نفسه تحت مكايد العدو نهاره كله ولا يصل إليه
شيء ،، وهو يؤثر فيهم الآثار ،، وأنا أرعاه من بعيد لا أستطيع الدنو منه ،، حتى
إذا نزلت الشمس للغروب … وهو أنشط ما كان ،، فإذا برجل من فوق حائط الحصن قد تعمده
بسهم .. فوقع في نحره .. فخر صريعاً ،، وأنا أنظر إليه ،، فصحت بالناس فابتدروه
واجتذبوه وبه رمق ،، وجاءوا به يحملونه فلما رأيته قلت له : هنيئاً لك بما تفطر
عليه الليلة ،، ياليتني كنت معك … فعضّ شفته السفلى ،، وأومأ إليّ ببصره وهو يضحك
يعني أكتم أمري حتى أموت ،،

ثم قال : الحمد لله الذي صدقنا وعده ،،
فوالله ما تكلم بشيء غيرها ،، ثم قضى رحمة الله تعالى عليه ،، قال هشام ،، فقلت
بأعلى صوتي : يا عباد الله لمثل هذا فليعمل العاملون ،، أسمعوا ما أخبركم به عن
أخيكم هذا ،، فاجتمع الناس إليّ فحدَّثتهم بالحديث على وجهه ،، فما رأيت قط أكثر
من تلك الساعة باكياً ،، ثم كبروا تكبيرة أضطرب لها العسكر ،، وأقبلوا للصلاة عليه
،، وبلغ ذلك مسلمة بن عبد الملك فقال: يصلى صاحبه الذي عرف من أمره ما عرف .. قال
هشام : فصليت عليه ودفناه في موضعه ،، وبات الناس يذكرون حديثه وحرض بعضهم بعضاً
،، ثم أصبحوا فنهضوا إلى الحصن بنيات مجددة ،، وقلوب مشتاقة إلى لقاء الله عز وجل
،، فما أضحى النهار حتى فتح الله الحصن ببركته رحمه الله تعالى ،،

أقول : ومصدر هذه القصة كتاب ( فكاهة
الأذواق ) لابن النحاس المعاصر لابن تيمية ص46

وقد ذكر قبل هذه القصة ما رواه عبد الواحد
بن زيد قال بينما نحن ذات يوم فى مجلسنا هذا قد تهيأ للخروج الى الغزو قد امرت
اصحابى بقراءة آيتين فقرأ رجل من مجلسنا { ان الله اشترى من المؤمنين انفسهم
واموالهم بان لهم الجنة } اذ قام غلام فى مقدار خمس عشرة سنة او نحو ذلك وقد مات
ابوه وورثه مالا كثيرا فقال يا عبد الواحد بن زيد { ان الله اشترى من المؤمنين
انفسهم واموالهم بان لهم الجنة } فقلت نعم حبيبى فقال انى اشهدك انى قد بعت نفسى
ومالى بان لى الجنة فقلت له ان حد السيف اشد من ذلك وانت صبى وانى اخاف عليك ان لا
تصبر او تعجز عن ذلك فقال يا عبد الواحد ابايع الله بالجنة ثم اعجز اشهد الله انى
قد بايعته او كما قال رضى الله عنه قال عبد الواحد فتقاصرت الينا انفسنا وقلنا صبى
يعقل ونحن لا نعقل فخرج من ماله كله وتصدق به الا فرسه وسلاحه ونفقته فلما كان يوم
الخروج اول من طلع علينا فقال السلام عليك يا عبد الواحد فقلت وعليك السلام ربح
البيع ان شاء الله ثم سرنا وهو معنا يصوم النهار ويقوم الليل ويخدمنا ويخدم دوابنا
ويحرسنا اذا نمنا حتى اذا انتهينا الى دار الروم فبينما نحن كذلك اذا به قد اقبل
وهو ينادى واشوقاه الى العياء المرضية فقال اصحابى لعله وسوس هذا الغلام واختلط
عقله فقلت حبيبى وما هذه العيناء المرضية فقال قد غفوت غفوة فرأيت كأنه قد اتانى
آت فقال لى اذهب الى العيناء المرضية فهجم بى على روضة فيها بحر من ماء غير آسن واذا
على شاطئ النهر جوار عليهن من الحلل ما لا اقدر ان اصفه فلما رأيننى استبشرن بى
وقلن هذا زوج العيناء المرضية فقلت السلام عليكن أفيكن العيناء المرضية فقلن لا
نحن خدمها واماؤها امض امامك فمضيت امامى فاذا انا ينهر من لبن لم يتغير طعمه فى
روضة فيها من كل زينة فيها جوار بما رأيتهن افتتنت بحسنهن وجمالهن فلما رأيننى
استبشرن وقلن والله هذا زوج العيناء المرضية فقلت السلام عليكن أفيكن العيناء
المرضية فقلن وعليك السلام يا ولى الله نحن خدمها واماؤها فتقدم امامك فتقدمت فاذا
انا بنهر من خمر وعلى شط الوادى جوار انسيننى من خلفت فقلت السلام عليكن أفيكن
العيناء المرضية قلن لا نحن خدمها واماؤها امض امامك فمضيت فاذا انا بنهر آخر من
عسل مصفى امامى فوصلت الى خيمة من درة بيضاء وعلى باب الخيمة جارية عليها من الحلى
والحلل ما لا اقدر ان اصفه فلما رأتنى استبشرت بى ونادت من الخيمة ايتها العيناء
المرضية هذا بعلك قد قدم قال فدنوت من الخيمة ودخلت فاذا هى قاعدة على سرير من ذهب
مكلل بالدر والياقوت فلما رأيتها افتتنت بها وهى تقول مرحبا بك يا ولى الله قد دنا
لك القدوم علينا فذهبت لاعانقها فالت مهلا فانه لم يأن لك ان تعافنى لان فيك روح
اليحاة وانت تفطر الليلة عندنا ان شاء الله تعالى فانتبهت يا عبد الواحد ولا صبر
لى عنها قال عبد الواحد فما انقطع كلامنا حتى ارتفعت بنا سرية من العدو فحمل
الغلام فعددت تسعة من العدو قتلهم وكان هو العاشر فمررت به وهو يتشحط فى دمه وهو
يضحك ملئ حتى فارق الدنيا

ثم قال ( وروى عن رافع بن عبد الله )

فمن هو عبد الواحد بن زيد الذي عليه مدار
القصتين

قال الذهبي في الميزان :” 5288 – عبد
الواحد بن زيد [البصري الزاهد] (4) ، شيخ الصوفية وواعظهم،

لحق الحسن [البصري] وغيره.

روى عباس، عن يحيى: ليس بشئ.

وقال البخاري: عبد الواحد صاحب الحسن
تركوه.

وقال الجوزجاني: سيئ المذهب، ليس من معادن
الصدق.

وله: عن أسلم الكوفي، عن مرة الطيب، عن
زيد بن أرقم، عن أبي بكر –

مرفوعاً: لا يدخل الجنة جسد غذى بحرام.

أبو عبيدة الحداد، حدثنا عبد الواحد بن
زيد، حدثني عبد الله بن راشد، عن عثمان بن عفان – مرفوعاً: إن لله مائة خلق وسبعة
عشر خلقا من جاء منهن بخلق واحد دخل الجنة.

قلت: وحدث عنه وكيع، ومسلم، وأبو سليمان
الداراني”

فهو صوفي متهم ويبدو أنه كان يضع لترقيق
قلوب الناس

ورافع بن عبد الله وهشام الكناني كلاهما
مجهول لا خبر له في تراجم الرواة

ولا ندري بالإسناد إلى عبد الواحد بن زيد
فلعله فيه كذاب أيضاً وبين ابن النحاس وابن زيد مفاوز ومئات السنين

فهاتان القصتان على حسنهما مكذوبتان من
أكاذيب القصاص

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم