بيان كذب أسطورة زواج الحسين بن علي من ابنة كسرى

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

يتناقل العوام أسطورةً مفادها أن الحسين
بن علي تزوج ابنة كسرى ، وأنجبت له علي بن الحسين زين العابدين

والحق أن الزواج المزعوم لا وجود له في
كتب التاريخ ، وإن مما اتفقت عليه كتب التواريخ أن علي بن الحسين كانت أمه أمة ،
لم يتزوجها الحسين وإنما تسرى بها

ثم اختلفوا من هي هذه الأمة

فقيل أنها غزالة ، وهذا القول الذي لا
يوجد في كتب المتقدمين سواه

قال ابن سعد في الطبقات :” 2049- عَبْدُ
اللهِ بْنُ زُيَيْدٍ

مَوْلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ , وَكَانَ
أَخَا عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ لأُمِّهِ
وَأُمُّهُمَا اسْمُهَا غَزَالَةُ , وَرَوَى عَبْدُ اللهِ بْنِ زُبَيْدٍ , عَنْ
عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ , وَرَوَى عَنْهُ أَبُو عَلْقَمَةَ عَبْدُ اللهِ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْد الله الْفَرَوِيُّ”

وقال ابن ماكولا في الإكمال :” وعبد
الله بن زييد مولى على بن أبى طالب رضى الله عنه وكان أخا على بن الحسين بن على بن
ابى طالب لامه وهى غزالة، روى عن على بن الحسين، روى عنه أبو علقمة عبد الله بن
محمد بن عبد الله الفروى – ذكره ابن سعد * وفروة بن زييد بن طوسى المدينى”

وقال الطبري كما في ذيل المذيل كما منتخبه
:” على بن الحسين بن على بن أبى طالب عليه السلام وأمه غزالة أم ولد خلف
عليها بعد حسين زبيد مولى الحسين فولدت له عبد الله بن زبيد وهو أخو على بن الحسين

وبعضهم سماها سلامة

قال ابن عساكر في تاريخ دمشق (41/ 361)
:” أخبرنا أبو البركات الأنماطي وأبو العز الكيلي قالا أنا أبو طاهر أحمد بن
الحسن زاد الأنماطي وأبو الفضل بن خيرون قالا أنا أبو الحسين الأصبهاني أنا أبو
الحسين الأهوازي أنا أبو حفص الأهوازي نا خليفة بن خياط قال علي بن الحسين بن علي
بن أبي طالب أمه فتاة يقال لها سلامة يكنى أبا محمد”

لم يذكر خليفة أنها ابنة كسرى ، غير أن
الذهبي ذكر أنها ابنة كسرى في سير أعلام النبلاء

وقال  ابن حجر في تهذيب التهذيب :”
وقال البخاري في التاريخ الصغير لا أدري سالم عن أبي رافع صحيح أم لا وقال غيره
لما قدم سبي فارس على عمر كان فيه بنات يزدجرد فقومن فأخذهن علي فأعطى واحدة لابن
عمر فولدت له سالما وأعطى أختها لولده الحسين فولدت له عليا وأعطى أختها لمحمد بن
أبي بكر فولدت له القاسم”

هذا الغير غير مسمى ، وروايته صريحة في
أنها كانت أمة وليست زوجة ، وهذه الرواية تخالف رواية عامة المؤرخين

وقد صرح مغلطاي في إكمال تهذيب الكمال بأن
هذا الغير هو الزمخشري

قال مغلطاي في الإكمال ( 5/186) :” ويزيد
ما قلناه وضوحا ما ذكره جار الله الزمخشري في «ربيع الأبرار»:

لما قدم سبي فارس على عمر في ولايته كان
فيه بنات يزدجرد يقومن، فأخذهن علي بن أبي طالب فأعطى واحدة لعبد الله بن عمر
فولدت سالما، وأختها لولده الحسين فولدت عليا، وأختها لمحمد بن أبي بكر فولدت له
القاسم”

ومعلومٌ أن الزمخشري المعتزلي لا يعتمد
على رأيه ولا على روايته، وليس مؤرخاً معروفاً ، وإذا جاء بشيء لا يوجد في كتب
المتقدمين من الأوائل كان ذلك أهلاً للإنكار والرد

والخلاصة :

1_ أنه لم يرد أي خبر ثابت أو غير ثابت في
زواج الحسين من ابنة كسرى

2_ أنه لا خلاف في أن أم علي بن الحسين
كانت أمة تسرى بها الحسين فأنجبته وعامة المؤرخين على أن اسمها غزالة وله أخ منها
، ولا يوجد أي دليل على أنها فارسية ، ولو كانت كذلك ما عابه الأمر ، ولا أحسبها
عربيةً فإن أكثر الإماء لسن من العرب

3_ من زعم أن هذه الأمة هي نفسها ابنة
كسرى إنما اعتمد على رواية الزمخشري ولا يعتمد عليه بل المعتمد ما ذكره ابن سعد
والطبري وخصوصاً وأنهم ذكروا له أخاً لأمه من الأعلام فهذا يقوي قولهم

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم