بيان بطلان قصة مشهورة عن دخول طاوس على هشام بن عبد الملك

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال ابن خلكان في وفيات الأعيان (2/510) :

” وحكي أن هشام بن عبد الملك قدم حاجاً إلى بيت الله الحرام، فلما
دخل الحرم قال: إيتوني برجل من الصحابة، فقيل: يا أمير المؤمنين قد تفانوا، قال: فمن
التابعين.

 فأتي بطاوس اليماني، فلما دخل
عليه خلع نعليه بحاشية بساطه ولم يسلم بإمرة المؤمنين ولم يكنه وجلس إلى جانبه بغير
إذنه وقال: كيف أنت يا هشام.

 فغضب من ذلك غضباً شديداً حتى
هم بقتله.

 فقيل: يا أمير المؤمنين أنت في
حرم الله وحرم رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لا يمكن ذلك.

 فقال له: يا طاوس، ما حملك على
ما صنعت

قال: وما صنعت

فاشتد غضبه له وغيظه وقال: خلعت نعليك بحاشية بساطي ولم تسلم علي بإمرة
المؤمنين ولم تكنني وجلست بإزائي بغير إذني وقلت: يا هشام كيف أنت

قال: أما خلع نعلي بحاشية بساطك فإني أخلعها بين يدي رب العزة كل يوم خمس
مرات فلا يعاتبني ولا يغضب علي.

 وأما ما قلت: لم تسلم علي بإمرة
المؤمنين فليس كل المؤمنين راضين بإمرتك فخفت أن أكون كاذباً.

 وأما ما قلت: لم تكنني فإن الله
عز وجل سمى أنبياءه، قال: يا داود يا يحيى يا عيسى، وكنى أعداءه فقال: ” تبت يدا
أبي لهب وتب ” .

 وأما قولك: جلست بإزائي، فإني
سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: إذا أردت أن تنظر إلى رجل من
أهل النار فانظر إلى رجل جالس وحوله قوم قيام.

 فقال له: عظني، قال: إني سمعت
أمير المؤمنين رضي الله عنه يقول: إن في جهنم حيات كالقلال وعقارب كالبغال تلدغ كل
أمير لا يعدل في رعيته. ثم قام وخرج”

هذه القصة نشرها وشهرها الكثير من الحركيين لغاية في نفس يعقوب ، وذكرها
صاحب كتاب ( فقه طاوس بن كيسان ) في مقدمة كتابه وهي قصة باطلة سمجة التركيب

فقد صدرها ابن خلكان بقوله ( حكي ) ولم يذكر لها سنداً ولم أجدها إلا عنده
، وفي متنها نكارة بينة فإن طاوساً لم يسمع علي بن أبي طالب وليس له عنه رواية في الكتب
ونص أبو حاتم على أن روايته عنه مرسلة ، وتخصيصه لعلي باسم إمارة المؤمنين يوحي بأن
واضعها شيعي

والعجيب أن واضع الرواية نسب إلى طاوس أنه تورع عن تسمية الوليد أمير المؤمنين
لأنهم لم يجمعوا عليه ، وعلي بن أبي طالب لم يجمعوا عليه !

وعليه فإنها قصة باطلة معضلة لا يجوز نشرها

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم