بطلان قصة الصحابية التي شربت من ماء السماء التي يروج لها العريفي

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

هذه قصة منتشرة جداً في المنتديات بسبب
ذكر الدكتور محمد العريفي لها

وهاك نصها :” كانت النساء … تصبر
على البلاء ..

نعمكن يصبرن على العذاب الشديد …

والكي بالحديد …

وفراق الزوج والأولاد …يصبرن على ذلك
كله حباً للدين …

وتعظيماً لرب العالمين …لا تتنازل
إحداهن عن شيء من دينها …

ولا تهتك حجابها … ولا تدنس شرفها …

ولو كان ثمنُ ذلك حياتها …

نساء خالدات … تعيش إحداهن لقضية واحدة …
كيف تخدم الإسلام …

تبذل للدين مالها … ووقتها … بل
وروحها …

حملن هم الدين … وحققن اليقين …

أم شريك غزية الأنصارية

أسلمت مع أول من أسلم في مكة البلد الأمين

فلما رأت تمكن الكافرين … وضعف المؤمنين

حملت هم الدعوة إلى الدين … فقوي
إيمانها …

وارتفع شأن ربها عندها …

ثم جعلت تدخل على نساء قريش سراً فتدعوهن
إلى الإسلام …

وتحذرهن من عبادة ألأصنام …حتى ظهر
أمرها لكفار مكة …

فاشتد غضبهم عليها … ولم تكن قرشية
يمنعها قومها …

فأخذها الكفار وقالوا : لولا أن قومك
حلفاء لنا لفعلنا بك وفعلنا … لكنا نخرجك من مكة إلى قومك …فتلتلوها … ثم
حملوها على بعير … ولم يجعلوها تحتها رحلاً … ولا كساءً … تعذيباً لها …

ثم ساروا بها ثلاثة أيام … لا يطعمونها
ولا يسقونها …

حتى كادت أن تهلك ظمئاً وجوعاً …

وكانوا من حقدهم عليها … إذا نزلوا
منزلاً أوثقوها ..

ثم ألقوها تحت حر الشمس … واستظلوا هم
تحت الشجر …

فبينما هم في طريقهم … نزلوا منزلاً …
وأنزلوها من على البعير … وأثقوها في الشمس …فاستسقتهم فلم يسقوها …

فبينما هي تتلمظ عطشاً … إذ بشيء بارد
على صدرها …

فتناولته بيدها فإذا هو دلو من ماء …

فشربت منه قليلاً … ثم نزع منها فرفع …

ثم عاد فتناولته فشربت منه ثم رفع … ثم
عاد فتناولته ثم رفع مراراً …

فشربت حتى رويت … ثم أفاضت منه على
جسدها وثيابها …

فلما استيقظ الكفار … وأرادوا الارتحال …
أقبلوا إليها … فإذا هم بأثر الماء على جسدها وثيابها …

ورأوها في هيئة حسنة … فعجبوا … كيف
وصلت إلى الماء وهي مقيدة …

فقالوا لها : حللت قيودك … فأخذت سقائنا
فشربت منه ؟

قلت : لا والله … ولكنه نزل علي دلو من
السماء فشربت حتى رويت …

فنظر بعضهم إلى بعض وقالوا : لئن كانت
صادقة لدينها خير من ديننا …

فتفقدوا قربهم وأسقيتهم … فوجدوها كما
تركوها … فأسلموا عند ذلك … كلهم … وأطلقوها من عقالها وأحسنوا إليها …

أسلموا كلهم بسبب صبرها وثباتها … وتأتي
أم شريك يوم القيامة وفي صحيفتها … رجال ونساء … أسلموا على يدها “

أقول : وهذه قصة باطلة لا أصل لها بهذا
السياق وفيه نكارة بينة فالأنصار لم يكونوا في مكة بل في المدينة وما عذب أحد من
الأنصار رجلاً أو امرأة على الإسلام

وما كان الأنصار حلفاء لقريش وهذه القصة
من اختلاقات العريفي _ هداه الله _

وإنما وردت القصة بسياق آخر مختلف تماماً

قال البيهقي في دلائل النبوة (6/123) : أَخْبَرَنَا
أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ
يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ
بُكَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ أَبِي الْمُسَاوِرِ الْقُرَشِيِّ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَتِ
امْرَأَةٌ مِنْ دَوْسٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ شَرِيكٍ أَسْلَمَتْ فِي رَمَضَانَ،
فَأَقْبَلَتْ تَطْلُبُ مَنْ يَصْحَبُهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَقِيَتْ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ، فَقَالَ: مَا لَكِ يَا
أُمَّ شَرِيكٍ؟ قَالَتْ: أَطْلُبُ رَجُلًا يَصْحَبُنِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَتَعَالَيْ فَأَنَا أَصْحَبُكِ، قَالَتْ: فَانْتَظِرْنِي
حَتَّى امْلَأَ سِقَائِي مَاءً، قَالَ: مَعِي مَاءٌ لَا تُرِيدِينَ مَاءً،
فَانْطَلَقَتْ مَعَهُمْ فَسَارُوا يَوْمَهُمْ حَتَّى أَمْسَوْا، فَنَزَلَ
الْيَهُودِيُّ وَوَضَعَ سُفْرَتَهُ فَتَعَشَّى، فَقَالَ: يَا أُمَّ شَرِيكٍ،
تَعَالَيْ إِلَى الْعِشَاءِ، فَقَالَتِ: اسْقِنِي مِنَ الْمَاءِ فَإِنِّي عَطْشَى
وَلَا أَسْتَطِيعُ أَنْ آكُلَ حَتَّى أَشْرَبَ، فَقَالَ: لَا أَسْقِيكَ حَتَّى
تَهَوَّدِي، فَقَالَتْ: لَا جَزَاكَ اللهُ خَيْرًا، غَرَّبْتَنِي وَمَنَعْتَنِي
أَحْمِلَ مَاءً، فَقَالَ: لَا وَاللهِ لَا أَسْقِيكَ مِنْ قَطْرَةٍ حَتَّى
تَهَوَّدِي فَقَالَتْ: لَا وَاللهِ، لَا أَتَهَوَّدُ أَبَدًا بَعْدَ إِذْ هَدَانِي
اللهُ لِلْإِسْلَامِ، فَأَقْبَلَتْ إِلَى بَعِيرِهَا فَعَقَلَتْهُ، وَوَضَعَتْ
رَأْسَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ فَنَامَتْ، قَالَتْ: فَمَا أَيْقَظَنِي إِلَّا بَرْدُ
دَلْوٍ قَدْ وَقَعَ عَلَى جَبِينِي، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَنَظَرْتُ إِلَى مَاءٍ
أَشَدَّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، فَشَرِبْتُ حَتَّى
رَوِيتُ، ثُمَّ نَضَحْتُ عَلَى سِقَاءٍ حَتَّى ابْتَلَّ، ثُمَّ مَلَأْتُهُ، ثُمَّ
رُفِعَ بَيْنَ يَدَيَّ وَأَنَا أَنْظُرُ حَتَّى تَوَارَى مِنِّي فِي السَّمَاءِ،
فَلَمَّا أَصْبَحْتُ جَاءَ الْيَهُودِيُّ، فَقَالَ: يَا أُمَّ شَرِيكٍ، قُلْتُ: وَاللهِ
قَدْ سَقَانِي اللهُ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ، أَنْزَلَ عَلَيْكِ مِنَ السَّمَاءِ؟
قُلْتُ: نَعَمْ وَاللهِ، لَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيَّ مِنَ
السَّمَاءِ، ثُمَّ رَفَعَ بَيْنَ يَدَيَّ حَتَّى تَوَارَى عَنِّي فِي السَّمَاءِ،
ثُمَّ أَقْبَلَتْ حَتَّى دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، فَقَصَّتْ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَخَطَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهَا نَفْسَهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَسْتُ
أَرْضَى نَفْسِي لَكَ، وَلَكِنْ بُضْعِي لَكَ فَزَوِّجْنِي مَنْ شِئْتَ،
فَزَوَّجَهَا زَيْدًا، وَأَمَرَ لَهَا بِثَلَاثِينَ صَاعًا، وَقَالَ كُلُوا وَلَا
تَكِيلُوا، وَكَانَ مَعَهَا عُكَّةُ سَمْنٍ هَدِيَّةٌ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ لِجَارِيَةٍ لَهَا: بَلِّغِي هَذِهِ
الْعُكَّةَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُولِي: أُمُّ شَرِيكٍ
تُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَقُولِي هَذِهِ عُكَّةُ سَمْنٍ أَهْدَيْنَاهَا لَكَ،
فَانْطَلَقَتْ بِهَا فَأَخَذُوهَا فَفَرَّغُوهَا، وَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلِّقُوهَا وَلَا تُوكُوهَا» ، فَعَلَّقُوهَا
فِي مَكَانِهَا فَدَخَلَتْ أُمُّ شَرِيكٍ، فَنَظَرَتْ إِلَيْهَا مَمْلُوءَةً
سَمْنًا، فَقَالَتْ: يَا فُلَانَةُ، أَلَيْسَ أَمَرْتُكِ أَنْ تَنْطَلِقِي
بِهَذِهِ الْعُكَّةِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
فَقَالَتْ: قَدِ وَاللهِ انْطَلَقْتُ بِهَا كَمَا قُلْتِ، ثُمَّ أَقْبَلْتُ بِهَا
أَصُوبُهَا مَا يَقْطُرُ مِنْهَا شَيْءٌ، وَلَكِنَّهُ قَالَ: «عَلِّقُوهَا وَلَا
تُوكُوهَا» ، فَعَلَّقْتُهَا فِي مَكَانِهَا وَقَدْ أَوْكَتْهَا أُمُّ شَرِيكٍ
حِينَ رَأَتْهَا مَمْلُوءَةً، فَأَكَلُوا مِنْهَا حَتَّى فَنِيَتْ، ثُمَّ كَالُوا
الشَّعِيرَ فَوَجَدُوهُ ثَلَاثِينَ صَاعًا لَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ شَيْءٌ.

وهذه قصة مختلفة تماماً كما ترى وهذه
القصة أيضاً ضعيفة

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم