هذا في بحث في مرويات أبي بلج الفزاري يحيى بن سليم عن عمرو بن ميمون الأودي
وداعي هذا البحث أهمية هذه المرويات وكثرة الخلاف حول تلك الروايات
وأبو بلج في نفسه صدوق غير أنهم تكلموا في روايته عن عمرو بن ميمون الأودي
خاصة
قال ابن رجب في شرح علل الترمذي (2/821) :” يروي عن عمرو بن ميمون
عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أحاديث – منها حديث طويل في فضل
علي أنكرها ( الإمام ) أحمد في رواية الأثرم .
وقيل له : عمرو بن ميمون يروى عن ابن عباس ؟ قال : ما أدري ما أعلمه .
وذكر عبد الغني بن سعيد المصري الحافظ أن أبا بلج أخطأ في اسم عمرو بن
ميمون هذا ، وليس هو بعمرو بن ميمون المشهور ، (و) إنما هو ميمون أبو عبد الله مولى
عبد الرحمن بن سمرة ، وهو ضعيف ، وهذا ليس ببعيد . والله أعلم “
أقول : وهذا النص من ابن رجب قاطعٌ لمحل النزاع وفيه فوائد
الأولى : أن الإمام أحمد أنكر روايات أبي بلج الفزاري عن عمرو بن ميمون
عن ابن عباس
وليس الإمام أحمد وحده في هذا الباب ، فسيأتي ذكر موافقة الترمذي وابن
حبان وابن عدي له في ذلك
الثاني : ذكر عن عبد الغني بن سعيد المصري أن أبا بلج أخطأ في اسم عمرو
بن ميمون الأودي ، وإنما هو ميمون مولى عبد الرحمن بن سمرة
ومما يقوي ذلك ، أن عمرو بن ميمون الأودي لا يعرف بالرواية عن ابن عباس
وعبد الله بن عمرو بن العاص ، إلا من طريق أبي بلج .
ويبعد أن تخفى روايته عن ابن عباس
وعبد الله بن عمرو عن عامة أصحابه الثقات ويظهر ذلك لأبي بلج وقد تكلموا في حفظه ولعل
ذلك من أسباب استنكار الأئمة لمروياته عن عمرو بن ميمون
والآن مع سرد رواياته عن عمرو بن ميمون
1- قال النسائي في الكبرى [ 8427 ] أخبرني محمد بن وهب قال حدثنا مسكين
قال حدثنا شعبة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس وأبو بلج هو يحيى بن أبي سليمان
قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبواب المسجد فسدت إلا باب علي .
أقول : وهذا الخبر مما استنكره أحمد كما تقدم في كلام ابن رجب ، واستنكره
أيضاً ابن عدي في الكامل فقد ذكره في ترجمة أبي بلج الفزاري من كامله ، وسيأتي بلفظ
مطول
وهذا اللفظ المختصر له شواهد لا ترقيه إلى درجة الصحة .
قال الطبراني في الأوسط 3930 : حدثنا علي بن سعيد الرازي قال نا سويد بن
سعيد قال نا معاوية بن ميسرة بن شريح قال نا الحكم بن عتيبة عن مصعب بن سعد عن ابيه
قال امر رسول الله صلى الله عليه و سلم بسد الابواب إلا باب علي قالوا يا رسول الله
سددت الابواب كلها الا باب علي قال ما أنا سددت ابوابكم ولكن الله سدها
وسويد بن سعيد كبر فصار يلقن فيتلقن فدخلت عليه المناكير فلا يحتمل منه
التفرد بمثل هذا وقد نص الطبراني على تفرده بهذا الإسناد ، وعلي بن سعيد الرازي قال
فيه الدارقطني :” حدث بأحاديث لا يتابع عليها ” فكأنه يستنكرها عليه وهذا
منها
وقال النسائي في الكبرى 8423 : أخبرنا محمد بن بشار قال حدثنا جعفر قال
حدثنا عوف عن ميمون أبي عبد الله عن زيد بن أرقم قال :
كان لنفر من أصحاب رسول الله صلى
الله عليه و سلم أبواب شارعة في المسجد فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم سدوا هذه
الأبواب إلا باب علي فتكلم في ذلك أناس فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم فحمد الله
وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإني أمرت بسد هذه الأبواب غير باب علي فقال فيه قائلكم
والله ما سددته ولا فتحته ولكني أمرت بشيء فاتبعته “
أقول : ميمون هذا تكلموا فيه فكان يحيى القطان لا يحدث عنه ، وسئل عنه
( فحمض وجهه ، وقال : زعم شعبة أنه كان فسلاً ) وقال الإمام أحمد ( أحاديثه مناكير
) وقد أورد الذهبي هذا الحديث في مناكيره من الميزان ، واستنكره ابن عدي قبله عليه
وقال ابن أبي عاصم في السنة 1127 : حدثنا أيوب الوزان ، حدثنا عروة بن
مروان ، عن عبيد الله بن عمرو ، عن زيد بن أبي أنيسة ، عن أبي إسحاق السبيعي ، قال
: سألت ابن عمر عن عثمان وعلي . قال : تسألني عن علي ، فقد رأيت مكانه من رسول الله
صلى الله عليه وسلم : إنه سد أبواب المسجد إلا باب علي رضي الله .
وعروة بن مروان ترجم له الذهبي في الميزان وذكر هناك تضعيف الدارقطني ،
واستنكر عليه هذا الخبر ، وأبو إسحاق اختلط
وقال النسائي في الكبرى [ 8425 ] أخبرنا أحمد بن يحيى قال حدثنا علي بن
قادم قال أخبرنا إسرائيل عن عبد الله بن شريك عن الحارث بن مالك :
قال أتيت مكة فلقيت سعد بن أبي
وقاص فقلت هل سمعت لعلي منقبة قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فنودي
فينا ليلا ليخرج من المسجد إلا آل رسول الله صلى الله عليه وسلم وآل علي قال فخرجنا
فلما أصبح أتاه عمه فقال يا رسول الله أخرجت أصحابك وأعمامك وأسكنت هذا الغلام فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أنا أمرت بإخراجكم ولا بإسكان هذا الغلام إن الله
هو أمر به قال فطر عن عبد الله بن شريك عن عبد الله بن الرقيم عن سعد أن العباس أتى
النبي صلى الله عليه وسلم فقال سددت أبوابنا إلا باب علي فقال ما أنا فتحتها ولا سددتها
.
قال أبو عبد الرحمن عبد الله بن شريك ليس بذلك والحارث بن مالك لا أعرفه
ولا عبد الله بن الرقيم .
أقول : قد كفانا النسائي مؤنة الكلام على هذا الطريق
وقد ذكر ابن حجر في القول المسدد أن أحمد رواه من طريق وكيع عن هشام بن
سعد عن عمر بن أسيد عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال سدوا الأبواب التي
في المسجد إلا باب علي .
ولفظه مطولاً كما ذكره في النكت :”
“كنا نقول في زمن رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “رسول الله
– صلى الله عليه وسلم – خير الناس ثم أبو بكر ثم عمر – رضي الله تعالى عنهما – ولقد
أوتي ابن أبي طالب رضي الله تعالى عنه ثلاث خصال لأن يكون لي واحدة منهن أحب إلي من
حمر النعم:
زوجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ابنته، وولدت له، وسد الأبواب
إلا بابه في المسجد، وأعطاه الراية يوم خيبر”
وهذا الخبر ثابت في صحيح البخاري بدون هذه الزيادة المنكرة والحمل فيها
على هشام بن سعد فإن فيه كلاماً
قال ربيع المدخلي في تعليقه على النكت :”
قال البخاري رحمه الله في 62- كتاب الفضائل 4- باب فضل أبي بكر بعد النبي
– صلى الله عليه وسلم – حديث 3655: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله حدثنا سليمان عن يحيى
بن سعيد عن نافع عن ابن عمر – رضي الله عنهما – قال:
كنا نخير بين الناس في زمن النبي – صلى الله عليه وسلم -، فنخير أبا بكر،
ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان. وانظر تحفة الأشراف 6/451 ولم يعزه لغير البخاري.
وقال البخاري في 62- كتاب فضائل الصحابة 7- باب مناقب عثمان حديث
3698: حدثني محمد بن حاتم بن بزيع حدثنا شاذان حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون
عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر – رضي الله عنهما – قال:
“كنا في زمن النبي – صلى الله عليه وسلم – لا نعدل بأبي بكر أحدا،
ثم عمر ثم عثمان، ثم نترك أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – لا نفاضل بينهم”.
وانظر تحفة الأشراف 7/156 وعزاه أيضا لأبي داود.
وقال – رحمه الله – في 62- كتاب فضائل الصحابة 9- باب مناقب علي حديث
3704 حدثنا محمد بن رافع حدثنا حسين عن زائدة عن حصين عن سعد بن عبيدة قال:
جاء رجل إلى عمر فسأله عن عثمان فذكر من محاسن عمله قال: “لعل ذلك
يسوءك ؟” قال: “نعم” قال: “فأرغم الله بأنفك” ثم سأله عن
علي فذكر محاسن عمله قال: “هو ذاك بيته أوسط بيوت النبي – صلى الله عليه وسلم
-” ثم قال: “لعل ذلك يسوءك” قال: “أجل” قال: “فأرغم
الله بأنفكن انطلق فأجهد علي جهدك”
وقد ثبت في الصحيح ( سدوا الأبواب كلها إلا باب أبي بكر ) فذكر ( الباب
) وفيه الرد على من فرق بين الباب والخوخة ، وتأكيد على نكارة الخبر
2- قال النسائي في الكبرى [ 9841 ] أخبرني إبراهيم بن الحسن قال حدثنا
حجاج قال أخبرني شعبة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال :
الا أعلمك كلمة من كنز من تحت
الجنة لا حول ولا قوة الا بالله يقول أسلم عبدي واستسلم
خالفه محمد بن السائب رواه عن
عمرو بن ميمون عن أبي ذر
[ 9842 ] أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد قال حدثنا سفيان عن محمد بن
السائب عن عمرو بن ميمون عن أبي ذر قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أدلك
على كنز من كنوز الجنة قلت بلى قال لا حول ولا قوة الا بالله نوع آخر
أقول : هذا الخبر استنكره ابن عدي على أبي بلج في الكامل ، ومحمد بن السائب
المكي ثقة وأوثق من أبي بلج فروايته أرجح ، وليس في روايته زيادة ( أسلم عبدي واستسلم
)
وله شاهد معلول عند أحمد في المسند
قال الإمام أحمد سليمان بن داود أنا شعبة عن عبد الرحمن بن عابس قال سمعت
كميل بن زياد يحدث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :” ألا أدلك
على كنز من كنوز الجنة قلت بلى قال لا حول ولا قوة الا بالله قال أحسبه قال يقول الله
عز و جل أسلم عبدي واستسلم “
وسليمان بن داود هو الطيالسي له أخطاء ، وقد خالفه أصحاب بقية أصحاب شعبة
فرووه عن شعبة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون
وقد جاءت هذه الزيادة ( أسلم عبدي ) في رواية مطولة عند الحاكم في المستدرك
قال الحاكم [ 1850 ] حدثنا أبو بكر بن إسحاق أنبأ عبيد بن عبد الواحد ثنا
هشام بن عمار ثنا الوليد بن مسلم ثنا إبراهيم بن عثمان بن عبد الله بن موهب عن موسى
بن طلحة بن عبيد الله عن أبي هريرة رضى الله تعالى عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه
وسلم يقول من قال سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة
إلا بالله قال الله أسلم عبدي واستسلم . هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه
وإبراهيم هذا لم أعرفه
3- قال النسائي في الكبرى [ 9951 ] أخبرنا محمد بن بشار قال حدثنا محمد
قال حدثنا شعبة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن عبد الله قال من قال لا إله إلا الله
والله أكبر والحمد لله وسبحان الله كثيرا ولا حول ولا قوة الا بالله كفرت خطاياه وان
كانت أكثر من زبد البحر
رفعه أبو يونس حاتم بن أبي صغيرة . ورواه الحاكم في المستدرك (1853)
أقول : وعبد الله هو ابن عمرو بن العاص ، وما قيل في رواية أبي بلج عن
عمرو بن ميمون عن عبد الله بن عباس يقال في روايته عن عبد الله بن عمرو ، خصوصاً إذا
أخذنا بكلام الحافظ عبد الغني بن سعيد ، وعمرو بن ميمون لا يعرف بالرواية عن عبد الله
بن عمرو إلا من طريق أبي بلج
4- قال الحاكم في المستدرك 4655 : حدثنا أبو بكر بن إسحاق أنبأ زياد بن
الخليل القشيري ثنا كثير بن يحيى ثنا أبو عوانة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن ابن
عباس رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : أيكم يتولاني في الدنيا
و الآخرة فقال لكل رجل منهم : أيتولاني في الدنيا و الآخرة ؟ فقال : لا حتى مر على
أكثرهم فقال علي : أنا أتولاك في الدنيا و الآخرة فقال : أنت وليي في الدنيا و الآخرة
.
وله رواية مطولة عند الطبراني في الأوسط
قال الطبراني 2815 : حدثنا إبراهيم قال حدثنا كثير بن يحيى أبو مالك قال
حدثنا أبو عوانة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن بن عباس قال قال نبي الله صلى الله
عليه و سلم يوم خيبر لأبعثن رجلا لا يخزيه الله فبعث إلى علي وهو في الرحلى يطحن وما
كان أحدكم يطحن فجاؤوا به أرمد فقال يا نبي الله ما أكاد أبصر فنفث في عينيه وهز الراية
ثلاث مرار ثم دفعها إليه ففتح له فجاء بصفية بنت حيي ثم قال لبني عمه أيكم يتولاني
في الدنيا والآخرة فقال لكل رجل منهم يا فلان أتتولاني في الدنيا والآخرة ثلاثا فيقول
لا حتى مر على آخرهم فقال علي يا نبي الله أنا وليك في الدنيا والآخرة فقال النبي صلى
الله عليه و سلم ( أنت وليي في الدنيا والآخرة قال وبعث أبا بكر بسورة التوبة وبعث
عليا على أثره فقال أبو بكر يا علي لعل الله ورسوله سخطا علي فقال علي لا ولكن قال
نبي الله صلى الله عليه و سلم ( لا ينبغي أن يبلغ عني إلا رجل مني وأنا منه قال ووضع
رسول الله صلى الله عليه و سلم ثوبه على علي وفاطمة والحسن والحسين ثم قال إنما يريد
الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا وكان أول من أسلم بعد خديجة من الناس
قال وسرى علي بنفسه لبس ثوب النبي صلى الله عليه و سلم ثم نام على مكانه قال وكان المشركون
يرمون رسول الله صلى الله عليه و سلم )
وقد تقدم ذكر استنكار كل من الإمام أحمد وابن عدي لهذا الخبر وقد تكلم
شيخ الإسلام في هذا الخبر وبين مواطن النكارة فيه
قال شيخ الإسلام في منهاج السنة (5/12) :” قال الرافضي وعن عمرو بن
ميمون قال لعلي بن أبي طالب عشر فضائل ليست لغيره قال له النبي صلى الله عليه وسلم
لأبعثن رجلا لا يخزيه الله أبدا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله فاستشرف إليها من
استشرف قال أين علي بن أبي طالب قالوا هو أرمد في الرحى يطحن قال وما كان أحدهم يطحن
قال فجاء وهو أرمد لايكاد أن يبصر قال فنفث في عينيه ثم هز الراية ثلاثا
وأعطاه إياه فجاء بصفية بنت حيي قال ثم بعث أبا بكر بسورة التوبة فبعث عليا خلفه فأخذها
منه وقال لا يذهب بها إلا رجل هو مني وأنا منه وقال لبني عمه أيكم يواليني في الدنيا
والآخرة قال وعلي معهم جالس فأبوا فقال علي أنا أواليك في الدنيا والآخرة قال فتركه
ثم أقبل على رجل رجل منهم فقال إيكم يواليني في الدنيا والآخرة فأبوا فقال علي أنا
أواليك في الدنيا والآخرة فقال أنت وليي في الدنيا والآخرة قال وكان علي أول من أسلم
من الناس بعد خديجة قال وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه فوضعه على علي وفاطمة
والحسن والحسين فقال إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا قال
وشرى علي نفسه ولبس ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نام مكانه وكان المشركون يرمونه
بالحجارة
وخرج النبي صلى الله عليه وسلم بالناس في غزاة تبوك فقال له علي أخرج معك
قال لا فبكى علي فقال له أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنك لست بنبي
لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي
وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت وليي في كل مؤمن بعدي
قال وسد أبواب المسجد إلا باب علي قال وكان يدخل المسجد جنبا وهو طريقه
ليس له طريق غيره وقال له من كنت مولاه فعلي مولاه
وعن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا أنه بعث أبا بكر في براءة إلى مكة
فسار بها ثلاثا ثم قال لعلي الحقة فرده وبلغها أنت ففعل فلما قدم أبو بكر على النبي
صلى الله عليه وسلم بكى وقال يا رسول الله حدث في شيء قال لا ولكن أمرت أن لا يبلغها
إلا أنا أو رجل مني.
والجواب أن هذا ليس مسندا بل هو مرسل لو ثبت عن عمرو بن ميمون وفيه ألفاظ
هي كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم كقوله أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون
من موسى غير أنك لست بنبي لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي
فإن النبي صلى الله عليه وسلم
ذهب غير مرة وخليفته على المدينة غير علي كما اعتمر عمرة الحديبية وعلي معه وخليفته
غيره وغزا بعد ذلك خيبر ومعه علي وخليفته بالمدينة غيره وغزا غزوة الفتح وعلي معه وخليفته
في المدينة غيره وغزا حنينا والطائف وعلي معه وخليفته بالمدينة غيره وحج حجة الوداع
وعلي معه وخليفته بالمدينة غيره وغزا غزوة بدر ومعه علي وخليفته بالمدينة غيره
وكل هذا معلوم بالأسانيد الصحيحة وباتفاق أهل العلم بالحديث وكان علي معه
في غالب الغزوات وإن لم يكن فيها قتال
فإن قيل استخلافه يدل على أنه لا يستخلف إلا الأفضل لزم أن يكون علي مفضولا
في عامة الغزوات وفي عمرته وحجته لا سيما وكل مرة كان يكون الإستخلاف على رجال مؤمنين
وعام تبوك ما كان الإستخلاف إلا على النساء والصبيان ومن عذر الله وعلى الثلاثة الذين
خلفوا أو متهم بالنفاق وكانت المدينة آمنة لا يخاف على أهلها ولا يحتاج المستخلف إلى
جهاد كما يحتاج في أكثر الاستخلافات وكذلك قوله وسد الأبواب كلها إلا باب علي فإن هذا
مما وضعته الشيعة على طريق المقابلة فإن الذي في الصحيح عن أبي سعيد عن النبي صلى الله
عليه وسلم أنه قال في مرضه الذي مات فيه إن أمن الناس علي في ماله وصحبته أبو بكر ولو
كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن أخوة الإسلام ومودته لا يبقين في
المسجد خوخه إلا سدت إلا خوخه أبي بكر ورواه ابن عباس أيضا في الصحيحين ومثل قوله أنت
وليي في كل مؤمن بعدي فإن هذا موضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث والذي فيه من الصحيح
ليس هو من خصائص الأئمة بل ولا من خصائص علي بل قد شاركه فيه غيره مثل كونه يحب الله
ورسوله ويحبه الله ورسوله ومثل استخلافه وكونه منه بمنزلة هارون من موسى ومثل كون علي
مولى من النبي صلى الله عليه وسلم مولاه فإن كل مؤمن موال لله ورسوله ومثل كون براءة
لا يبلغها إلا رجل من بني هاشم فإن هذا يشترك فيه جميع الهاشميين لما روى أن العادة
كانت جارية بأن لا ينقض العهود ويحلها إلا رجل من قبيلة المطاع “
5- قال الطبراني في الأوسط 1454 : حدثنا أحمد قال حدثنا يحيى بن محمد بن
السكن قال حدثنا يحيى بن كثير العنبري قال حدثنا شعبة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون
عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :” لو أن العباد لم يذنبوا
لخلق الله خلقا يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم وهو الغفور الرحيم ل
م يرو هذا الحديث عن شعبة إلا يحيى
وهذا يستنكر من حديث عبد الله بن عمرو
ولكنه صح عن غيره
قال الإمام مسلم في صحيحه 7139 – حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا
لَيْثٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ – قَاصِّ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ – عَنْ
أَبِى صِرْمَةَ عَنْ أَبِى أَيُّوبَ أَنَّهُ قَالَ حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ كُنْتُ
كَتَمْتُ عَنْكُمْ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- سَمِعْتُ
رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « لَوْلاَ أَنَّكُمْ تُذْنِبُونَ لَخَلَقَ
اللَّهُ خَلْقًا يُذْنِبُونَ يَغْفِرُ لَهُمْ »
6- قال البزار : 2478 : وأخبرنا محمد بن بشير قال أخبرنا أبو داود قال
أخبرنا شعبة عن أبي بلج عَنْ عُمَرَو بن ميمون عن عبد الله بن عَمْرو رضي الله عنهما
قال يأتي على جهنم زمان تخفق أبوابها ليس فيها أحد يعني من الموحدين .
وهذا يقال فيه ما قيل في سابقاته ، وهو مما يستدل به القائلون بفناء النار
7- قال عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد 602 : حدثني يعقوب بن إبراهيم الدورقي ، أنبأنا ابن
مهدي ، حدثني أبو عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون قال سمع عمر رجلا يقول :
اللهم ، إنك تحول بين المرء وقلبه
، فحل بيني وبين معاصيك أن أعمل بشيء منها .
فقال : رحمك الله ودعا له بخير
.
أقول : وهذا متنٌ حسن من جهة المعنى ، لكن يقال فيه ما قيل في سابقاته
وقال ابن بطة في الإبانة 1551 : حدثنا أبو علي محمد بن يوسف قال : حدثنا
عبد الرحمن ، قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا أبو عوانة ، عن أبي صالح ، عن عمرو بن
ميمون ، أن عمر ، سمع غلاما وهو يقول : اللهم إنك تحول بين المرء وقلبه ، فحل بيني
وبين الخطايا ، فلا أعمل بشيء منها ، فقال عمر : رحمك الله ، ودعا له بخير .
كذا سماه ( أبو صالح ) كما في نسخة الشاملة ، وهذا خطأ بل هو أبو بلج وليس
في أصحاب عمرو بن ميمون من يكنى أبا صالح
8- قال ابن عدي في ترجمة أبي بلج من الكامل أخبرنا عبد الله بن محمد بن
عبد العزيز ثنا أبو الربيع الزهراني ثنا أبو عوانة عن أبى بلج عن محمد بن حاطب قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الفصل فيما بين الحلال والحرام الصوت وضرب الدف
.
وهذا الخبر استنكره ابن حبان أيضاً في ترجمة أبي بلج من المجروحين
قال ابن حبان في المجروحين :” 1197 : يحيى بن أبي سليم أبو بلج الفزاري
من أهل الكوفة وقد قيل إنه واسطي يروي عن محمد بن حاطب وعمرو بن ميمون روى عنه شعبة
وهشيم كان ممن يخطئ لم يفحش خطؤه حتى استحق الترك ولا أتى منه ما لا ينفك البشر عنه
فيسلك به مسلك العدول فأرى أن لا يحتج بما انفرد من الرواية وهو ممن أستخير الله فيه
وهو الذي روى عن محمد بن حاطب عن النبي صلى الله عليه و سلم قال فصل بين الحلال والحرام
الدف والصوت في النكاح أخبرناه أبو خزيمة قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدروقي قال حدثنا
هشيم قال حدثنا أبو بلج عن محمد بن حاطب “
وليس هذا من أحاديثه عن عمرو بن ميمون ، ذكرته سهواً ثم أبقيته للفائدة
، وقد ذهب الإمام أحمد لهذا الحديث
وهنا حديث تاسع دلني عليه أحد الإخوة
9- قال الإمام أحمد في مسنده 7967 : حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ
جَعْفَرٍ وَهَاشِمٌ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ هَاشِمٌ أَخْبَرَنِي يَحْيَى
بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ و قَالَ مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي
بَلْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَحَبَّ وَقَالَ هَاشِمٌ مَنْ سَرَّهُ
أَنْ يَجِدَ طَعْمَ الْإِيمَانِ فَلْيُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ
عَزَّ وَجَلَّ.
وهذا له علة الأخبار السابقة
وفي الباب حديث أنس عند البخاري ( 6941) و مسلم (174) حديث أنس:”
ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ مَنْ كَانَ اللَّهُ
وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ
إِلاَّ لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِى الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ
اللَّهُ مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِى النَّارِ”
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم