فقال سعيد بن منصور في سننه 1755 – حدثنا حدثنا هشيم أخبرنا داود بن أبي
هند عن أبي نضرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى :
” أن رجلا من الأنصار خرج ليلا فانتسفته
الجن فطالت غيبته فأتت امرأته عمر بن الخطاب فقالت : إن زوجها قد غاب عنها فطالت غيبته
فأمرها أن تعتد أربع سنين ففعلت ثم أتته فأمرها أن تزوج ففعلت ثم قدم زوجها الأول فأتى
عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأخبره فغضب عمر وقال : يعمد أحدكم فيطيل الغيبة عن أهله
ثم لا يعلمهم
قال : لا تعجل علي يا أمير المؤمنين ! إني خرجت من منزلي عشاء فاستبتني
الجن فكنت فيهم ما شاء الله فغزاهم جن من المسلمين
فقالوا لي : ما أنت ؟ فأخبرتهم فقالوا
لي : هل لك أن ترجع إلى بلادك ؟ فقلت : نعم فبعثوا بي فأما الليل فرجال أعرفهم وأنا
النهار فإعصار ريح تحملني قال : فخيره عمر بين امرأته وبين الصداق فاختار امرأته ففرق
بينهما وردها إليه
فقال عمر : ما كان طعامهم قال الفول وما لم يذكر اسم الله علية قال
: فما كان شرابهم قال الجدف يعني الذي لا يغطى “
وقال البيهقي في السنن الكبرى 15978: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ
الْحَافِظُ وَأَبُو مُحَمَّدٍ : عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَهْدِىٍّ
لَفْظًا قَالاَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ : مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا
يَحْيَى بْنُ أَبِى طَالِبٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ حَدَّثَنَا
سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى نَضْرَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى
:
أَنَّ رَجُلاً مِنْ قَوْمِهِ مِنَ الأَنْصَارِ خَرَجَ يُصَلِّى مَعَ قَوْمِهِ الْعِشَاءَ
فَسَبَتْهُ الْجِنُّ فَفُقِدَ فَانْطَلَقَتِ امْرَأَتُهُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ
رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَصَّتْ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ فَسَأَلَ عَنْهُ عُمَرُ قَوْمَهُ
فَقَالُوا : نَعَمْ خَرَجَ يُصَلِّى الْعِشَاءَ فَفُقِدَ فَأَمَرَهَا أَنْ تَرَبَّصَ
أَرْبَعَ سِنِينَ فَلَمَّا مَضَتِ الأَرْبَعُ سِنِينَ أَتَتْهُ فَأَخْبَرَتْهُ فَسَأَلَ
قَوْمَهَا فَقَالُوا نَعَمْ فَأَمَرَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ فَتَزَوَّجَتْ فَجَاءَ زَوْجُهَا
يُخَاصِمُ فِى ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ : يَغِيبُ أَحَدُكُمُ الزَّمَانَ الطَّوِيلَ
لاَ يَعْلَمُ أَهْلُهُ حَيَاتَهُ. فَقَالَ لَهُ : إِنَّ لِى عُذْرًا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.
قَالَ : وَمَا عُذْرُكَ؟ قَالَ خَرَجْتُ أُصَلِّى الْعِشَاءَ فَسَبَتْنِى الْجِنُّ
فَلَبِثْتُ فِيهِمْ زَمَانًا طَوِيلاً فَغَزَاهُمْ جِنٌّ مُؤْمِنُونَ أَوْ قَالَ مُسْلِمُونَ
شَكَّ سَعِيدٌ فَقَاتَلُوهُمْ فَظَهَرُوا عَلَيْهِمْ فَسَبَوْا مِنْهُمْ سَبَايَا فَسَبَوْنِى
فِيمَا سَبَوْا مِنْهُمْ فَقَالُوا نَرَاكَ رَجُلاً مُسْلِمًا وَلاَ يَحِلُّ لَنَا
سَبْيَكَ فَخَيَّرُونِى بَيْنَ الْمُقَامِ وَبَيْنَ الَقُفُولِ إِلَى أَهْلِى فَاخْتَرْتُ
الْقُفُولَ إِلَى أَهْلِى فَأَقْبَلُوا مَعِى أَمَّا بِاللَّيْلِ فَلَيْسَ يُحَدِّثُونِى
وَأَمَّا بِالنَّهَارِ فَعِصَارُ رِيحٍ أَتْبَعُهَا. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِىَ اللَّهُ
عَنْهُ : فَمَا كَانَ طَعَامُكَ فِيهِمْ؟ قَالَ : الْفُولَ وَمَا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ
اللَّهِ عَلَيْهِ. قَالَ : فَمَا كَانَ شَرَابُكَ فِيهِمْ؟ قَالَ : الْجَدَفَ. قَالَ
قَتَادَةُ: وَالْجَدَفُ مَا لاَ يُخَمَّرُ مِنَ الشَّرَابِ. قَالَ : فَخَيَّرَهُ عُمَرُ
رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ بَيْنَ الصَّدَاقِ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ.
أقول : القصة بهذا الطول معلولة بالانقطاع بين عبد الرحمن بن أبي ليلى
وعمر بن الخطاب .
ولو قال ابن أبي ليلى ( عن الرجل
المفقود ) لما احتجنا إلى البحث في سماعه من عمر ، ولكنه أرسل القصة
قال ابن أبي حاتم في المراسيل ص23 :” قلت لأبي يصح لعبدالرحمن بن
أبي ليلى سماع من عمر قال لا قرىء على العباس بن محمد الدوري قال سئل يحيى بن معين
عن عبدالرحمن بن أبي ليلى عن عمر قال لم يره فقلت له الحديث الذي يروي قال كنا مع عمر
رضي الله عنه نتراءى الهلال فقال ليس بشيء”
وَقَال ابن محرز عَن ابن معين : لم يسمع من عُمَر شيئا قط (سؤالاته ، الورقة
41) ( مستفاد من تحقيق تهذيب الكمال )
وقد ولد لست بقين من خلافة عمر ، فاحتمال أن تكون هذه القصة حصلت قبل دخوله
في سن التمييز واردٌ بقوة ، بل قد يكون لم يدرك حتى هذا الأنصاري المفقود
وقال عبد الرزاق 12321 : عن الثوري عن يونس بن خباب عن مجاهد عن الفقيد
الذي فقد قال : دخلتالشعب فاستهوتني الجن ، فمكث امرأتي أربع سنين ، ثم أتت عمر ،فأمرها
أن تتربص أربع سنين من حين رفعت أمرها إليه ، ثم دعي وليه ، فطلق ، وأمرها أن تعتد
أربعة أشهر وعشرا ، قال : ثم جئت بعدما تزوجت ، فخيرني عمر بينها وبين الصداق الذي
أصدقت.
أقول : يونس بن خباب كذاب معروف له ترجمة حافلة في ميزان الاعتدال
وقال ابن أبي شيبة في المصنف 16985: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ , عَنْ
عَمْرٍو , عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ أَنَّ رَجُلاً انتَسَفَتْهُ الْجِنُّ عَلَى عَهْدِ
عُمَرَ فَأَتَتِ امْرَأَتُهُ عُمَرَ فَأَمَرَهَا أَنْ تَرَبَّصَ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ
أَمَرَ وَلِيَّهُ بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثُمَّ أَمَرَهَا أَنْ
تَعْتَدَّ فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا تَزَوَّجَتْ فَإِنْ جَاءَ زَوْجُهَا خُيِّرَ
بَيْنَ امْرَأَتِهِ وَالصَّدَاقِ.
أقول : وليس في هذا الخبر أنه عاد ، واختار زوجته ، وحكى أخبار الجن وهذا
أيضاً منقطع بين يحيى بن جعدة وعمر بن الخطاب ، فقد طعنوا في سماعه من ابن مسعود
وقال الدارقطني في سننه 254 : نا محمد بن مخلد نا محمد بن أشكاب نا أبو
غسان نا إسرائيل عن عاصم الأحول عن أبي عثمان قال : أتت امرأة عمر بن الخطاب فقالت
استهوت الجن زوجها فأمرها أن تتربص أربع سنين ثم أمر ولى الذي استهوته الجن أن يطلقها
ثم أمرها أن تعتد أربعة أشهر وعشرا .
أقول : وليس في الخبر ذكرٌ لرجوع الرجل ، وحكايته أخبار الجن ليس لها إسناد الخبر قوي , وثبوت أصل القصة لا يعني
ثبوت كل هذه التفاصيل في الخبر الطويل .
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم