قال سعيد فودة في كتابه بحوث في علم الكلام ص٥٩ : وقد استغلت هذه الفرقة – يعني المجسمة الوهابية كما يسميهم – الخيرات التي أودعها الله بحكمته في بُطُون الصحراء من نفط وذهب ومعادن شتى لتكون حماية لبيته العتيق في هذا الزمان فقلب هؤلاء الأمر وصرفوا قسما صالحا منها لنشر التجسيم حتى صار على كل لسان وتراه عين كل إنسان “
هكذا يتذمر من انتشار التجسيم ويرجعه إلى النفط الذي في أيدي المجسمة
غير أنه ذكر في الكتاب نفسه أن الحنابلة في وقت الأشعري قد سيطروا على قلوب العامة وما كان ثمة نفط آنذاك وقد أشار إشارة يفهمها اللبيب إلى كون الإمام أحمد مجسما حيث قال وهو يتكلم عن تجسيم الحنابلة وانغلاقهم وتجسيمهم أنهم يعاملون نصوص أحمد كما يعاملون القرآن
فما عسى القاريء أن يفهم من تلك المعادلة التي تقول الحنابلة مجسمة وهم مقدسون لنصوص أحمد إلا كون أحمد مجسما
كقول من قال كتاب الرد على الجهمية لمقاتل المتهم بالتشبيه وقد رواه الخلال شيخ الحنابلة عن أحمد ونسبه له إذن الخلال مقاتلي مشبه وكذا بقية الحنابلة والعجيب أنه لو كان مقاتلا كذلك فأين أتباعه على هذا التشبيه لماذا لا نجد في كتب الجرح والتعديل القديمة كان فلان مشبها مقاتليا كما نجد كان جهميا وكما نجد في كتب العقيدة بل وكتب الحديث كالكتب الستة ردودا على الجهمية ولا نجد كلاما عن المقاتلية
قال الغزالي في الإحياء (4 / 434) : ” أن الله تعالى مقدس عن المكان ومنزه عن الاقطار والجهات وأنه ليس داخل العالم ولا خارجه ولا هو متصل به ولا هو منفصل عنه ، قد حير عقول أقوام حتى أنكروه إذ لم يطيقوا سماعه ومعرفته “
وقال العز بن عبد السلام قوله في القواعد ص (201) (( أن من جملة العقائد التي لا تستطيع العامة فهمها هو أنه تعالى لا داخل العالم ولا خارجه ولا منفصل عن العالم ولا متصل به ))
قال العز بن عبد السلام في قواعد الأحكام ( 1/202 ):” وكل ذلك مما لايمكن تصويب للمجتهدين فيه بل الحق مع واحد منهم , والباقون مخطئون خطأ معفوا عنهلمشقة الخروج منه والانفكاك عنه , ولا سيما قول معتقد الجهة فإن اعتقاد موجود ليسبمتحرك ولا ساكن ولا منفصل عن العالم ولا متصل به , ولا داخل فيه ولا خارج عنه لايهتدي إليه أحد بأصل الخلقة في العادة , ولا يهتدي إليه أحد إلا بعد الوقوف على أدلة صعبة المدرك عسرة الفهم فلأجل هذه المشقة عفا الله عنها في حق العامي ولذلك كان صلى الله عليه وسلم لا يلزم أحدا ممن أسلم على البحث عن ذلك بل كان يقرهم على ما يعلم أنه لا انفكاك لهم عنه, وما زال الخلفاء الراشدون والعلماء المهتدون يقرون على ذلك مع علمهم بأن العامة لم يقفوا على الحق فيه ولم يهتدوا إليه, وأجرواعليهم أحكام الإسلام من جواز المناكحات والتوارث والصلاة عليهم إذا ماتواوتغسيلهم وتكفينهم وحملهم ودفنهم في مقابر المسلمين , ولولا أن الله قد سامحهم بذلك وعفا عنه لعسر الانفصال منه ولما أجريت عليهم أحكام المسلمين بإجماع المسلمين , ومنزعم أن الإله يحل في شيء من أجساد الناس أو غيرهم فهو كافرلأن الشرع إنما عفاعن المجسمة لغلبة التجسم على الناس فإنهم لا يفهمون موجودا في غير جهة بخلاف الحلول فإنه لا يعم الابتلاء به ولا يخطر على قلب عاقل ولا يعفى عنه”
فهنا الغزالي والعز يصرحان بصعوبة العقيدة الأشعرية على العقول بل ويقول العز أن التجسيم تعم به البلوى ويصرح أن عموم الناس في زمن الراشدين لا يعرفون التنزيه
ولا شك أن هذا كله قبل البترول فلا تعلق بعد عقيدتك عن الفطرة ونفرة القلوب السليمة منها على هذا فذلك أمر مثير للشفقة
وقد استلطفت ما ذكر سعيد فودة من حكمة ظهور البترول في تلك الديار ولكن ماذا لو قلنا أن ذلك بعض الحكمة والبعض الآخر أن ذلك كان ببركة هدم الأضرحة والمشاهد التي كانت تملأ الحرمين بيانا إلهيا أنها لا تضر ولا تنفع بل أصحابها الصالحون لا شك لا يرضيهم تلك البنيات على قبورهم ولو كان ابن تيمية أشعريا لقال سعيد أن البقاع التي فيها النفط ببركة انتشار أقواله في تلك البقعة مكافأة من الله
تنبيه : هم يسمونه تجسيما من باب التنفير وإلا هو إثبات مع تنزيه