فإن الناس في التعامل مع الأخبار الضعيفة
على طرفي نقيض
فريق يريد اطراح كل الأخبار الضعيفة بغض
النظر هل ضعفها محتمل أو غير محتمل هل تذكر استئناساً أو اعتماداً هل احتملها أهل
العلم أم لم يحتملها
مطبقين لأثر ( في الصحيح غنية عن الضعيف )
تطبيقاً خاطئاً فإن قائل هذه الكلمة وهو ابن المبارك كان يستأنس بأخبار ضعيفة كما
هو ظاهر من كتبه
والناظر في تصانيف أهل العلم العالمين
بصحيح الأخبار وسقيمها كأبي داود والإمام أحمد والبخاري في خلق أفعال العباد
والأدب المفرد
يجد أنهم ربما ذكروا أخباراً ضعيفة
الإسناد أو ويذكر غيرهم بعض المراسيل
وإذن النبي صلى الله عليه وسلم بالتحديث
عن بني إسرائيل أصل في باب الاستئناس بما لا يعلم بطلانه
قال الشافعي رحمه الله : هذا أشد حديث روي
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا وعليه اعتمدنا مع غيره في أن لا نقبل
حديثا إلا من ثقة ، ونعرف صدق من حمل الحديث من حين ابتدئ إلى أن يبلغ به منتهاه ،
فإن قال قائل : وما في هذا الحديث من الدلالة على ما وصفت ؟ قيل له : أحاط العلم
أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يأمر أحدا بحال أن يكذب على بني إسرائيل ولا على
غيرهم . فإذا أباح الحديث عن بني إسرائيل فليس أن يقبلوا الحديث الكذب على بني
إسرائيل ، وإنما أباح قبول ذلك عمن حدث به عمن يجهل صدقه وكذبه ، ولم يبحه أيضا
عمن يعرف كذبه ؛ لأنه يروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : « من حدث بحديث وهو
يراه كذبا فهو أحد الكاذبين » ( نقله البيهقي في معرفة السنن والآثار )
مع مراعاة الفرق بين المنقول عن النبي صلى
الله عليه وسلم وأصحابه والمنقول عن بني إسرائيل كما أشار إليه الشافعي ، وأيضاً
مراعاة مستوى المخاطب العلمي حيث يفرق بين المذكور استئناساً والمذكور اعتماداً
ويكون ذلك بشروط _ يعني ذكر الخبر الضعيف
ضعفاً محتملاً _
أولها : عدم تحقق نكارة الخبر وذلك لقول الإمام
أحمد ( الضعيف قد يحتاج إليه والمنكر منكر أبداً )
وقولهم في كثير من الأخبار المنكرة ( اضرب
عليه ) و( لا تحل الرواية عن فلان ) وإنما لم تحل الرواية عنه لأنه يروي المنكرات
فلو روى ثقة خبراً تحققنا أنه منكر وأخطأ فيه فلا تحل روايته أيضاً ولو بإسناد لما
في ذلك من تغرير للعامة
ثانيها : أن يكون الخبر مما تعضده الأخبار
الصحيحة أو الآيات القرآنية أو إجماع أهل العلم
وقد أشار إلى هذا المعنى الشافعي في كتابه
الرسالة حين تكلم على عواضد مرسل التابعي الكبير ، وعلى هذا يسير الترمذي في جامعه
حيث يقول في عدد من الأخبار الضعيفة التي يخرجها ( عليه عمل أهل العلم )
ومثال ذلك ما خرج أبو داود في سننه 10 – حدثنا
موسى بن إسماعيل قال ثنا وهيب قال ثنا عمرو بن يحيى عن أبي زيد عن معقل بن أبي
معقل الأسدي قال
:
” نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن نستقبل القبلتين ببول أو غائط “
في سنده جهالة ولكنه اعتضد بآثار بعض
التابعين لهذا خرجه
قال ابن أبي شيبة في المصنف 1614- حَدَّثَنَا
جَرِيرٌ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَالَ : كَانَ يُكْرَهُ أَنْ
تُسْتَقْبلُ الْقِبْلَتانِ بِبَوْلٍ.
وقال أيضاً 1616- حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ،
عَنِ ابْنِ عَوْنٍ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ ، قَالَ : كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ
يَسْتَقْبِلُوا وَاحِدَةً مِنَ الْقِبْلَتَيْنِ بِغَائِطٍ ، أَوْ بَوْلٍ.
وقول مجاهد ( كان يكره ) وقول بن سيرين ( كان
يكرهون ) يشعر بأن ذلك وقع من الصحابة والله أعلم
فمثل هذه الأخبار تذكر استئناساً لا
تصحيحاً لها عن النبي صلى الله عليه وسلم
وأما المنهج الذي يسير عليه بعضهم في ذكر
كل الأخبار الموجودة في الكتب المسندة وارتقاء سلم النقد وليسوا أهلاً لذلك
فيصححون المناكير والبواطيل فهذا منهج حادث وأصحاب الكتب المصنفة ليسوا على درجة
واحدة في النقد فابن ماجه خرج أخباراً غيره اجتنبها استنكاراً لها ولهذا كانت
زوائد ابن ماجه محل نقد لكثير من الحفاظ
وفي ذلك إهدار لجهد الأئمة الذي تعبوا في
تنقيح الأخبار ولذا كانوا يغضبون من رواية الأخبار المنكرة
قال الخطيب في تاريخه (4/656) : أخبرنا
محمد بن أحمد بن رزق، قَالَ: أخبرنا دعلج بن أحمد، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو محمد بن
الجارود، قَالَ: حَدَّثَنِي أبو عامر النسائي الحافظ، قَالَ: سمعت محمد بن داود
المصيصي، يقول: كنا عند أحمد بن حنبل وهم يذكرون الحديث، فذكر محمد بن يحيى
النيسابوري حديثا فيه ضعف، فقال له أحمد بن حنبل لا تذكر مثل هذا الحديث! فكأن
محمد بن يحيى دخله خجلة، فقال له أحمد: إنما قلت هذا إجلالا لك يا أبا عبد الله
وهذا إسناد صحيح فتأمل إنكار أحمد على
الذهلي ذكره لخبر يستضعفه
وقال ابن حجر في التلخيص الحبير :” قَالَ
ابْنُ عَدِيٍّ : بَلَغَنِي عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ نَظَرَ فِي جَامِعِ إِسْحَاقَ
بْنِ رَاهْوَيْهِ ، فَإِذَا أَوَّلُ حَدِيثٍ قَدْ أَخْرَجَهُ هَذَا الْحَدِيثُ .
فَأَنْكَرَهُ جِدًّا ، وَقَالَ : أَوَّلُ
حَدِيثٍ يَكُونُ فِي الْجَامِعِ عَنْ حَارِثَةَ ، وَرَوَى الْحَرْبِيُّ عَنْ
أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ : هَذَا يَزْعُمُ أَنَّهُ اخْتَارَ أَصَحَّ شَيْءٍ فِي
الْبَابِ وَهَذَا أَضْعَفُ حَدِيثٍ فِيهِ”
وهذا أثر مجاهد في المقام المحمود الذي
تلقاه العلماء لما روي عن غير مجاهد من الصحابة كابن عباس وروي مرفوعاً استنكره
أهل العلم وما حملهم الرد على الجهمية على تصحيح الأباطيل
قال أبو يعلى في إبطال التأويلات :” 462
– وَقَالَ أَبُو بكر النجاد: سألت أَبَا بكر الباغندي فَقَالَ: كل هَذِهِ الأحاديث
باطلة ليست بمحفوظة، غير حديث مجاهد، وسألت أَبَا إسحاق بْن جابر، وأبا العباس بْن
سريج، وأبا علي بْن
خيران، وأبا جعفر بْن الوكيل، وأبا الطيب
بْن سلمة وكل كتب بيده: إن هَذِهِ الأحاديث لا أصل لَهَا إِلا مَا رَوَاهُ ابن
فضيل، عَن ليث عَن مجاهد
463 – قَالَ أَبُو بكر النجاد: وسمعت ابن
صاعد يقول: كتب السلطان يسألني عَن من رَوَى هَذِهِ الأحاديث حتى يضربهم بالسياط
أَبِي زكريا بْن يَحْيَى الساجي، وإلى
أحمد بْن محمد بْن مكرم، وإلى سهل بْن نوح البصري، وإلى أَبِي أحمد بْن محمد
المروزي، وإلى أَبِي العباس بْن السراج، وإلى محمد بْن إسحاق بْن خزيمة، وكتبهم
عَلَى ألفاظ وجميعها واحد، أن من حدث بهذه الأحاديث يستغفر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ،
فهي باطلة لا أصل لَهَا، إِلا مَا حدث محمد بْن فضيل، عَن ليث، عَن مجاهد، إِلا أن
محمد بْن إسحاق بْن خزيمة قَالَ: من رَوَى عَن ابن مسعود، وعن عبد اللَّه بْن عمر
فقد رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكذب والأباطيل،
ومن تعمد رواية الكذب عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان
داخلا فِي وعيد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” من كذب علينا
متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ” وَلا يسع الإمام العادل أن يدع من يروي مثل
هَذَا الكذب عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ صراحا أن يقيم ببلد الإسلام”
ولو كان هذا الخبر محفوظاً عن غير مجاهد
لما اشتهر عن الناس أنه ( أثر مجاهد ) فلو حفظ عن ابن عباس أو عن النبي صلى الله
عليه وسلم لما احتاج الناس إلى ذكر مجاهد إلا استئناساً لا اعتماداً ولكان ذكرهم
للمرفوع والموقوف أكثر من ذكرهم لأثر مجاهد وقد أحسنوا في معاقبة من روى الكذب عن
النبي صلى الله عليه وسلم بعد تحقق نكارة الخبر المرفوع نكارة إسنادية وإن كان
المتن محفوظاً عن مجاهد وتلقاه العلماء بالقبول وجهموا المخالف
ومثل هذا الأثر المروي عن ابن عمر ( القرآن
كلام الله غير مخلوق ) فلو كان هذا محفوظاً ما تركه الأئمة مع عظيم المحنة مع
الجهمية وكثرة تصنيفهم في الرد عليهم
وهذا الأثر عن ابن عمر انفرد به عمر بن محمد الجوهري الذي قد انفرد بحديث موضوع عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل القرآن وهو المتهم به إذ ليس في الإسناد من يحمل عليه غير هذا
وتعيين سلامة الخبر من النكارة الإسنادية
والمتنية أمر يعلمه النقاد فلا ينبغي لكل أحد أن يقدم على نفيه ويقول ( هذا محتمل )
إذا تعلق الأمر بالأخبار المرفوعة وإليك أمثلة لأخبار يحتملها بعض الناس بحجة أنها
ضعفها محتمل أو خرجها بعض أهل العلم والصواب فيها النكارة
1_ قال ابن أبي حاتم في العلل 2197- وَسَأَلْتُ
أَبِي عَنْ حَدِيثٍ ؛ رَوَاهُ أَبُو الْجَوَابِ ، عَنْ سُعَيْرِ بْنِ الْخِمْسِ ،
عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ ، عَنْ
أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : مَنْ
صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ ، فَقَالَ : جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا ، فَقَدْ أَبْلَغَ
فِي الثَّنَاءِ.
قَالَ أَبِي : هَذَا حَدِيثٌ عِنْدِي
مَوْضُوعٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ.
وقال الترمذي في العلل 374 – حدثنا
إبراهيم بن سعيد الجوهري ، حدثنا الأحوص بن جواب ، عن سعير بن الخمس ، عن سليمان
التيمي ، عن أبي عثمان ، عن أسامة بن زيد ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : « من صنع إليه معروف فقال لفاعله : جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء » سألت محمدا عن هذا الحديث فقال : هذا منكر ،
وسعير بن الخمس كان قليل الحديث ، ويروون عنه مناكير . قلت له فمالك بن سعير ؟
فقال : هذا مقارب الحديث وهو ابنه
فاستنكار هذين الإمامين لهذا الخبر لا
يجوز إهماله بحجة ظاهر الإسناد فهو يعلمون أموراً ربما لم تطلع عليها ككون الخبر
موقوفاً أو مقطوعاً في أصله ولم نقف على هذا الأصل وهم وقفوا عليه
وهذا الحكم الشديد مع نظافة ظاهر الإسناد
من هذين الإمامين لا يقدمان عليه إلا ببرهان
2_
حديث ( من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام )
وهذا الحديث منكر مرفوعاً لا يجوز روايته
مرفوعاً جازماً فضلاً عن تصحيحه مع صحة معناه
قال أبو نعيم في الحلية 6772 – حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي زُرْعَةَ، نَا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ، نَا الْحَسَنُ بْنُ
يَحْيَى الْخُشَنِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ،
قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ وَقَّرَ
صَاحِبَ بِدْعَةٍ فَقَدْ أَعَانَ عَلَى هَدْمِ الْإِسْلَامِ»
لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ
هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ إِلَّا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى الْخُشَنِيُّ “
الحسن متروك
وهذا منكر جزماً فسلسلة هشام بن عروة عن
أبيه عن عائشة سلسلة معروفة يتشوف الناس إليها وقد تتلمذ على هشام أهل المدينة
وأهل الكوفة ومنهم مالك وسفيان ويحيى بن سعيد وأبو معاوية وغيرهم كثير
فأين هؤلاء جميعاً عن هذا الخبر الهام في
هذه المسألة الهامة وقد أهمله عامة من صنف في البدع ؟
ولما مثل الإمام مسلم لمن لا يقبل تفرد
الرجل عنه من دون أصحابه لكثرتهم ولا يعرف بموافقتهم فيما رووه مثل بهشام بن عروة
وقد جعل هذا الحديث مناكير الخشني ابن عدي وقول أحمد بن صالح ( منقطع ) لا ينافي استنكاره فإنه بعد توثيقه للخشني أوردوا عليه روايته لهذا الخبر فاعتذر بأنه منقطع ( أي أن الحمل ليس عليه )
على أن توثيق الخشني شذوذ وعامة الأئمة يضعفونه جداً والرواية لا تصح عن أحمد بن صالح المصري ففي سندها ابن رشدين متروك وروى عن أحمد بن صالح تساهلات كثيرة
ومن أخذ بقول المتساهل في التعديل المجمل في مقابل الجرح المفسر من الأكثر والأعلم فهو صاحب هوى يريد استحلال الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين
قال أبو نعيم في الحلية حَدَّثَنَا
سُلَيْمَانُ بْنُ عَلَّانَ الْوَرَّاقُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الْوَاسِطِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرٍ، ثنا عِيسَى بْنُ
يُونُسَ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ
اللهِ بْنِ بُسْرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ
وَقَّرَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ فَقَدَ أَعَانَ عَلَى هَدْمِ الْإِسْلَامِ» غَرِيبٌ مِنْ
حَدِيثِ خَالِدٍ، تَفَرَّدَ بِهِ عِيسَى عَنْ ثَوْرٍ
والصواب في هذا أنه من قول الأوزاعي
قال الهروي في ذم الكلام 922 – وَأَخْبَرَنِي
غَالِبُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ غَالِبٍ أَخْبَرَنَا
عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّد الصَّيْرَفِي حَدثنَا أبوحمزة أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِمْرَانَ الْمَرُوزِيُّ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ
خَشْرَمٍ يَقُولُ سَمِعْتُ عِيسَى بْنَ يُونُسَ يَقُولُ سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ
يَقُولُ (مَنْ وَقَرَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ فَقَدْ أَعَانَ عَلَى فُرْقَةِ
الْإِسْلَامِ)
ولهذا استنكر أبو زرعة هذا الطريق وأبى أن يحدث به
جاء في سؤالات البرذعي :” وقال لي : في أحاديث ثور عن خالد بن معدان عن معاذ من عير أخاه بذنب وأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم : ما لم يحضر الماء أن
نتوضأ ونشرب وأطيب الكسب كسب التجارة وفي استقراض الخبز وفيمن وقر صاحب بدعة والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله
من المؤمن الضعيف فقال : كلها مناكير لم يقرأها علي وأمرني فضربت عليها”
وهذا دليل استنكار شديد وتأمل كيف أن هذا الإمام أبى حتى التحديث بهذا الخبر وأبو نعيم لما رواه استغربه والاستغراب تضعيف كما قال الإمام أحمد أن أهل الحديث إذا قالوا غريب أو فائدة فالحديث خطأ ، ومن احتج بمن رواه ولم يبين علته بعد هذا فهو كالمحتج بالتعديل المجمل في مقابل الجرح المفسر لا أن عامة من رواه لم يصححوه ولم يجزموا بثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال ابن القيم في تهذيب السنن :” وَمِمَّا يَدُلّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيث مِنْ مَنَاكِيره أَنَّهُ لَمْ يَرْوِهِ أَحَد مِنْ أَهْل الْكُتُب الْمُعْتَمَدَة , لَا أَصْحَاب الصَّحِيح , وَلَا أَحَد مِنْ أَهْل السُّنَن , مَعَ شُهْرَة إِسْنَاده , وَكَوْنه فِي الظَّاهِر عَلَى شَرْط الْبُخَارِيِّ , وَلَا اِحْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ , مَعَ حَاجَته إِلَى إِثْبَات النَّسْخ”
وهذا ينطبق على الخبر هنا
وقال الهروي في ذم الكلام 927 – وَأَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا الَأصَمُّ حَدَّثَنَا الصَّغَانِيُّ حَدَّثَنَا
أَبُو هَمَّامٍ حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
مُسْلِمٍ الطَّائِفِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ وَقَرَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ فَقَدْ
أَعَانَ عَلَى هَدْمِ الْإِسْلَامِ)
928 – وَحَدَّثَنَاهُ عُمَرُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ إِمْلَاءً أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ بِبَغْدَادَ
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْحَنَّاطُ حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
الْكَرْمَانِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ
عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ (مَنْ
وَقَرَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ فَقَدْ أَعَانَ عَلَى هَدْمِ الْإِسْلَامِ)
929 – وَأَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ
مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن نعيم سَمِعت مُحَمَّد ابْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الدَّغُولِيَّ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُهَلِّبِ يَقُولُ حَدَّثَنَا عَتَّابُ
ابْن زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مُسْلِمٍ يَقُولُ (بَلَغَنَا أَنَّهُ
مَنْ وَقَرَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ فَقَدْ أَعَانَ عَلَى هَدْمِ الْإِسْلَامِ)
فالصواب في هذا أنه كلام من محمد بن مسلم
وفي سؤالات الآجري لأبي داود 1689 – سالت
أبا داود عن الحسن بن يحيى الخشني ، فقال : سمعت أحمد بن حنبل يقول : ليس بحديثه
باس.
قلت لابي داود : روى عن هشام بن عروة عن
أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ” الهر من الطوافين عليكم “.
قال : هذا باطل.
قال أبو عبيد : قلت : وعن هشام عن أبيه عن
عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” من وقر صاحب بدعة ” ، فقال :
هذان ريح ، أعرف الحديثين ، ما يسرني حدثت بهما وإني حججت حجة.
وفعلاً الكذب على النبي صلى الله عليه
وسلم عظيم ربما أحبط ثواب الحج ، ومعنى الخبر صحيح ولكن الشأن في نسبته للنبي صلى
الله عليه وسلم ، ويا ليت شعري كيف يصح حديث هام عن النبي صلى الله عليه وسلم في
هذه المسألة ولا نجده إلا في الكتب المتأخرة وكتب المغاربة وأصل الحديث مدني أو
شامي فيما يزعم ! بسلاسل إسنادية مشهورة
3_ قال الترمذي في جامعه 2341 – حَدَّثَنَا
عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الوَارِثِ
قَالَ: حَدَّثَنَا حُرَيْثُ بْنُ السَّائِبِ، قَالَ: سَمِعْتُ الحَسَنَ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي
حُمْرَانُ بْنُ أَبَانَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ لِابْنِ آدَمَ حَقٌّ فِي سِوَى هَذِهِ
الخِصَالِ، بَيْتٌ يَسْكُنُهُ وَثَوْبٌ يُوَارِي عَوْرَتَهُ وَجِلْفُ الخُبْزِ
وَالمَاءِ» : «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَهُوَ حَدِيثُ الحُرَيْثِ بْنِ السَّائِبِ» وَسَمِعْتُ
أَبَا دَاوُدَ سُلَيْمَانَ بْنَ سَلْمٍ البَلْخِيَّ، يَقُولُ: قَالَ النَّضْرُ
بْنُ شُمَيْلٍ: «جِلْفُ الخُبْزِ يَعْنِي لَيْسَ مَعَهُ إِدَامٌ»
وهذا الحديث وإن صححه الترمذي ( والله
أعلم بصحة النسخة ) إلا أن الإمام أحمد قد استنكره وهو أمكن بالصنعة
جاء في تهذيب التهذيب :” قال الساجى :
قال أحمد : روى عن الحسن عن حمران عن عثمان حديثا منكرا ـ يعنى الذى أخرجه الترمذى
ـ .
و قد ذكر الأثرم عن أحمد علته ، فقال : سئل
أحمد عن حريث ، فقال : هذا شيخ بصرى روى حديثا منكرا عن الحسن عن حمران عن عثمان :
” كل شىء فضل عن ظل بيت ، و جلف الخبز ، و ثوب يوارى عورة ابن آدم ، فلا حق
لابن آدم فيه ” . قال : قلت : قتادة يخالفه ؟ قال : نعم ، سعيد عن قتادة عن
الحسن عن حمران عن رجل من أهل الكتاب . قال أحمد : حدثناه روح حدثنا سعيد ـ يعنى
عن قتادة ـ به”
فالصواب في هذا الخبر أنه من كلام رجل من
أهل الكتاب لا النبي صلى الله عليه وسلم فهو باطل مرفوعاً من ينشره داخل في وعيد
النبي صلى الله عليه وسلم ( من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار )
4_ قال علي بن أبي طالب: قال لنا رسول
الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم: أي شيء خير للمرأة؟ قال: فلم يكن عندنا لذلك
جواب، فلما رجعت إلى فاطمة عليها السلام قلت: يا بنت محمد، إن رسول الله صلى الله
عليه وسلم سألنا عن مسألة فلم ندر كيف نجيبه، فقالت: وعن أي شيء سألكم؟ فقلت: قال:
أي شيء خير للمرأة؟ فقالت: فلم تدروا ما الجواب؟ فقلت لها: لا، فقالت: ليس خير
للمرأة من أن لا ترى رجلا ولا يراها، فلما كان العشي جلسنا إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم، فقلت له: يا رسول الله، إنك سألتنا عن مسألة فلم نجبك فيها، قال: فقلت
له: ليس للمرأة شيء خير من أن لا ترى رجلا ولا يراها، فقال: ومن قال ذلك؟ فقلت: فاطمة
عليها السلام، فقال: صدقت، إنها بضعة مني. هذا حديث غريب من حديث الحسن البصري عن
علي عن فاطمة عليهما السلام، تفرد به أبو بلال الأشعري عن قيس، بهذا الإسناد
وهذا حديث باطل مكذوب في سنده عمرو بن
عبيد المعتزلي الكذاب فلا يجوز ذكره إلا لبيان علته
5_ قال الترمذي في جامعه 2211 – حَدَّثَنَا
عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الوَاسِطِيُّ، عَنْ
المُسْتَلِمِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ رُمَيْحٍ الجُذَامِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا اتُّخِذَ
الفَيْءُ دُوَلًا، وَالأَمَانَةُ مَغْنَمًا، وَالزَّكَاةُ مَغْرَمًا، وَتُعُلِّمَ
لِغَيْرِ الدِّينِ، وَأَطَاعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ، وَعَقَّ أُمَّهُ، وَأَدْنَى
صَدِيقَهُ، وَأَقْصَى أَبَاهُ، وَظَهَرَتِ الأَصْوَاتُ فِي المَسَاجِدِ، وَسَادَ
القَبِيلَةَ فَاسِقُهُمْ، وَكَانَ زَعِيمُ القَوْمِ أَرْذَلَهُمْ، وَأُكْرِمَ
الرَّجُلُ مَخَافَةَ شَرِّهِ، وَظَهَرَتِ القَيْنَاتُ وَالمَعَازِفُ، وَشُرِبَتِ
الخُمُورُ، وَلَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَوَّلَهَا، فَلْيَرْتَقِبُوا عِنْدَ
ذَلِكَ رِيحًا حَمْرَاءَ، وَزَلْزَلَةً وَخَسْفًا وَمَسْخًا وَقَذْفًا وَآيَاتٍ
تَتَابَعُ كَنِظَامٍ بَالٍ قُطِعَ سِلْكُهُ فَتَتَابَعَ» : وَفِي البَابِ عَنْ
عَلِيٍّ وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الوَجْهِ
فهذا الحديث ضعفه الترمذي كما ترى ورميح
مجهول وانفراده عن أبي هريرة من دون أصحابه بهذا الخبر محل نكارة
وقال الترمذي أيضاً 2210 – حَدَّثَنَا
صَالِحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التِّرْمِذِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الفَرَجُ بْنُ
فَضَالَةَ أَبُو فَضَالَةَ الشَّامِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا فَعَلَتْ أُمَّتِي
خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً حَلَّ بِهَا البَلَاءُ» فَقِيلَ: وَمَا هُنَّ يَا
رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِذَا كَانَ المَغْنَمُ دُوَلًا، وَالأَمَانَةُ
مَغْنَمًا، وَالزَّكَاةُ مَغْرَمًا، وَأَطَاعَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ، وَعَقَّ
أُمَّهُ، وَبَرَّ صَدِيقَهُ، وَجَفَا أَبَاهُ، وَارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ فِي
المَسَاجِدِ، وَكَانَ زَعِيمُ القَوْمِ أَرْذَلَهُمْ، وَأُكْرِمَ الرَّجُلُ مَخَافَةَ
شَرِّهِ، وَشُرِبَتِ الخُمُورُ، وَلُبِسَ الحَرِيرُ، وَاتُّخِذَتِ القَيْنَاتُ
وَالمَعَازِفُ، وَلَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَوَّلَهَا، فَلْيَرْتَقِبُوا
عِنْدَ ذَلِكَ رِيحًا حَمْرَاءَ أَوْ خَسْفًا وَمَسْخًا» : هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ
لَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إِلَّا مِنْ هَذَا
الوَجْهِ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ
الأَنْصَارِيِّ غَيْرَ الفَرَجِ بْنِ فَضَالَةَ وَالفَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ قَدْ
تَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضُ أَهْلِ الحَدِيثِ وَضَعَّفَهُ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ،
وَقَدْ رَوَاهُ عَنْهُ وَكِيعٌ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الأَئِمَّةِ
وهذا منكر الفرج بن فضاله نصوا على أن له
عن يحيى بن سعيد مناكير
فلا يجوز لأحد أن يذكر هذا الخبر دون بيان
تضعيف الترمذي له فإنه لم يخرجه ويسكت بل خرجه وضعفه
6_ قال ابن أبي شيبة في مصنفه 2057- حَدَّثَنَا
وَكِيعٌ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الْمَدَنِيِّ قَالَ : خَصْلَتَانِ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكِلْهُمَا إِلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِهِ ، كَانَ
يُنَاوِلُ الْمِسْكِينَ بِيَدِهِ ، وَيَضَعُ الطَّهُورَ مِنَ اللَّيْلِ
وَيُخَمِّرُهُ
موسى بن عبيدة متروك والعباس ما عرفته وإن
كان تابعياً فهو تابعي صغير وقد اشترط أهل العلم للاعتضاد بمرسل التابعي أن يكون
كبيراً وأن يصح المرسل له وأن يكون ثقة في نفسه وليس شيء من هذه الشروط موجوداً
فمثل هذا الخبر ذكره بين العامة لا يجوز إلا مع بيان درجته
7_ قال ابن مسعود :”إنكم اليوم في زمان العمل فيه خير من كثير من العلم، وسيأتي على الناس زمان العلم فيه خير من كثير من العمل “
وهذا الأثر لا أصل له عن ابن مسعود وقد رأيت من خطب فيه خطبة كاملة والله المستعان
وفي هذا المقام يقال أن في الصحيح وما
يقاربه الكفاية
كتبت هذا الكلام نصيحة لقوم معينين وعسى
أن يكون في ذلك منفعة لعموم المسلمين ، وسلامة الاعتقاد وسلامة المنهج ما ينبغي أن
تكون سبباً لحصول العجب للمرء وعدم مبالاته بكل ما دون ذلك ، فإن الحي لا تؤمن
عليه الفتنة، ووعيد الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم يدخل النار كما أن وعيد البدعة يدخل النار أيضاً
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم