قال سيد قطب في الظلال في تفسير سورة المائدة
:” إن كل النصوص القرآنية والنبوية التي ورد فيها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
كانت تتحدث عن واجب المسلم في مجتمع مسلم . مجتمع يعترف ابتداء بسلطان الله , ويتحاكم
إلى شريعته , مهما وجد فيه من طغيان الحكم , في بعض الأحيان , ومن شيوع الإثم في بعض
الأحيان . . وهكذا نجد في قول الرسول [ ص ]:” أفضل الجهاد كلمة حق عند إمام جائر
” . . فهو “إمام” ولا يكون إماما حتى يعترف ابتداء بسلطان الله ; وبتحكيم
شريعته . فالذي لا يحكم شريعة الله لا يقال له:”إمام” إنما يقول عنه الله
– سبحانه – (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)”
أقول : ظاهر كلام سيد أن كل من يدخل في عموم قوله تعالى ( ومن لم يحكم
بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) لا يسمى إماماً
ولا شك أن أئمة الجور يدخلون في عموم هذه الآية فهو لا يكون جائراً وحاكماً
بما أنزل في الله في آن واحد في عين المسألة !
وعلى هذا أئمة الجور على مذهب سيد لا يجوز أن يسموا ( أئمة ) لأنهم داخلون
في قوله تعالى ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) والذي يفهم منه سيد
الكفر الأكبر
ويشكل على قول سيد بل ينقضه تماماً قول النبي صلى الله عليه وسلم الذي
أورده هو نفسه وما شعر أنه ينقض عليه ( كلمة حق عند إمام جائر ) فسماه إماماً على الرغم
من كونه جائراً ولا شك أنه يحكم بغير ما أنزل الله
لا أقول هذا تهويناً من شأن كبيرة الحكم بغير ما أنزل الله ، فإن إثمها
عظيم وإذا فقراء المهاجرين يدخلون قبل أغنيائهم بأربعين عاماً فكيف برجل جمع بين الغنى
والملك وفجر وفسق وحكم بغير ما أنزل الله
وكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالذي يحكم عشرة يسأل عن عشرة والذي يحكم
ألفاً يسأل عن ألف والذي يحكم مليوناً يسأل عن مليون وهكذا ، فتأمل في اليوم يفر المرء
من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه ، يأتي هذا ليسأل عن مليون نفس ! ، فما أشد الأمر
عليه خصوصاً إذا كان يحكم بغير ما أنزل الله
وأما من كان حكمه بغير ما أنزل الله ناشيء عن اعتقاد الديمقراطية أو العلمانية أو الشيوعية أو إظهار اعتقادها وإن لم يعتقدها باطناً فهذا أمره أطم وأطم
وإنما أردت بهذا التنبيه على هذا الغلو ، وعلى توسع هذا الرجل في الكلام
بالرأي ، وقد اتخذه الجهلة إماماً يصدرون عن قوله وسببوا لذلك من الفتن والقلاقل ما
الله به عليم في بلاد الإسلام ، وآذوا أهل السنة أذية عظيمة من أجله
وقد تبع سيد على هذا الكلام الباطل ظله السوري علي نايف الشحود في رسالته
التي صنفها في الولاء والبراء
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم