الملك العادل الذي كان أطول ملوك الإسلام عمرًا في الملك

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

الملك العادل الذي كان أطول ملوك الإسلام عمرًا في الملك

قال الذهبي في تاريخ الإسلام (12/164) ط دار الغراب الإسلامي: “326 – نصر بن خلف، السلطان أبو الفضل، [المتوفى: 559 هـ]
صاحب سجستان.
قال ابن الأثير: عمر مائة سنة، وتملك ثمانين سنة.
قلت: لا أعلم أحدا في الإسلام بقي ملكا هذه المدة سوى هذا، وبعده ملك ابنه شمس الدين أبو الفتح أحمد بن نصر.
قال: وكان أبو الفضل ملكا عادلا، عفيفا عن رعيته، وله آثار حسنة في نصرة السلطان سنجر في غير موقف.
توفي في سنة تسع هذه
“.

أقول: رحم الله هذا السلطان الذي حكم ثمانين عامًا (وهذه مدة حكم الأمويين جميعًا) وما ذُكِر عنه إلا العدل.

لا يوجد عنه في كتب التواريخ إلا هذه السطور القليلة مع أنه حكم كل هذه المدة التي لم تتفق لأحد غيره في تاريخ الإسلام، غير أن تفاصيلها عند رب العالمين، كل شخص وصله حقه وكل شخص أمكنه ظلمه وعفَّ عن ذلك، كل ذلك عند رب العالمين.

ولعل السبب في عدم ذكر التفاصيل أنه لم يكن حاكمًا لجميع المسلمين وإنما كان حاكمًا على إقليم معين أراد الله بأهله خيرًا فرزقهم ملكًا عادلًا يحكم فيهم طوال هذه المدة التي يعيش ويموت فيها أكثرهم، فكم من واحد منهم عاش ومات وما رأى جورًا، وتلك منة قلَّما تتفق لأحد، نسأل الله عز وجل من فضله.

تفكرت في حال هذا الإنسان وكيف أنه مع هذا العمر الطويل والسيرة الحسنة وقد كان على صفة يستحق بها ظل عرش الرحمن إن صلحت نيته ومع ذلك لا يعرفه أكثر الناس في زماننا وعموم الأزمنة المتأخرة وذكره في التواريخ قليل..

وقلت سبحان الله، إذا كان الأنبياء والرسل وهم خير الخلق فيهم من لم يقصوا علينا فلا نعرف تفاصيل أحوالهم ومع ذلك سنراهم يوم القيامة وهم خير الخلق.

قال تعالى: {ورسلًا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلًا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليمًا} [النساء]

فلا تلازم بين الأجر وعلو الذكر.

وهذه السطور القليلة خير من شهرة تنكشف فيها الأسرار وتُذكَر ذنوب السر وربما تُذكَر حتى حرم الرجل كما حصل لعدد من الملوك ممن تناولتهم ألسنة المؤرخين والأدباء.