
روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة، قال: “جاء رجل إلى النبي ﷺ، فقال: إني تزوجت امرأة من الأنصار، فقال له النبي ﷺ: هل نظرت إليها؟
فإن في عيون الأنصار شيئا قال: قد نظرت إليها، قال: على كم تزوجتها؟
قال: على أربع أواق، فقال له النبي ﷺ: على أربع أواق؟
كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل، ما عندنا ما نعطيك، ولكن عسى أن نبعثك في بعث تصيب منه، قال: فبعث بعثا إلى بني عبس بعث ذلك الرجل فيهم”.
فالنبي ﷺ يعاتب الرجل على أربع أواقٍ فقط، ويقول: «كأنما تنحتون الفضة من عرض الجبل» فكيف يكون الأصل آلاف الأواقي؟! وعتابه لهذا الرجل لأنه اضطر للسؤال بسبب هذا المهر الذي التزمه، وكان أقدر على ما هو أهون منه.
روى الترمذي في جامعه عن عمر بن الخطاب، قال: “ألا لا تغالوا صدقة النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها نبي الله ﷺ ما علمت رسول الله ﷺ نكح شيئا من نسائه ولا أنكح شيئا من بناته على أكثر من ثنتي عشرة أوقية”.
قال شيخ الإسلام كما في «مجموع الفتاوى» [32/192]: “وقال أبو سلمة: قلت لعائشة: كم كان صداق رسول الله ﷺ؟ قالت: كان صداقه لأزواجه ثنتي عشرة أوقية ونشًّا. قالت أتدري ما النَّشُّ؟ قلت: لا قالت: نصف أوقية: فذلك خمسمائة درهم} رواه مسلم في صحيحه وقد تقدم عن عمر أن صداق بنات رسول الله ﷺ كان نحوا من ذلك فمن دعته نفسه إلى أن يزيد صداق ابنته على صداق بنات رسول الله ﷺ اللواتي هن خير خلق الله في كل فضيلة وهن أفضل نساء العالمين في كل صفة: فهو جاهل أحمق. وكذلك صداق أمهات المؤمنين. وهذا مع القدرة واليسار فأما الفقير ونحوه فلا ينبغي له أن يُصدِق المرأة إلا ما يقدِر على وفائه من غير مشقة”.
وهذا يعادل ١٤٦٠ ريالاً تقريباً، ولا أحسب الناس يقبلون بهذا اليوم؛ ولكن المقصود ترك المغالاة والغلو في الكماليات، خصوصاً في أزمنة الفتن، مع إعطاء المرأة حقها، والعفاف والسكن الحاصل بين الزوجين لا يُقدَّر بثمن، وطِيب المعشر لا يُشترى بالمال وإنما بحسن الخلق وطيب الكلام، وستبقى هذه المرأة معه طوال العمر -إن أراد الله- تنتفع بما في يده من المال.
والعجيب أنه إذا ذُكر التعدد قالوا: ليساعد العزاب بهذا المال!
وكأنهم يهتمون لأمر العزاب الفقراء، وقد صار العرف مقيِّداً لكثير منهم عن الحلال.
والمال الذي يُنفق في كماليات ومظاهر يُحتاج إليه إذا ما صار الرجل والمرأة تحت سقف واحد وواجَها صعوبات الحياة.
صدق الله تعالى: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم} [النساء].
وهذا الأمر كله وهذه النفقات كلها، ثم يقال: (الحياة مشاركة وتفاهم) لإسقاط قوامة الرجل والتزام أمره بالمعروف.
فهو قوَّام يُنفق وليس قوَّاماً يأمر.
قسمة ضيزى جاءت باحتقانٍ هدم بيوتاً كثيرة، وسيبقى يهدم حتى يُتدارك الوضع، وتلك الأموال تذهب ويذهب معها أمور أخرى.