تعليق على قول المستشرق إميل

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

يقول المستشرق إميل درمنغم في كتابه حياة محمد ص330: (وما أكثر ما في القرآن والحديث من الأمر بالتسامح، وما أكثر عمل فاتحي الإسلام بذلك، ولم يروِ التاريخ أن المسلمين قتلوا شعبًا، وما دخول الناس أفواجًا في الإسلام إلا عن رغبة فيه)

أقول : هو هنا يقارن مقارنة خفية بين صنيع النصارى في تنصير الأفارقة والسكان الأصليين في أمريكا واستراليا وما فعله قسطنطين حيث قتل كل من ليس نصرانياً وما فعلوه في أسبانيا مع المسلمين

وليس معنى هذا أن يعامل غير المسلم معاملة المسلم من كل وجه وإنما المقصود عدم إجبار الناس تحت تهديد السيف على الإسلام كما حصل في الأمثلة السابقة في النصرانية ثم لا يستحون من إلصاق الأمر بالإسلام

ويقول ” غوستاف لوبون في كتابه حضارة العرب ص134 “: (لم تقلَّ براعة الخلفاء الراشدين السياسية عن براعتهم الحربية التي اكتسبوها على عجل، فقد اتصلوا منذ الوقائع الأولى بسكان البلاد المجاورة الأصليين الذين كان يبغِي عليهم قاهروهم منذ قرون كثيرة. . . فكانت الطريق التي يجب على الخلفاء أن يسلكوها واضحة، فعرفوا كيف يحجمون عن حمل أحد بالقوة على ترك دينه، وعرفوا كيف يبتعدون – خلافا لمزاعم الكثيرين – عن إعمال السيف فيمن لم يُسلم)

وقد عبرت المستشرقة الإيطالية ” لورافيشيا فاغليري ” عن ذلك بقولها: في كتاب دفاع عن الإسلام ص22 (لا يزال العقل البشري يقف ذاهلاً دون اكتشاف القوى السّريّة التي مكنت جماعة من المحاربين الجفاة من الانتصار على شعوب متفوقة عليها تفوقًا كبيرًا في الحضارة، والثروة، والخبرة، والقدرة على شن الحرب. ومن أدعى الأمور إلى الدهشة أن نلاحظ كيف استطاع أولئك الناس أن يحتلوا تلك المناطق كلها)
أقول : كلامها سليم غاية والأمر فعلاً كان آية من آيات الله تبارك وتعالى وليس معنى ما أشاروا إليه أن دعوة غير المسلمين لم تكن من أولوليات الخلافة ولكن بالترغيب والترهيب دون إكراه محض ودعوى بعض الجهلة أن الجزية هي سبب إسلام أولئك الناس سخيف غاية لأن الجزية كانت يراعى فيها مقدرة الإنسان ولا تؤخذ من النساء فترك الإنسان لعقيدته التي هو مستيقن بها من أجل مبلغ مالي يقدر عليه لينتقل لدين أيضاً فيه التزامات مالية ربما تكون أعظم مع التزام بالجهاد بالنسبة للرجال عمل لا يقدم عاقل أو شخص مستيقن بما هو عليه أصلاً والنصارى في عامة كتاباتهم يفخرون بثباتهم في زمن الاستضعاف أمام الوثنيين ويؤرخون لمن يسمونهم شهداء لمن قتلوا بسببهم اعتقادهم في المسيح في زمن تسلط الوثنيين عليهم

,وتقول أيضاً في ص40: (كيف نفسر مواصلة الإسلام – على الرغم من الحرية الدينية الممنوحة في البلدان الإسلامية للمواطنين غير المسلمين، ومن فقدان أيما منظمة تبشيرية حقيقة – تقدُّمه الحثيث في آسية وأفريقية في وجه الانحطاط العام الذي أصاب الفكرة الدينية في السنوات الأخيرة؟ إن أحدا لا يستطيع اليوم أن يزعم أن سيف الفاتح هو الذي يُمهد السبيل أمام الإسلام، على العكس، ففي الأصقاع التي كانت في يوم من الأيام دولا إسلامية، تولت مقاليد السلطة حكومات جديدة تنتسب إلى أديان أخرى، وعملت في أوساط المسلمين طوال فترات عديدة منظمات تبشيرية قوية، ومع ذلك فإن الحكومات وتلك المنظمات لم توفق إلى زحزحة الإسلام وإقصائه عن حياة الشعوب الإسلامية. أي قوة عجيبة تكمن في هذا الدين؟)

أقول : هذه النقولات من منطلق الإلزام وإلا عامة المستشرقين حتى من يقال عنهم من المنصفين لا يفهمون الإسلام فهماً جيداً ولا يدركون محاسنه وتفاصيل كلام الفقهاء إدراكاً يصل إلى الدرجة المتوسطة لأن غالب انطباعاتهم يأخذونها من الحدث التاريخي فحسب مع العجمة ولكن أذكر هذا لبيان أن هناك حقائق لا يقف قبالها إلا مكابر لوضوحها غاية