قال محمد بن أبي بكر المرعشي الشهير بساجقلي زاده (المتوفى: 1145 هـ)في ترتيب العلوم : وأما تعلم اللغة الفارسية:
فلابد منه، إذ لا يخلو أكثر كتب الفتاوى عن التعبير عن بعض المسائل باللغة الفارسية، خصوصاً في باب ألفاظ الردة والطلاق. وقد ألف بها كثير من الكتب النافعة، فلا شك في استحباب تعلمها، لكن ليحذر الطالب عن الخوض فيها، إذ يجر ذلك إلي نظم الأشعار السخيفة والتلهي عن العلوم النافعة، وغاية ذلك موالاة السفهاء والظلمة ورقة الديانة.
أقول : هذا الكلام متعلق بعصره وفيه درجة من الانضباط ويمكننا تنزيل بعضه اليوم على بعض ما نراه في تعلم اللغات الأجنبية خصوصاً الإنجليزية فإن في تعلمها منافع لا تنكر في عدد من العلوم الدنيوية إذ هي لغة الخطاب العالمية اليوم ولكن الاهتمام بإتقانها أكثر من اللغة الأصلية وهي العربية والاقبال عليها بالكلية أو شبه الكلية حتى يشتغل بفضولها وبالفضول الزائد من أحوال أهلها مع فقر الحظ من العلوم الشرعية الأساسية فهذا أحد أهم أسباب فساد الذوق والفطرة
وفي عدد من البلدان ذات النظام النصف علماني في التعليم كالكويت مثلاً تجد حصص اللغة الإنجليزية أكثر من حصص التربية الإسلامية في بعض المراحل وكأنها من فروض من الأعيان وتوازي حصص اللغة العربية في العدد مع أن حاجة المتلقي لها غير متعينة فقد يتخصص لاحقاً بتخصص لا يحتاج به إليها
وقد رأينا بعض من ذهب تركيا أو أوكرانيا وتعلم لغة أهلها في وقت يسير ولم يدرسها في حياته ومن الناس من تعلم اللغة الأجنبية في دورات متخصصة لأشهر يسيرة فهذا الحرص العجيب على تعليم اللغة الإنجليزية حتى تلقينها للأطفال في الابتدائية أمر مبالغ به وعادة الناس أنهم لا يعلمون اللغة الأجنبية إلا بعد استقرار اللغة الأصلية وأما تعلم لغتين معاً في مسارين متوازيين كل واحدة بقواعدها وطريقة خطابها ، فهذا أمر مجهد غاية